نفير عام درزي: لسنا آزيديين ولا اشوريين سنقاتل ولن نسبى

لطالما كان دروز سوريا طليعة قومية ما التحفت يوماً رداء الخصوصية او استساغت الروح الفئوية او انتابها الشعور الاقلوي او عتورها الداء المذهبي ولوثة الطائفية بل كان اندماجها بالنسيج الوطني السوري مشفوعاً بالعروبة دينهم وديدنهم منذ وطأت اقدامهم ثغور العرب حماية للداخل العربي وتأصلت وتجذرت هذه النفحة العروبية حتى في أعقاب الهجرات المتوالية في جبل لبنان جذرهم الأصلي الى جبل العرب وتموضعت طائفة الموحدين الدروز في السويداء وحلب وجبل الشيخ والشام اثر النزاعات الدموية والانقسامات الحزبية التي شهدها جبل لبنان بين قيسي ويمني ويزبكي وجنبلاطي ناهيك عن الصدامات العائلية وغيرها..

لقد قارع الدروز في جبل العرب الغزوة الفرنسية ببسالة واقتدار قل نظيرهما وسطروا الملاحم بحسب مرجعية روحية درزية سورية رفيعة، والبطولات التي قلبت المعادلات وبدلت المشهد السوري برمته وكانت الارهاص الجدي لوحدة سوريا وكينونتها الجغرافية والسياسية وفي سجلهم الذهبي مآثر لا تمحى ولا تطوى في غياهب النسيان وشكلت الميراث القيمي والاخلاقي للجماعة الدرزية ومن التذكارات ما قالته والدة سلطان الأطرش لابنها الثائر: «البيت الذي لا يحمي ضيفه يا سلطان لازموا حريق» لأن الفرنسيين اعتقلوا ضيفه المناضل العاملي ادهم خنجر فلحق به سلطان الى بلدة «الشقّا» حيث حملته طائرة وقال سلطان الاطرش قولته الشهيرة: «لا حيلة لنا في السماء اما على الارض فسترون بأس بني معروف» وكانت الشرارة التي اشعلت الثورة السورية الكبرى وانتفضت الأقاليم السورية بقيادة هنانو في الوسط وصالح العلي في الشمال واستحق الدروز قصب السبق في تأجيج جذوتها لتأخذ بعداً وطنياً..

واستمر الدروز على وفائهم وانتمائهم للدولة الوطنية السورية، تضيف المرجعية، انخرطوا في مؤسساتها ودافعوا عن سيادتها واستقلالها وصانوا وحدتها وأظهروا ولاء صادقاً بالرغم من تعرضهم في مرحلة الاستقلال للافتئات والظلم السلطوي بسبب الانقلابات والخضات التي شهدتها سوريا في عز الصراع على دورها ووظيفتها الاقليمية ولا تزال حادثة اغتيال الرئىس السوري اديب الشيشكلي على يد ابن السويداء نواف غزالة في البرازيل انتقاماً للمظالم التي طالت اهالي الجبل في حقبة حكمه لسوريا شاهداً على انهم لا يتجرعون الضيم ولا يطيقون الذلة والمهانة، وعاش دروز سوريا بين ظهراني القلق والجور والتهميش والاستلشاق السلطوي والاستبعاد عن المراكز الحيوية في الدولة الى ان تسلم الرئىس حافظ الاسد دفة الحكم فكانت نقلة نوعية في تاريخ الجماعة الدرزية لجهة حفظ دورهم المركزي في استقلال سوريا وبناء دولتها الحديثة وتحررها من الاستعمار وشعروا لأول مرة بأنهم مواطنون سوريون لهم حقوق وعليهم واجبات وتعزز هذا التقدير في ظل حكم الرئىس بشار الأسد فكانت نهضة تنموية في منطقة السويداء وكامل جبل العرب على مستوى البنى التحتية والتربية والتعليم الجامعي وقطاع الاستشفاء وتبوأ الدروز مراكز حساسة في الدولة كانوا محرومين منها قبيل حكم آل الاسد.

واكدت المرجعية الروحية ان الدروز باتوا أكثر التصاقاً بالدولة السورية كونها راعية وحامية وعادلة بين كل اطياف الشعب السوري، أما مسألة الولاء الشخصي للرئيس حافظ الاسد ومن بعده الرئىس بشار الاسد فسببه الجوهري النظرة العادلة للنظام من جهة وفي الجوهر نظراً لتأثرهم بأوضاع دروز لبنان ورابطة القربى التي تجمعهم بعائلات هم منها فرع من اصل حيث رأوا بالدعم العسكري غير المسبوق للدروز في حربهم مع القوات اللبنانية في الثمانينات من قبل النظام السوري اشارة اضافية لتعزيز رابطة الثقة بالنظام القائم..

اليوم وبعد الهجمة الدولية التي تتعرض لها سوريا التاريخ والجغرافيا والكيان والانسان وتيقن القيادات الدرزية السورية لا سيما الروحية منها من: «أن الحرب على سوريا مؤامرة دولية للنيل من موقفها القومي ودورها الريادي في المنطقة لجهة دعم حركات المقاومة ورفض الخضوع للاملاءات الخارجية والتسويات فيما يخص الصراع الوجودي مع «اسرائىل» وعدم التنازل عن الحق القومي في الارض والمياه والمقدسات».

اضافت المرجعية الروحية الدرزية ان كل ما يقال عن ثورة وثوار ما هو الا تعمية وتضليل يتوسل مجاميع الارهاب من كل اصقاع الارض لتحقيق غايات ومآرب ومخططات دولية تهدف النيل من سوريا «العقبة» الكآداء أمام جر المنطقة الى خطة ادماج اسرائىل في النسيج العربي وانهاء الصراع العربي ـ الاسرائىلي والاجهاز على الحقوق العربية والتفريط بقضية العرب المركزية ـ فلسطين وتحويل سوريا الى كيان هزيل وحرمانها من لعب دور اقليمي محوري وازن يحفظ الحقوق من التفريط ويصون الكرامة العربية من المهانة…

هذه الاساسيات بحسب المرجعية الروحية تشكل الوجدان الدرزي العام في سوريا ومن أساسيات الشخصية الدرزية المفطورة على حب العروبة والوطن وان كان لها بعض الملاحظات على السلوكيات العامة للدولة إلا أنها كانت تتلمس لدى الرئيس الأسد جدية عالية ومسؤولية كبيرة في تحقيق اصلاحات جوهرية في بنية النظام ومفاصله ومؤسساته العامة لكن المؤامرة كانت أدهى وأشرس وأسرع في اعاقة العملية الاصلاحية وباتت الاولوية لمواجهة المؤامرة.

وتتابع المرجعية: لقد انخرط الدروز في الصراع الدائر كمواطنين سوريين في الجيش والمؤسسات العامة كافة دفاعاً عن وحدة سوريا الارض والشعب والمؤسسات وحملوا السلاح في القطاعات العسكرية الرديفة كالدفاع الوطني واللجان المحلية ايماناً منهم بأن الحرب المفتوحة على سوريا غرضها الغاء الهوية السورية واسقاط الدولة، ولم يصوبوا السلاح الى ابناء بلدهم واخوانهم في المواطنية تحت أي عنوان مذهبي او مناطقي بل قاتلوا الاغراب من مجاميع الارهاب القادمين من كل اصقاع الارض ولا شأن لهم بالقضايا السورية الداخلية بل هم جزء من مؤامرة صاغها الأعراب والأغراب على حد سواء والكذبة الكبرى المسماة ثورة، والكذبة الاكبر ان النظام يقتل شعبه ما هو إلا ترويج دعائي لا صحة له وقلة قليلة من السوريين حملوا السلاح في حين ان الآلاف الذين يقتلون الجنود السوريين ويهاجمون المواقع العسكرية ويدمرون المنشآت والمصالح السورية هم غرباء عن سوريا دفعت بهم المؤامرة والمتآمرين الى ساحات القتال كأدوات مأجورة للنيل من سوريا الدولة الوطنية حاملة المشروع القومي الوحدوي في المنطقة واوكسجين العروبة التي يتم خنقها بالمذهبية والطائفية.

وتتابع المرجعية: نحن لا نقاتل مذهباً بعينه او طائفة بعينها ولم نعتد على أحد بل هي قرانا التي تتعرض للغزو وشبابنا يقتلون في الحقول وعلى الطرقات والامثلة كثيرة في حضر – عرنة – المقروصة وحرفا في جبل الشيخ وجرمانا والاشرفية وصحنايا في الشام ودير داما وذيبين وبكا ولاهثة وغيرها في السويداء.. نحن من يتعرض لانتقام مذهبي واعتداءات شبه يومية على يد قتلة ومجرمين ليسوا من المجتمع السوري بشيء واخواننا في الوطن حيث يسيطر هؤلاء مغلوب على أمرهم، ونحن واخواننا في درعا تربطنا وشائج الجيرة والأهلية والود والصفاء وليس بيننا سوى المحبة والاخاء الوطنيين وهناك الالاف من اهالي درعا يعيشون بيننا أخوة أعزة واذا كنا في الجبل نحترز ونتحوط فليس لمواجهة أهلنا في المحيط انما لرد الارهابيين عن قرانا وبلداتنا ودفاعاً عن أرضنا وأعراضنا ونحن على يقين ان المعتدين ليسوا من ابناء سوريا وان وجد بينهم فهؤلاء مضللون ومرتزقة، فلماذا الاعتداء على بكا وذيبين ولماذا في كل يوم تتعرض القرى الواقعة على اطراف محافظة السويداء للقصف والرمايات الرشاشة، فهل المطلوب منا طأطأة الرؤوس وفتح قرانا وبلداتنا ليدخلها المجرمون والقتلة، هذا أمر لن يحصل على الاطلاق…

وتتابع المرجعية الدرزية: نعم بعد سقوط بصرى الشام باتت محافظة السويداء في خط المواجهة مع الارهابيين الذين نأمل من اخواننا في درعا أن يطردوهم من قراهم ويمنعوهم من الاعتداء تحت عنوان درعا في مواجهة السويداء فهذه مسؤوليتهم الوطنية ومسؤوليتنا ان نقف معاً جنباً الى جنب لمنع هؤلاء المجرمين من ايقاع الفتن وإحلال المحن في مناطقنا…

وقالت المرجعية لقد دعا مشايخ العقل الثلاثة في السويداء الى الاستعداد بما يشبه النفير العام لكل من هو قادر على حمل السلاح والوقوف خلف الجيش العربي السوري والتأطر في وحدات قتالية لمجابهة اي اعتداء على قرى السويداء فنحن معتدى علينا ومن حقنا الدفاع عن انفسنا وليكن معلوما للجميع سلاحنا فقط موجه نحو من يعتدي علينا وليس ضد اخواننا في الوطن ولن نخرج من قرانا وبلداتنا مهمتنا فقط الدفاع عن هذه القرى والبلدات…

واكدت المرجعية: لسنا آزيديين ولسنا اشوريين وسنقاتل دفاعا عن عرضنا وارضنا وهذا واجب مقدس ولن نسبى او نساق كالنعاج للذبح وسندافع حتى الرمق الاخير لأن النوايا غير سليمة ونشتم رائحة غدر وتعدٍ وتحضيرات لاعمال عدوانية لذا نحن في اعلى درجات الجهوزية في طول جبل العرب وعرضه والاستعدادات على قدم وساق لأي طارئ… واشارت الى انه صدر عن الهيئة الروحية اي اصحاب الهامة مشايخ العقل الثلاثة: يوسف جربوع – حمود الحناوي وحكمت الهجري بيان جاء فيه: من واقع تحسسنا للخطر الوجودي الذي يهددنا اليوم اكثر من آي يوم مضى ندعو بإخلاص ومن خلال شعورنا بالمسؤولية التاريخية والدينية جميع شبابنا في محافظة السويداء الى ضرورة تحمل مسؤولياتهم في حماية مناطقهم والدفاع عنها في اي وقت تتعرض فيه للخطر…

كما دعا البيان الى فتح مخيمات التدريب وتوحيد كل الفصائل المسلحة بغض النظر عن مسمياته ليصار الى تنظيمها بأمرة ضباط مختصين والجهوزية الكاملة للتصدي للارهاب كخط دفاع ثانٍ خلف الجيش العربي السوري بأرض السويداء حرام على من اعتدى…»

واكد المرجعية الدرزية ان مشايخنا الافاضل هم الي الامر فينا ويدركون حجم المخاطر المحدقة بالجبل وابنائه وحديثهم عن الخطر الوجودي واضح لا لبس فيه ولا ابهام، ولديهم كل المعطيات والمعلومات التي تؤشر على النيات العدوانية للارهابيين تجاه محافظة السويداء لاخضاعها. ومن رابع المستحيلات التعايش والتآلف مع هذه الفئة الضالة التي تقتل وتستبيح كل شيء باسم الدين الاسلامي الحنيف والاسلام منها براء فنحن مسلمون موحدون ولسنا بحاجة لبراءة ذمة من احد واذا فرض علينا القتال لن نتوانى عن خوض معركة الشرف والكرامة ولنا عادة وتاريخنا يشهد والسويداء دواء لهذا الوباء الذي يطرق ابوابها وتعلم كيف تدفع عنها الداء والبلاء بهمة شعبها المفطور على المعارك والانتصارات».

وفي هذا السياق تقول مصادر مطلعة لـ«الديار»: «ان المعارك خلال الايام القادمة ستشهد ضراوة غير مسبوقة على كل المحاور والجبهات في اليمن والعراق وسوريا ويحاول المحور السعودي القطري – التركي تسجيل نقاط ميدانية قبيل ايام قلائل من توقيع الاتفاق الاميركي – الايراني وفي المقابل سقوط ادلب سيسرع معركة القلمون – القنيطرة والجهد العسكري من الجانب السوري حقق تقدما كبيرا بعد تطويق الزبداني والتوغل في التلال الاستراتيجية القريبة من جهة عرسال كما ان منطقة جبل الشيخ باتت خاضعة لحصار محكم من قبل الجيش السوري والمقاومة ما دفع الى مصالحات ولقاءات دفعت لاخراج الغرباء من طرنجة وجباتا الخشب واوفاميا في حين باتت بيت جن ومزرعتها بين فكي كماشة والواضح ان الحلف الايراني – السوري ومعه المقاومة سيرد على محاولات قلب موازين القوى في اليمن وادلب باطلاق حركة المقاومة اليمنية وتحرير درعا – القنيطرة والقلمون مع تقدم سريع في تكريت والموصل.

وسيكون الضغط على السويداء من البوابة الاردنية عبر درعا امرا جديا لاحداث اختراقات كالسيطرة على مطار خلخلة عند المدخل الجندي للسويداء والضرب في منطقة البراق واطراف السويداء في محاولة لاضعاف النظام عبر لي الذراع الدرزية اللصيقة بالجسد السوري دولة ونظاما وفتح ثغرة حسب اعتقادهم باتجاه دمشق والايام القادمة سوداوية والسويداء هدف جدي…».

(الديار)

السابق
سرير لكل 700 مريض في الزهراني!
التالي
لا إمارة إسلامية في إدلب.. وعين «جيش الفتح» على الساحل