من هو «أبو الجدايل» الذي حيّر السوريين؟

على هامش المعارك في إدلب، تثير صورة لمقاتل/ة في صفوف تنظيم «جبهة النصرة»، جدلاً في صفوف الناشطين على مواقع التواصل. إذ اندلعت «معركة» تشبه الخلاف حول تحديد جنس «الملائكة»، بين من يقول إنّ من في الصورة محور السجال امرأة، ومن يقول إنّه رجل. بعض مواقع المعارضة السوريّة اعتمدت رواية وجود مقاتلة في صفوف التنظيم، في حين نفت أخرى ذلك الاحتمال، ورجّحت أن يكون المقاتل رجلاً سعودياً أو من أصول آسيويّة، لكنّه صغير السنّ، وقام بتجديل شعره على شكل ضفيرة طويلة، ما أضفى طابعاً أنثويّاً على مظهره.

بدأ الخلاف بعد قيام ناشطين سوريين بنشر لقطة من تسجيل بثّته مؤسسة «المنارة البيضاء» على «يوتيوب»، وهي الذراع الإعلامي لتنظيم «جبهة النصرة». احتفى متداولو التسجيل بمشاركة «أم الجدايل في تحرير إدلب»، قبل أن يقوم موقع «كنفليكت نيوز» المختصّ بنقل أخبار الصراعات في العالم، بنشر الصورة عبر حسابه على «تويتر»،والتساؤل عن جنس المقاتل/ة. بدورها، نشرت الصحافية التركية هديّة ليفنت الصورة عبر حسابها على «تويتر»، لتتسع رقعة الخلاف بين من ينفي أن يكون من في الصورة امرأة، ومن يؤكّد ذلك.
انضمّ موقع «زمان الوصل» المعارض إلى المعمعة، إذ قام بنشر الصورة المتداولة، بجانبها صورة أخرى من التسجيل ذاته، تظهر المقاتل ذاته وكأنّه يضع قرطاً في أذنيه، تأكيداً على أنّه امرأة. لكنّ ناشطين معارضين فنّدوا الصورة، واتّهموا «زمان الوصل» بإضافة القرط بواسطة «فوتوشوب».
أن تكون «جبهة النصرة» من سجّل ونشر الشريط عبر قناتها على «يوتيوب»، يجعل من فرضيّة أن يكون المقاتل محور الجدل امرأة، بعيدةً جدّاً. وما يزيد من ضحالة تلك الفرضيّة، أنّه يظهر «سافراً»، ما يتنافى مع إيديولوجيّة التنظيم المتطرّف، والذي يعتبر السفور جريمة تستحق العقاب. ففي المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في ريف حلب الشمالي (اعزاز)، وفي مناطق من ريف إدلب ومناطق جنوب سوريا، قام بفرض الحجاب وتغطية الوجه واليدين، وأقام محاكم شرعية، وقام بقطع الرؤوس وصلب بعض القتلى، تماماً كما فعل «داعش»، إلا أن الإعلام أغفل تلك التفاصيل، وصبّ جلّ اهتمامه على «تنظيم الدولة». ذلك ما يرجّح أن تكون الصورة لمقاتل قام بتربية شعره وفق السنّة النبوية، وسط سجال حول جنسيّته بين صفوف المهتمّين بالقضيّة على مواقع التواصل.
ما يستحقّ التوقّف عنده، أنّ صورة «أبو الجدايل» خرجت إلى العلن، بعد يوم واحد فقط من قيام «وكالة الصحافة الفرنسية» بنشر تقرير مصوّر، عن كتيبة نسائيّة تقاتل في دمشق ضدّ «داعش» و «النصرة»، تدعى «كتيبة المغاوير». انتشر التقرير بكثافة، ولم تتردّد بعض وسائل الإعلام المعارضة في إفراد صفحات له، سواء لإنكار وجود تلك الكتيبة من جهة، أو لتوعّد المقاتلات بمصير أسود من جهة أخرى. في هذا الإطار، بدا واضحاً أنّ وجود نساء في ساحة المعركة، أمرٌ يستفزّ الفصائل «الجهاديّة» إلى حدّ كبير. ذلك ما يضعف كثيراً فرضيّة وجود مقاتلات في صفوف التنظيمات التي لا تفاخر إلا بتطبيق تشريعات ذكوريّة وظلاميّة على مناطق سيطرتها.

(السفير)

السابق
الطفيلي لـ«نصرالله»: أنت حزمت قبل أن يحزموا وعصفت قبل أن يعصفوا
التالي
جريح صدما على اتوستراد خلدة