أوباما يتجاهل رهان العراق على السلاح الأميركي

تدريب قوات "الحشد الوطني" تحضيرا لـ "عملية الموصل" بمشاركة ضباط أتراك، في معسكر جبل مقلوب قرب الموصل، أمس.("الأناضول")

أظهرت زيارة رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي إلى واشنطن التي بدأت، أمس، وتستمر حتى نهاية الأسبوع الحالي، مدى التركيز الأميركي على المسارات الداخلية العراقية، والعلاقة بين بغداد وطهران، في ظل محاولات التأثير المستمرة لواشنطن على القرار الأمني العراقي، وسير العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش».
وحاول العبادي التعويض عن الاعتراضات الأميركية التي تتركز حول عمل قوات «الحشد الشعبي» التي أثبتت فعالية في المعارك الأخيرة، بمحاولة طلب المزيد من المساعدات العسكرية خصوصا الطائرات دون طيار، ومروحيات «الأباتشي» التي تساهم في حال توفيرها برفع مستوى القدرات العسكرية العراقية في معارك المدن التي تخوضها.
ولكن الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يلحظ هذه المسألة خلال تصريحاته عقب لقائه العبادي في البيت الأبيض، أمس، كما أعلن الأخير في ما بعد عن عدم وجود «طلب محدد» من العبادي في هذا الشأن خلال المحادثات.

ونقل أوباما طرح المساعدات الأميركية للعراق إلى مستوى مختلف حيث أعلن عن تقديم مئتي مليون دولار أميركي «كمساعدات انسانية»، من أجل مساعدة النازحين، ما بدا كأنه مساعدة قليلة مقارنة مع ما كان يطمح إليه العبادي من مساعدات عسكرية ضخمة، بقروض مؤجلة الدفع أشارت تقديرات إلى أنها قد تصل إلى مليارات الدولارات.
وقال أوباما إن واشنطن تسهر على التأكد من أن القوات العراقية في موقع «يسمح لها» بإحراز تقدم على «داعش»، في إشارة إلى تردد واشنطن بتقديم المساعدات العسكرية التي يطلبها العراق.
وجاءت الخطوات التمهيدية التي بدأها العبادي قبيل زيارته إلى العاصمة الأميركية، من إجراء إقالات وتشكيلات داخل المؤسسة العسكرية العراقية، حتى محاولات إظهار مدى تأثيره على فصائل «الحشد الشعبي» التي تتهمها واشنطن بـ «الولاء لإيران»، من خلال تشريعها وتحويلها إلى مؤسسة رسمية تتبع القائد العام للقوات المسلحة، كسلسلة من «التطمينات» التي حاول رئيس الحكومة العراقي تقديمها للأميركيين قبيل الزيارة.
ولكن ملف العلاقات العراقية – الإيرانية والقلق الأميركي من ما يعتبره مسؤولون في واشنطن، «تأثيرات إيرانية» على بغداد تقدم على غيره من الملفات، خلال المباحثات التي عقدها العبادي مع أوباما، الذي قال عقب اللقاء في المكتب البيضاوي، إنه بحث مع رئيس الحكومة العراقي هذه المسألة «باستفاضة».
وقال أوباما إن الولايات المتحدة «تتوقع بأن يكون للعراق تعاون وثيق مع إيران»، ولكنه شدد على أن أي «مساعدة أجنبية يجب أن تدار عبر الحكومة العراقية، وأن تخضع لهرمية القرارات العراقية»، لافتا في هذا السياق إلى ضرورة التنسيق مع الحكومة العراقية لدحض الانطباع بأن واشنطن «تعود إلى العراق».
وأشار أوباما إلى أن «تعبئة» قوات «الحشد الشعبي» حدثت عندما برز تنظيم «داعش»، وكانت الحكومة العراقية في مرحلة التكوين، ولكن «فور تولي العبادي السلطة… من تلك النقطة فصاعدا فإن أي مساعدة أجنبية تساهم في هزيمة تنظيم داعش يجب أن تمر عبر الحكومة العراقية. هذه هي الكيفية لاحترام السيادة العراقية».
وشدد العبادي على أن العراق يحترم سيادة الدول الأخرى وينتظر منها نفس الشيء، وقال إنه «يتوق إلى إخضاع جميع المقاتلين في العراق لسلطة الدولة».
وظهرت محاولات الهيمنة الأميركية على القرار الأمني العراقي والتفرد بإدارة سير المعارك في المحافظات العراقية، في أكثر من محطة، كما ظهر مؤخرا في معركتي تكريت والأنبار، اللتين أصرت واشنطن على ربط مشاركتها فيهما، بشرط انسحاب قوات «الحشد الشعبي» من هذه الجبهات.
واستند أوباما خلال تصريحاته إلى الإعلان الذي صدر عن البنتاغون تزامنا مع زيارة العبادي عن سيطرة القوات العراقية على ربع مساحات الأراضي، التي دخل إليها تنظيم «داعش» في حزيران الماضي، مشيراً إلى أن القوات العراقية باتت «أفضل تجهيزا وتدريبا»، منذ تولى العبادي منصبه، ولكنه أكد على أن مسار العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش» سيكون طويلا.
وكان العبادي قد أكد قبيل مغادرته بغداد، أن بلاده بحاجة إلى المزيد من الدعم من أجل «انهاء» تنظيم «داعش»، كما أشار في البيت الأبيض أيضا إلى أنه كان يأمل بالمزيد من التعاون الدولي من أجل تخفيف حجم الأزمة في المنطقة، في وقت تتركز المعارك التي تخوضها القوات العراقية في محافظتي الأنبار وصلاح الدين، حيث نجح تنظيم «داعش»، أمس، في اقتحام مصفاة بيجي، والسيطرة على اجزاء كبيرة منها.
ومن جانبه لفت العبادي إلى أن التنسيق للعمليات في الموصل هو أحد أهم أسباب الزيارة إلى واشنطن، معربا عن استعداد الولايات المتحدة «للمساعدة في تحرير المحافظة»، وتعليقا على الادعاءات حول «انتهاكات حقوق الإنسان»، قال العبادي إن هناك «تجاوزات» وإنه «لن يتسامح معها إطلاقا»، وبيّن أن الاختراقات التي حدثت كانت من مندسين حاولوا الإساءة إلى الانتصارات المتحققة على الارهاب، معتبراً أنه «لا يجب تحميل الحشد الشعبي مسؤولية هؤلاء المندسين».
وأكد العبادي أن واشنطن وبغداد يسعيان لتعزيز العلاقات الثنائية ضمن اتفاقية الاطار الاستراتيجي التي صوت عليها البرلمان العراقي، مشيرا إلى أن العراق وعلى الرغم من انه يخوض حربا ضد «الارهاب» فان هناك «عملية ديموقراطية في البلاد».
وكان المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست، قد أشاد بما أسماها «سياسات العبادي الداخلية»، وأضاف أن رئيس الحكومة العراقي سعى منذ توليه المنصب قبل نحو ثمانية أشهر، إلى «ضمان تمثيل جميع أطياف الشعب العراقي في الحكومة والمؤسسات الأمنية»، كما أثنى أوباما على عمل العبادي في «بناء القوات الامنية والعمل بمبدأ الشراكة الوطنية».
وعلى هامش الزيارة، قال مسؤول ملف العراق الأسبق في مجلس الأمن القومي الأميركي دوغلاس أوليفنت إن علاقة بغداد بالإدارة الأميركية جيدة ولكن هذه العلاقة تواجه عراقيل في الكونغرس، واعتبر أن على العبادي «إقناع الأميركيين والنظام السياسي الأميركي بأن الوقت قد حان للأميركيين من أجل المراهنة على أصدقائهم في العراق لمواجهة النفوذ الإيراني».
وأشار أوليفنت في هذا السياق إلى أن «العبادي هو أحد هذه الوجوه التي يجب أن تُدعم»، واستطرد قائلا: «لكنني أعتقد أنها مهمة صعبة لأن النفوذ الإيراني تزايد ليس في العراق فحسب بل في مكتب العبادي أيضا».

 

السابق
قانون السير الجديد يُطبَّق تدريجاً بدءاً من 22 نيسان الجاري
التالي
اليكم اللائحة 34 للعينات المطابقة وغير المطابقة