الدراما اللبنانية: عشرة مواضيع محظورة

لو

حملت الألفية الثانية للدراما اللبنانية مسلسلات البطل الأوحد. عدّة عوامل ساهمت في تحوّل ما زال مثيراً للجدل حتى الآن. أهمّ تلك التحوّلات دخول العارضات وملكات الجمال عالم التمثيل، والأهمّ تكريس النصوص التي تلائمهن، وتلائم بالطبع قدراتهن التمثيلية، وتجعل منهن بطلات العمل، بغية حصد المزيد من الإعلانات التجارية لشركات الإنتاج.
ذلك التحوّل أدّى إلى فقدان أمور كثيرة، قد تكون بسيطة جداً، لكن يستحيل سلخها عن المجتمع اللبناني، إذا ما أردنا تجسيده فعلاً في الأعمال الدرامية.
نستعرض هنا تلك المواضيع أو النقاط الغائبة عن أغلب المسلسلات التي عُرضت في السنوات الخمس الأخيرة، لا سيما الرمضانية منها، بإيجاز شديد:

1- زحمة السير: رغم أنّ اللبناني يعاني يومياً من تلك المعضلة، لكنّ بطل أو بطلة المسلسل اللبناني لا يواجهان هذه المشكلة، ويسلكان طرقات جميلة أغلبها جبلية وفي مناطق بعيدة. يشاهد اللبناني تلك المسالك بحسرة، فيما يتذكّر معاناته اليومية على الطرقات. الدراما اللبنانية قد تزدحم بالجميلات والأزياء والاكسسوارات والهواتف الذكية، ولكن لا زحمة سير فيها.

2- المنقوشة: تعتبر “المناقيش” الفطور الصباحي الأكثر شعبية عند اللبناني، ولكنها تغيب عن مسلسلاته! لا يمكن أن نرى لاميتا فرنجية مع منقوشة زعتر مثلاً، أو منقوشة لحم بعجين مع حامض في يد ورد الخال، وذلك لأسباب غير معروفة حتى الآن.

3- التنظيف: يمكن أن تمرّ 30 حلقة أو 60 من مسلسل لبناني، ويظهر البطل/البطلة خلال تلك الحلقات في المنزل على المائدة أو على الكنبة الوثيرة أو في المطبخ، يعدّ النسكافيه بآلة القهوة أحياناً، لكن، خلال 30 حلقة لا نرى أحداً ينظف البيت! أغلب المشاهد تنحصر في العاملة داخل المنزل، لكن لم نرَ بطلة أو بطلاً يمسحان الزجاج أو ينظّفان الشرفة. الشرفة تحديداً تستعمل في أغلب الوقت لسقي الورود. ولا نعلم لماذا يهتمّ الكاتب بريّ الورود، فيرمي المهمّة على عاتق البطل؟

4- الكهرباء: من المعلوم أنّ في لبنان أزمة كهرباء كبيرة. فالمدن تشهد بين 3 إلى 6 ساعات انقطاعا للكهرباء يومياً، فيما تشهد القرى انقطاعاً يصل إلى 12 ساعة. لكن الكهرباء في الدراما اللبنانية متوفرة بكرم وسخاء! متوفرة بشكل يثير غيرة المشاهدين (وحقد بعضهم) أو على الأقلّ تحث المشاهد على سؤال كبير: من وين اخدين كهربا بالمسلسل؟

5- المدرسة: معظم أطفال المسلسلات يدرسون في مدارس خاصة. حتى إنها مدارس ذات رفاهية كبيرة. تلك المدارس تكاد تحصى على أصابع اليد في لبنان نظراً لغلاء أقساطها. وحدهم أبناء أبطال المسلسلات اللبنانية لا يمرّون على المدارس الرسمية التي يدرس فيها أكثر من 40 بالمائة من طلاب لبنان. ربما يعود ذلك إلى وضع البطل أو البطلة المفترضة في المسلسل وذاك أمر آخر..

6- الوضع المادي: تعيش أغلب بطلات المسلسلات اللبنانية في فيلات مجهّزة بأفخم الأثاث. قد تكون عائلاتهم متوسّطة الحال، لكن ميريام فارس وهيفا وسيرين عبدالنور ويوسف الخال ومازن معضم.. أصحاب أملاك وسيارات فارهة وأرصدة.. إنهم يعيشون في كوكب آخر! أو باقل تقدير لا يمتون بصلة للأغلبية اللبنانية المسحوقة التي تشكّل أكثر من 80 بالمائة من العوام. ذلك مردّه لأصحاب الإعلانات من غاليرهات للمفروشات وغيرهم.. البطل اللبناني لا يجوع!

7- العرق: يمكن أن نعتبر أنّ أبطال وبطلات المسلسل اللبناني هم المخلوقات البشرية الوحيدة التي لا يسيل منها العرق. تلحظ الدراما السورية والمصرية في أغلبها عامل الطقس حيناً أو مجهوداً ما لأحدهم، حيث من الطبيعي أن ترى على وجه الممثل عرقاً يسيل من جبينه. لبنانياً لا يمكن لذلك أن يحدث إطلاقاً. لا يتعرّض البطل أو البطلة للشمس، يبذلون مجهوداً رياضياً أو حتى بدنياً فلا ينزل منهم العرق. ربما نرى بعض المياه على قميص الممثلة كدليل عن العرق، أما في وجهها فيغيب ذلك تماماً. حتى إنّ العرق يغيب بعد انتهاء أي مشهد يوحي بلقطة حميمة. بطلات وأبطال الدراما اللبنانية يركضون ويصرخون ويتنزهون ويمارسون الجنس من دون أن يتساقط منهم العرق.

8- الشكل: قد لا تكون عبلة كامل أو ماجدة زكي أو شكران مرتجى أو منى واصف آيات في الجمال، لكنهن بالطبع نجمات من الصنف النادر في التمثيل. لبنانياً لا يمكن لذلك أن يحدث، فالمعايير مختلفة تماماً. البطلات هن الجميلات فقط، أما التمثيل فهو في المرتبة الثانية. كأنّ الأحداث لا تدور في الحياة على غيرهن أو غير الأبطال ذوي العيون الملونة والإطلالات الجذابة. وقعت الدراما اللبنانية في فخ الشكل وأوقعت معها سوريين ومصريين. الشكل أولاً وأخيراً، وكأنّ الحبّ أو القصص لا تحدث لبشر أعطاهم الله وجهاً عادياً متواضع الجمال. خريجو معاهد التمثيل ليسوا جميعهم “ملوك وملكات جمال”، لذلك علينا انتظار مسابقة من هذا النوع لنعرف بطلة المسلسلات القادمة. لكم في يحيى الفخراني مثلٌ، فهو ليس بالتأكيد يوسف الخال. لكن مع كامل التقدير للأخير، فإنّ كان الأمر يتعلّق بالعيون الملوّنة، فإن للفخراني عينين ملوّنتين أيضاً.

9- النوم: ينام بطل أو بطلة المسلسل اللبناني بهدوء، قليلون من يصدرون أصواتاً كالشخير. يستيقظون بشكل جميل ومهندم، ربما السبب هو الوجه “الفوتوجنيك”، لكنّهم ليسوا بحاجة أن يغسلوا وجهوهم!
إنهن “أميرات الغابة النائمات” كما في الأسطورة، وفي بعض المشاهد تظهر البطلات النائمات أجمل مما هن عليه خلال صحوهنّ.

10- الرياضة: تعتبر كرة القدم في لبنان، كما في العالم، الأكثر شعبية. في لبنان يلعب أبطال المسلسلات التنس، الغولف، طبعاً في نادي الجيم والأيروبيك والبليار. أيّ رياضة أخرى من شأنها المحافظة على وسامة البطل مستحبة في الدراما اللبناية. أبطال الدراما اللبنانية لا يهرولون خلف كرة، حتى كرة السلّة نادرة الحضور، ربما لأنّهم أبطال يخشون السقوط في مشاهد كهذه!

العربي الجديد

السابق
الوطني لثورة الارز:الوضع السياسي المأزوم يتهدد الدولة بجميع مؤسساتها
التالي
قتلت اطفالها.. ووضعت جثثهم في الثلاجة!