مشاهدات ايرانية (2/3): أنتم اللبنانيون تسرقون أموالنا

في جولة ثانية من المشاهدات رصدنا بعض التفاصيل التي تؤكد العلاقة اللاسوية بين الإيراني والعربي وبين الإيراني واللبناني، اعتقادا منهم أننا نستغلّهم ونستفيد من أموال هم أحقّ بها..

تتميز مدينة “مشهد” المقدّسة بالنظافة التامة حيث بتنا كلبنانيين نهتم لهذا الأمر أكثر من ذي قبل بسبب وقوع بلادنا تحت نير أزمة نفايات حادة باتت معروفة للجميع. وبسبب ابتعادنا عن الوطن،  سألنا أحد الأحوازيين الإيرانيين عن جوّ المسيرات في بيروت، وهل لا زالت مستمرة!!!

إقرأ أيضاً: بعد إزالة شعار «الموت لأمريكا» من طهران هل يرتفع شعار «الموت للسعودية»؟

هذه النظافة غابت قليلا عن طهران سيّما عند مدخلها لجهة الشرق حيث البيوت الفقيرة ظاهرة للعيان.

وكما تتميّز مدينة مشهد بالنظافة، رغم الكثافة الهائلة في عدد البشر الذين يسيرون في شوارعها ليلا نهارا دون كلل أو ملل، ودون أي إعتبار للوقت، تجد ميزة إضافية لها وهي وجود النساء الى جانب الرجال في المقام المقدس، على العكس مما نجده عند المتدينيين الشيعة في لبنان والعراق وسوريا ودول الخليج أيضا. فالزوج والزوجة داخل الحرم يتسامرون رغم مظاهر التشدد الديني. كما شهدنا حالات إنفراد في مدينة اصفهان بين النساء والرجال علنا في الحدائق العامة.

لكن في مسألة لباس “التشادور” فانّه ممنوع على أية زائرة الدخول الى الحرم الّا اذا إرتدت التشادور الإيراني، حتى وان كانت ترتدي لباسا شرعيا محتشما. علما ان لابسات التشادور هناك لسن اكثر احتشاما من لابسات الزي الشرعي اللبناني، لكن يجبرن الزائرات على ذلك كنوع من تأكيد على الزي الإيراني الخاص المحتشم.

هذه المدينة العالميّة، التي يقصدها الشيعة من جميع بلدان العالم والتي تعيش على التجارة، تجد فيها أمرا مستغربا آخرا وهو قلة الترحيب او الإهتمام بالزوار او الضيوف من قبل أهلها وتجاّرها وبائعيها، ما خلا الأحوازيين العرب والعراقيين المقيمين في إيران، حيث كانوا ينادون علينا “أنت من لبنان..أهلا وسهلا.. نحن نحبّكم.. سلامنا الى حسن نصرالله”. الجميع أرسل السلام الى السيّد حسن نصرالله.

مشهد

وقلة التّرحيب هذه تدلّ على إزدرائهم للضيف العربي أو اللبناني، حتى أن أحد الإيرانيين- وهو يتناقش مع زائرة لبنانية- قال لها “أنتم تسرقون أموالنا”. دالا بذلك على الدعم المالي والعسكري الذي تقدّمه إيران الى حزب الله. متناسيّا أننا خدمنا إيران وضحّينا بأمننا في سبيل مصالحها الاستراتيجية، وما زلنا نضحي في سوريا من أجل ذلك بدمائنا وبدماء أبنائنا.

هذا اللاهتمام سببه – كما يفسره البعض- عدم محبّتهم للعرب ولأسباب تعود لأيام الحرب العراقيّة الإيرانيّة.

والمستغرب ان مدينة كمشهد تستقبل الوفود من جميع أنحاء العالم شرقا وغربا، تجد تجارها وناسها لا يتكلمون غير الفارسية كلغة، وهم يصرّون على التكلم بها.

ووصل إستهتار الإيرانيين بزوارهم ان إنتظرنا لأكثر من ثلاث ساعات في مطار طهران من أجل اتمام المعاملة عند الموظف الوحيد الذي تم فرزه للتصديق على وثيقة الخروج لعدد من الزوار يربو على 150 شخص، في حين تم تمرير عدد من الشبان، الواضح انهم ينتمون الى حزب الله، بشكل خاص أمام الجميع.

فهل يجب ان تكون علاقتنا كلبنانيين مع النظام الإيراني فقط من خلال حزب الله؟ وهل ندفع ثمن كره الإيرانيين لفئة من اللبنانيين تستفيد من أموالهم؟ وهل يحبنا الآخرون لأننا نمثّل جهة حزبية ما في لبنان؟

انها السياسة التي تدير كل شيئ هنا وهناك.

ولإيران ميزة، إذ أظهرت لنا جمال صغر مساحة لبنان الا وهي المساحات الشاسعة، فبين مدينتي مشهد وطهران مسافة مسير 12 ساعة في القطار. الا ان إيران تتميز بجمال حدائقها وكثرتها، اضافة الى عشق الإيرانيين للّون الأخضر، بعكس اللبنانيين الذين يعانون من إنعدام الجنائن في مدنهم على الأقل، بل العمل على تخريبها .

لكننا لاحظنا مظاهر فقر في طهران اكثر مما هو عليه الحال في مشهد، رغم انها عاصمة البلاد، وهي مساحةَ تُعد على مستوى مساحة لبنان كله تقريبا. ورغم انها تظهر للزائر انها تعيش جوّا أكثر انفتاحا الا انها تحتفظ بمقام الإمام الخميني في “بهشتي زهراء“، هذا المقام الذي يُضاهي مقامات الأئمة في جماله وتأثيثه وتوسعته…

وما يثير المرء هو ان كل المقامات والأضرحة التي زرناها كمرقد شاه عبد العظيم، ومراقد ابناء الإمام الرضا، ومرقد “هرثمة” أحد أصحاب الامام الرضا، ومرقد الشهداء في أعلى جبل الشهداء، وفاطمة المعصومة أخت الإمام، ومرقد أبا الصلت رفيق الإمام الرضا، وجدناها كلها تعج بالناس من الإيرانيين..

انها إيران الجميلة والمنظمة، لكنها غريبة، بل متناقضة بالحرية الممنوحة لنسائها على صعيد الانفتاح والعلاقات، بعكس ما هو علينا في لبنان. فدولة حزب الله المصغّرة لا تمثّل سوى النظام الإيراني او جهة محددة داخل النظام ربما!! 

السابق
ثلاثة مقاتلين جدد من حزب الله قضوا في الزبداني
التالي
جنبلاط غادر جلسة الحوار