صراخ المرشد ومَدافع نصرالله

احمد عياش

لم تكن النبرة العالية التي خرج بها مرشد الجمهورية الاسلامية في إيران الامام خامنئي بعد مرور أسبوع على احتفال الايرانيين بما تم التوصل اليه من اتفاق نووي مع الغرب سوى دليل على أن حاكم إيران ليس سعيدا بما آلت اليه الامور. ففيما يرتب الاتفاق على ورثة الامام الخميني أن يدفنوا الى الابد شعاره “الموت لاميركا… الموت لاسرائيل” صار واضحا ان حلم الامبراطورية التي تمتد من بحر قزوين الى البحر المتوسط مرورا بباب المندب على وشك أن يضيع في “رمال” اليمن التي تعهد خامنئي بأن “يمرّغ” أنف السعودية فيها. إذاً الاولوية الايرانية الان هي اليمن. حتى ان الموفد الرئاسي الايراني مرتضى سرمدي الذي زار لبنان من أجل شرح الاتفاق النووي تحوّل الى الملف اليمني طالبا من المسؤولين اللبنانيين “الاسهام في وقف العمليات العسكرية ضد اليمن”. وهذا التحوّل في أولويات إيران بدا مفهوما في ضوء معلومات تشير الى أن طهران التي كلفت الجنرال سليماني ملف العراق، كلّفت أيضا الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ملف اليمن. لكن الرياح في العراق لم تجر كما تشتهي سفن سليماني ومثلها رياح اليمن بالنسبة لسفن نصرالله الذي بلغ ذروة الغضب منذ بدء عمليات “عاصفة الحزم”.

كيف ستستعيد طهران زمام المبادرة في منطقة بدأت تتحول في اتجاه إنهاء السيطرة الايرانية على مقاليد الامور فيها؟ ليس من الواضح ما هو مآل الحرب في اليمن في المدى المنظور لكن ما هو واضح أن إيران تريد “إنجازا” في الحرب السورية التي بدأت هي الاخرى تتجه نحو أفق جديد ليس في مصلحة مرشد الجمهورية والمثال ما جرى في إدلب وفي جنوب سوريا. وقد أعلن نصرالله في المقابلة مع “الاخبارية” السورية ان “معركة القلمون هي حاجة سورية لبنانية مشتركة” وهو كلام ترافق مع استنفار غير مسبوق للحزب استعدادا لهذه المعركة تمثل في تحضير الاسلحة والمقاتلين بدءا بمن هم في عمر الـ16 عاما وما فوق. وقد انتهت إجازة منحها الحزب لعناصره والتي بلغت 10 أيام في 10 نيسان الجاري أي يوم امس استعدادا للانخراط في مواجهات القلمون التي باتت على ما يبدو وشيكة.
الصراخ الايراني في اليمن وهدير المدافع الوشيك في القلمون السوري يترافق مع قلق إيراني من نضوب الموارد المالية التي كانت أداة فعّالة لتجميع المؤيدين على امتداد رقعة الامبراطورية المفترضة. وأتت المعلومات التي أدلى بها أخيرا مدير وكالة المخابرات الاميركية جون برينان وفيها أن الموافقة على الاتفاق النووي جاءت بعد تحذير الرئيس روحاني للامام خامنئي من أن الاقتصاد الايراني بات على شفير الانهيار. ومن المؤشرات الى هذا الانهيار أيضا أن عزلة “حزب الله” لبنانيا في الغضب ضد العملية العسكرية في اليمن جاءت على خلفية شح التقديمات المالية التي كان يمنحها الحزب لقوى سياسية ومرجعيات دينية وجهات إعلامية. في خلاصة الموقف: الامبراطورية تخوض آخر معاركها بـ”اللحم الحيّ”.

(النهار)

السابق
هل بدأت معركة تسنين الشيعة في إيران؟
التالي
العراق – سورية: غزو لا تحرير