تيمور «زعيماً للمختارة» برعاية «البيك».. تقليد وتغيير وبراغماتية

لم تكن الصورة في قصر المختارة السبت الماضي اعتيادية. لم يكن “البيك” وليد جنبلاط على كرسيه. هو بخير لكن “عهداً تيموريا” بدأ، وتيمور على كرسي والده، يحمل قلم وورقة. يستمع إلى هموم الناس. لا يقاطع، يسجل ويجيب على زوار تميزوا هذه المرة بالعنصر الشبابي. النائب جنبلاط لم يكن حاضراً، لكن رفاقه حاضرون: الوزيران اكرم شهيب ووائل ابو فاعور، والنواب: نعمة طعمة، مروان حمادة، فؤاد السعد، علاء الدين ترو، ايلي عون، والنائب السابق أيمن شقير، وإلى جانبهم مساعدي تيمور “الشبان”.
لم يكن امتحاناً، ووجود تيمور في مثل هذه اللقاءات ليس جديداً، فهو منذ سنتين يواظب على التواجد مع والده في مثل هذه المناسبات. والنائب مروان حمادة كان في القصر السبت الماضي ليشد على يده، وكان أيضاً يوم ولادة تيمور في العام 1982، ولا ينسى يوم أمّن حمادة انتقال تيمور ابن الشهرين إلى عمان، ويقول لـ”النهار”: “عندما حصل الاجتياح الاسرائيلي أمّنت انتقال تيمور تحت القصف، وذلك قبل ساعات قليلة من انقلاب ضهر البيدر. ومن مجدل بعنا قمت بتأمين ارساله إلى عمان عبر سوريا، وكان عمره شهرين وكان والده محاصراً في المختارة وأنا محاصر في بيروت (كان وزيرا في الحكومة)… حينها أرسلناه مع والدته ولم نكن متأكدين إذا سيصل إلى عمان أو لا”.
“تيمور لم يكن وليد جنبلاط السبت الماضي خلال استقباله الوفود وحده”، يقول حمادة ويضيف: “تيمور ورثَ عن أبيه أموراً كثيرة ولديه شيء من البساطة مثل أبيه، لكنه يتميّز بالنعومة التي كان لها التأثير الساحر على الناس، ولم يقتصر الأمر على الاستقبالات بل قام الأحد بـ 40 زيارة تعزية، وكل الخلفيات التي سمعناها كانت ايجابية”.
خلفية من ثلاثة عناصر
ماذا يجري، هل انتقلت الزعامة إلى تيمور؟ سؤال طرحه كثيرون، ويقرأ حمادة الاجابة في خلفية من ثلاثة عناصر، ويقول: “ما جرى ليس انتقالاً للسلطة التي لم تخرج من رعاية وليد جنبلاط وبدأ يمارس جزءاً منها تيمور”، والأحداث التي تبني خلفية الانتقال هي:
أولاً: الكتاب الذي صدر “الست نظيرة جنبلاط”، والذي يكشف تفاصيل تأمينها الانتقال من فؤاد (جد وليد) إلى كمال بيك.
ثانياً: فيلم “كمال جنبلاط الشاهد والشهادة” الذي يتحدث فيه عن تجربته في نقل المختارة من التقليد الجامد نسبياً لوالدته إلى التغيير.
ثالثاً: شهادة وليد جنبلاط أمام المحكمة الدولية، وهو الذي قدم خلفية لمرحلة كاملة، ليس في شأن اغتيال الرئيس رفيق الحريري فحسب، بل شهادة تبدأ من لحظة استلام جنبلاط بعد اغتيال والده عبوراً بكل المحطات الصعبة التي مررْنا فيها من حرب الجبل وغيرها إلى اليوم.
ويقول حمادة: “وكأن هناك رغبة لدى وليد جنبلاط وتقبل لدى تيمور بادخال هذا القسط من التقليد وهذا الحلم بالتغيير والبرغماتية (ثلاث عناصر)، إلى القرن الواحد والعشرين وأن يأخذ شيئاً من التقليد الذي تركته جدته والبراغماتية التي سيكتسبها مع الوقت ويبقي حلم كمال جنبلاط في التغيير”.

قصر الشعب وتيمور يسجّل
“دار المختارة كان وسيبقى قصراً للشعب”، هو أول ما كتب تيمور بعد تأديته دوره في قصر المختارة، حيث حضر أيضاً وزير الزراعة أكرم شهيب وشاهد “مظهر تيمور الشبابي”، فضلاً عن حضور الشباب في هذا اليوم في صورة “تدل على المستقبل”. لاحظ شهيب “لباقة تيمور وحسن استقباله الناس واعطاءهم الوقت الكافي للاستماع إلى مشاكلهم ومعه القلم والورقة لأخذ ملاحظات وحوله فريق واسع من مساعدي والده ومساعديه من أبناء جيله”.

ويشدد شهيب على أن “الاستقبالات لم تكن الأولى بالنسبة إلى تيمور، بل إنها المرة الأولى يكون فيها بمفرده على مقعد والده يستقبل الزوار الذين يأتون الى هذا البيت الوطني للاطلاع على الأوضاع أو لطلب حاجة أو بسبب الزعامة الجنبلاطية، كما أن القيام بواجب مواساة الناس في أحزانها او افراحها عملية مستمرة منذ سنوات”.
هل بدأت مؤشرات انتقال الزعامة؟ يجيب شهيب: “المختارة ستشهد مساراً طويلاً من الجد إلى الابن إلى الحفيد، وهي بيت مفتوح لكل الناس ولمساعدتهم ومثلما قال تيمور على “فايسبوك”: “المختارة ستبقى قرية للشعب”، وبالتالي وجوده بمفرده يعتبر مظهراً من مظاهر استلام دور اساسي في المختارة للتعاطي مع الناس وحل مشاكلهم”.
التوريث السياسي.. من يحمل الارث؟
كثيرون يتشوقون لوجود دم شبابي في أي زعامة، إلا أن البعض ينتقد “التوريث السياسي”، ويتفهم النائب حمادة ويقول: “أفهم الانتقاد لكن في الوقت نفسه هناك إرث لا يمكن تركه في الأرض، وليد استلمه بعد اغتيال أبيه وتيمور يرث جزءاً من الزعامة السياسية بفعل واقع سوسيولجي قائم في عميق الجذور في جبل لبنان والطائفة الدرزية، وهو انتقال ليس اصطناعياً بل فيه شيء طبيعي إلى حد السلاسة. وعما إذا كان تيمور بقدر الحمل أم لا؟ يجيب: “الأيام تثبت هذا الأمر، فهو ينطلق برأس مال من الانفتاح والطيبة ويشبه الجيل الجديد، بالطبع لن يكون أبيه، كما أن وليد لم يكن كمال ثانٍ”. ويؤكد أن “جنبلاط لا يزال رئيس الحزب التقدمي ويحاول ضخ دم جديد في الحزب، عبر معبر إلزامي هو منظمة الشباب التقدمي”.
فيما يشدد الوزير الشهيب على أن “المختارة بالنسبة إلى أهل الجبل  هي محجة للناس وموقع أمل ورجاء وثقة لهم ، والأمر ليس جديداً بل عبر التاريخ، كانت ولا تزال المختارة باباً مفتوحاً للجميع وبالتالي من الطبيعي أن يستمر تيمور بوجود والده وبتولي المسؤولية في هذا البيت الوطني”.
ألا يخاف على حياة تيمور؟ يجيب حمادة: “جميعنا نخاف على حياة أبنائنا وعلى وليد وتيمور وكل هذه العائلة، ووليد كان حريصاً ألا يبعد تيمور الذي كان أساساً في باريس، وقرار الاثنان عودته، وأعتقد أنهما يحسابان الامر جيداً”.
تيمور نائباً؟
كان من المفترض أن يكون تيمور مرشحاً نيابياً بدلاً من والده، لكن الانتخابات لم تجرِ بعد، فماذا عن الفرعية منها؟ يقول حمادة: “في شكل طبيعي، نعم، تيمور سيكون في النيابة بدلاً من والده، وهو أهل لذلك ويتأهل أيضاً، وأتوقع أن يكون تقبل الشوف رحباً للأمر”. يضيف: “لا نعلم إذا كانت ستحصل انتخابات فرعية، وكنا نأمل أن تحصل في أيار أو حزيران، لكن يبدو انها ابتعدت بسبب تأخر الانتخابات العامة من جهة وثانياً لشيء من خصوصية الانتخابات الفرعية التي تتعلق بـ:هل يجوز اجراءها من دون هيئة رقابة أم لا؟ أم نجعلها قابلة للطعن؟ ولا يزال الموضوع ضمن مرجعيتين، الأولى المرجع الدستوري ممثلاً بالمجلس الدستوري ورئاسته، والثانية تبنى على تقييم وزارة الداخلية لامكانية اجراء انتخابات”.

(النهار)

السابق
50% من اللاجئين السوريين يعملون في لبنان ولا مَن يراعي القوانين «العمل»
التالي
«داعش» يتوعد بـ «ساعة صفر» في روما.. والناتو قلق من وجود متطرفين وسط المهاجرين