لبنان من وصاية سورية إلى وصاية إيرانية؟

علي حمادة

هل صحيح أن لبنان دخل عصر الوصاية الإيرانية التي تخلف وصاية سورية دامت أكثر من ثلاثة عقود؟ غالب الظن أن سيطرة إيران على لبنان صارت حقيقة راسخة، بواسطة ذراعها الامنية – العسكرية المحلية “حزب الله”. والأهم أن الوصاية بأيد لبنانية تترسخ يوما بعد يوم بفعل ظهور عوامل استسلام وخضوع من مجمل القوى الاستقلالية التي قاومت على مدى عقد كامل السلاح غير الشرعي، ومنطق الدويلة داخل الدولة. ويتضح الامر أكثر ما يتضح من خلال مشهد الاستحقاق الرئاسي، ووصول القوى الكبرى الاستقلالية الى القبول بأن يقتصر الترشيح على منصب رئاسة الجمهورية ضمن فريق ٨ آذار الذي يقوده “حزب الله”، مما أطاح إمكان ترشيح أحد من الفريق الاستقلالي، أو حتى من الشخصيات الوسطية المستقلة.

اقرأ أيضًا: كارول معلوف لجنوبية: نادمة على عرض مقابلة أسيري حزب الله في MTV

المشكلة لا تقتصر على ترشيح شخصيتين من قوى ٨ آذار، بل تكمن في كون المرشحين، على الرغم من مكانتهما وحجمهما التمثيلي، يعتبران جزءا من التحالف الذي يقوده “حزب الله” بقوة وحزم، ولا تبدو لهما قدرة فعلية على نقض خيارات الحزب الكبرى محليا او اقليميا، لا اليوم ولا في المدى الأبعد. بهذا المعنى فإن هوامشهما، واستقلاليتهما شبه معدومة. والسؤال: ما الذي يجبر القوى الاستقلالية على تقديم هذه الهدية المجانية لـ”حزب الله” الدويلة، والجيش الموازي، والحالة المناقضة لمنطق الدولة؟ هل صحيح أن مشروع الاستقلاليين قد مُني بالهزيمة التي يتغنى بها قادة “حزب الله”؟ وهل وصول رئيس خارج من تحت “عباءة” السيد حسن نصرالله وحلفائه الإقليميين ينقذ الدولة ومشروعها، ويسهم في بناء دولة متوازنة قابلة للحياة؟ أم أن الرئيس المقبل الخارج من صفوف ٨ آذار سيكون لحظة الجد جزءا من رأس حربة لمشروع “حزب الله” داخليا وخارجيا، وبالتالي ربما نكون على موعد مع حرب أهلية مقبلة؟

إليكم مثلان يضيئان الفكرة:

– السياسة الخارجية: يمثل النموذج الذي يقدمه وزير الخارجية الحالي جبران باسيل، بتبعيته العمياء لمواقف “حزب الله” عينة مما يمكن أن تكونه السياسة الخارجية للبنان في عهد رئيس ينتمي الى فريق يقوده “حزب الله”.

– التفاهمات الداخلية: قال النائب سليمان فرنجيه قبل أيام إنه مستعد لتمزيق التفاهمات مع الرئيس سعد الحريري إذا لم يوافق عليها “حزب الله”، ووصف أمينه العام السيد حسن نصرالله بـ”سيد الكل”. هذا يفيد بأنه إذا صار رئيسا، ومدفوعا باقتناع فعلي وصادق بانتمائه الى فريق يقوده “حزب الله”، يمكن ان يطيح أي تعهد لحظة ينقلب عليه الحزب.
هذه عينة صغيرة جدا مما ينتظر لبنان في عصر هيمنة “حزب الله” والوصاية الايرانية!

إن إتمام الاستحقاق الرئاسي مهم، لا بل انه اولوية، ولكن هل يبرر هذا الاستسلام العملي لـ”حزب الله”؟
سؤال حقيقي يطرحه اليوم كثيرون في الوسط الاستقلالي!

(النهار)

السابق
عملية برية سعودية قريباً في سوريا؟
التالي
السيستاني يرفض أن يكون «ولي فقيه» العراق