«طبخة» ما بعد الأسد… إيران تريد الثمن؟

بعد مقتل أكثر من 250 ألف سوري وتهجير أكثر من 10 ملايين شخص وفي ظل موجة الارهاب المتنقلة في العالم العربي وامتداد النيران السورية إلى دول الجوار، وبعد اتفاق نووي تتمسك به إيران بأسنانها، اهتزّ رمش روسيا وشعرت أن الأزمة السورية يجب أن تحل قبل أن يأكل الارهاب “الأخضر واليابس”.

اتفقت كل التحليلات العربية والأجنبية على أن الطبّاخين جاهزون، خصوصاً إيران التي تريد اثبات نفسها كلاعب مشارك في تحقيق السلم، لكن الطبخة لا تزال غير ناضجة، وينقصها مكوّن واحد هو “مصير الأسد” وكيفية انهاء دوره، وبات واضحاً أن إيران تلعب وفق الخطة رقم واحد “ابقاء الأسد في المرحلة الانتقالية” قبل الانتقال إلى الخطة الثانية بايجاد سيناريو نهاية الأسد، أما روسيا فباتت مستعدة لمناقشة مصير هذا الرجل، ويمكن القول إن الجميع اتفق على عدم “تدمير المؤسسات السورية والاكتفاء بتغيير القيادة”، وكان ملاحظاً في خطاب وزير الخارجية السعودي عادل #الجبير اهتمام بلاده بعدم حلّ الجيش السوري بل ابقاؤه لمواجهة الارهاب.
ويعتبر المحلل السعودي الدكتور خالد الدخيل، في حديث مع “النهار” أن “كل التحركات تشير إلى أن نقطة الخلاف الرئيسية تتعلق بـ: كيف ينبغي أن يكون مستقبل الأسد؟ فهو العقدة الرئيسية وبما أن روسيا مستعدة للدخول في حوار حول مستقبل الأسد، فهذا مؤشر واضح على أن #الروس قادرون على ألا يكون للأسد دور في مستقبل سوريا، لكن السؤال: كيف؟”.

حراك من أجل الأزمة
لا تزال الصورة ضبابية. منهم من اعتبر أن المؤشرات السياسية وتطورات ما بعد الاتفاق النووي توحي أن نهاية الرئيس السوري بشار الأسد اقتربت، فيما اعتبر آخرون أن كل الأطراف لا تزال على موقفها وهناك خوف من تمدد #الارهاب فبدأت الدول تكشف عن مبادرات جديدة قبل فوات الأوان، وهذه جملة من المؤشرات التي أوحت بحركة جدية لانهاء الأزمة.

أولاً: دخول إيران كلاعب في حل الأزمة ضمن مبادرة من أربع نقاط لا تضمن مصير الأسد: وقف إطلاق النار، السيطرة على حدود سوريا عبر منع دخول المقاتلين الأجانب والسلاح إليها، فتح الأبواب أمام المساعدات، وانشاء حكومة انتقالية.

ثانياً: مبادرة روسية تجمع كل الأطراف الدولية لمواجهة “داعش” ضمن تحالف اقليمي واسع، يتواجد فيه الجيش السوري والأسد، ومحادثات أميركية – سعودية – روسية.

ثالثاً: زيارة رئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي المملوك إلى جدة وسماع المقترح #السعوديبانسحاب كل الميليشيات الداعمة للأسد من #سوريا مثل “حزب الله” والحرس الثوري الايراني مقابل وقف السعودية دعمها للمعارضة المسلحة وبالتالي تصبح الأزمة سورية – سورية. بالاضافة الى تشديد سعودي على أن لا مكان للاسد في المرحلة الانتقالية، فضلاً عن العتب الروسي خلف الكواليس على طريقة اعلان النظام السوري خبر اللقاء.

رابعاً: استعداد تركيا لفرض منطقة آمنة في سوريا تعيد إليها اللاجئين السوريين وتطرد منها “داعش” والأكراد، ومن أهدافها منع التقسيم وبدء محاربة الارهاب وضمان أمن الحدود التركية.

خامساً: الاعلان عن مصادقة مجلس الأمن على قرار بتحديد المسؤولين عن استخدام الكلور وأسلحة كيميائيّة في هجمات داخل سوريا، من دون أي فيتو روسي أو صيني، ومن الطبيعي أن يكون النظام السوري من المسؤولين عن ذلك إلى جانب “داعش”.

سادساً: استخدام أميركا القواعد الجوية التركية لاستهداف “داعش”.

سابعاً: غارات أميركية على “جبهة النصرة” بهدف حماية المعارضة السورية المعتدلة الممثلة بـ”الفرقة 30″، وتعتبر خطوة أولى من نوعها.

أما المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا فوفق تقريره الموجه إلى الأمم المتحدة، فهو ينتظر الفرصة المناسبة لاطلاق عجلات “#جنيف – 3″، فيما يحاول الأميركي أن يوجد الحلول قبل انتهاء ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما العام المقبل، متمسكاً بالوصول إلى موعد لانهاء حكم الأسد. ميدانياً، العمليات العسكرية مستمرة وباتت المعارضة تهدد عقر دار الأسد في الساحل السوري، وسط تأكيدات أنه مهما كسب الفريقان من أراضٍ فالحل لن يكون إلا سياسياً، وما يجري في الميدان محاولة لكسب أوراق قوة عند التفاوض.

روسيا منزعجة من النظام
الموقف الروسي أسس للتحرك حول مرحلة ما بعد الأسد، ويقول الدخيل: “إن الروس منزعجون جداً من الطريقة التي تعامل بها #النظام السوري مع زيارة المملوك إلى السعودية، وردد الرئيس الأميركي باراك أوباما أكثر من مرة أن هناك حلحلة في الموقف الروسي في شأن الأسد، وهناك اطراف كثيرة تقول أن الروس في وسط مرحلة استيعاب بأنه لم يعد هناك مستقبل للأسد وأن رفض مصلحة المنطقة من أجل شخص غير مقبول وغير عملي”.

ويضيف: “يدرك الروسي أن الأسد الرمز الأول لكل المجازر والدماء والدمار الذي حصل، ويدركون أن هناك اشكالية تتمحور حول: كيف يمكن تسويق الأسد للشعب السوري بعد كل ما حصل؟”، مشدداً على أنه “لا يمكن تسويق الأسد إلا في الضاحية الجنوبية وطهران، وهما ليستا دمشق أو حلب أو إدلب أو الشعب السوري وبالتالي إذا أخذنا هذه الاعتبارات وأن محور المفاوضات والخلاف هو مستقبل الاسد يعني أننا نتعامل مع سوريا ما بعد الأسد”.

الايراني يبحث عن الثمن
ماذا عن الموقف الايراني؟ يجيب: “الايراني في نهاية المطاف لا يريد أن يمضي الأسد، لكنه يعرف تماما أن هناك ما يشبه الاجماع العربي والدولي على أن الأسد انتهى ولديهم من الذكاء السياسي ما يكفي لادراك ذلك، وأن أي رئيس دولة يرتبط اسمه بمجازر ودماء ومهجرين ودمار من الصعب التسويق له”، معتبراً ان “ما يخدم الايرانيين فقط أو الذي يعطيهم وهم الامل هو الموقف الاميركي الذي لا يريد أن يتدخل لكنه يردد أن الاسد انتهى والاوروبي كذلك والشعب السوري والدول العربية أيضاً، وربما الايراني يريد الثمن مقابل ذلك فيضخم من حجم الأمور للحصول على تنازلات بالحجم الذي يريده”.

“الائتلاف” يرفض
نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض هشام مروة يلاحظ أن “المبادرتين الروسية والايرانية تعتمدان على الخطة الأولى في حل المشكلة بوجود #الأسد، وربما الخطة الثانية ستكون بسيناريوات أخرى قد توجد المخرج للأسد”، مضيفاً: “نحن سمعنا بالخطة الثانية لكن التصريحات الروسية متضاربة، منها ما يشدد على عدم تمسك موسكو بالأسد وأخرى تريد بقاء الأسد، لننتهيَ بخلاصة أن روسيا وإيران لم يتغيّر موقفهما من الأزمة في شكل جذري”.

رفض “الائتلاف” مبادرة روسيا، ويوضح مروة لـ”النهار” أن “طرح المبادرة يعني أن روسيا بدأت تشعر أن هناك خطراً قد يطال مصالحها الاستراتيجية في المنطقة فاتجهت نحو المبادرة خوفاً على الأمن القومي الروسي، ويريدون ان تقبل المعارضة بمكافحة الارهاب مع الأسد فرفضنا المبادرة لأنها تتعارض مع رؤيتنا للحل السياسي في سوريا ومكافحة الارهاب، كما ان بيان “جنيف – 1″ ينص على تشكيلة هيئة حكم تدير المرحلة الانتقالية ونرى أن هذه الهيئة هي القادرة على مكافحة الارهاب من جهة والتصدي لكل الاستحقاقات التي تبدأ بالاعمار والمصلحة الوطنية والاستقرار والسلم الأهلي، فضلا ًعن أننا لا نعتبر الأسد شريكاً في مكافحة الارهاب، بل ساهم بطريقة غير مباشرة في صناعته”. وانتقد المبادرة الايرانية التي “تنتهي بانتخابات نيابية ورئاسية مبكرة وكأن المسألة بدأت أمس واختلف الناس مع بعضهم وأخذوا يحضرون لانتخابات جديدة، أضف الى أنها لم تتطرق إلى الموقع الرئاسي أو مصير الأسد ما يعني أنها مع بقائه”.

(النهار)

السابق
هل انتفاضة العبادي زوبعة في فنجان؟
التالي
“حزب الله”: ولّى زمن “النصر الإلهي”!