طهران ونتنياهو في مواجهة أوباما

يستبعد المراقبون أن يقلب خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي «طاولة» المفاوضات النووية رأساً على عقب. فمسارُها السياسي قطع شوطاً كبيراً، علماً أنّ القوى الكبرى الأخرى، شريكةٌ كاملة ويصعب تجاهل مصالحها ومحصّلة ما أُنجز فيها. لكنّ إدارة الرئيس باراك أوباما قلقة من أن يكشف نتنياهو أسراراً عن تلك المفاوضات، ليس في الخطاب، بل في أروقة الكونغرس، ما يفرض عليها تحدّيات وصعوبات سياسية هي في غنى عنها خلال الفترة المتبقِّية من عمرها.

إذا تمكّن الجمهوريون من حشد تأييد سياسي وشعبي مبني على تلك «الأسرار»، سيحوّلون تهديدات أوباما بإستخدام الفيتو ضدّ أيّ قرار يتعلّق بملف طهران النووي أمراً عسيراً، على رغم معرفتهم بجدّيته، خصوصاً أنّه استخدمه قبل أيام ضدّ مشروع مدّ أنابيب النفط والغاز من كندا.

هكذا يُفسّر الهجوم الإستباقي الذي شنّته الخارجية الأميركية على نتنياهو، وتحذيره من مغبة كشف تلك الأسرار، علماً أنّ الجميع مقتنعٌ بأنّه لن يفوّت فرصة قد لا تعوّض للتأثير في المفاوضات، أو في إمكان تجديد فوزه بفترة رابعة في الإنتخابات بعد أسبوعين.

اذاً، إنّه أسبوع سياسي عسير ولا بدّ من مراقبة تداعياته، في وقت تواصل طهران استعراض القوة من مضيق هرمز الى سوريا، وصولاً الى العراق مع بدء عملية تحرير تكريت.

يشبّه مراقبون أميركيون التصعيد الإيراني بالتصعيد السياسي الذي يمارسه نتنياهو على أوباما. فإيران وصلت الى لحظة سياسية حرجة، في وقت تسعى الى قطف ثمار ما زرعته على امتداد الأعوام الماضية، مُعتقدة أنّ ما ستُحقّقه اليوم ستكون له تداعيات ضخمة، سواء على دورها في المنطقة، اوعلى صعيد وضعها الداخلي.

والحراك السياسي الإقليمي الأخير قرَع أجراساً عدة في طهران التي تخشى تبلور محور «سنّي» خطير ضدّها، يبدأ من تركيا مروراً بالقاهرة والرياض، ويقوم على خطاب سياسي قادر على سحب خطاب مواجهة التكفيريين منها، وعلى إعادة تشكيل حيثية سياسية واقتصادية وعسكرية لا يُستهان بها.

يضيف هؤلاء المراقبون بأنّ «محاولات طهران حسم المعارك في جنوب سوريا وشمالها، قد يتحوّل قبض ريح ووهم، خصوصاً أنّ تجارب السنوات الاربع الماضية لم تثمر إلّا مزيداً من الإستنزاف الذي يبدو أنه بات بلا أفق فعلياً.

ولعلّ التصريحات الأخيرة لقادة إيرانيين التي خفّضت من سقف أهداف الساعين الى تحقيقها في الجنوب، يؤشر الى الصعوبات التي تواجه إيران، علماً أنْ لا شيءَ يوحي بتمكّنها من الإحتفاظ بالمواقع التي «تُحرّرها» من قبضة المعارضين السوريين هناك».

ويتساءل هؤلاء عن الحكمة الإيرانية من محاولة إستعداء واشنطن وإستبعادها من معارك العراق، على ما يجري في تكريت، في وقت تدرك طهران أنّ تلك المدينة قد تحرّرت مرات عدة، لكنها لا تلبث أن تعود مجدّداً الى قبضة «داعش» وأنصارها، طالما لم تتأمّن الشرعية السياسية.

هذا ما يفسر تريّث القيادتين السياسية والعسكرية الأميركية في تحديد موعد تحرير الموصل، ما لم تُجرَ إعادة بناء الأرضية السياسية لهذه العملية، فيما طهران تصرّ على دور ميليشياتها الشيعية.

يقول مصدر عسكري أميركي «إنّ جهود طهران الحربية قد تصبح لقمة سائغة في مواجهة «داعش» ما لم تقتنع بضرورة تغيير سلوكها السياسي. فهي غير قادرة على حسم المعركة في أيّ مكان، لا في العراق ولا في سوريا ولا في اليمن. وما تقوم به لا يعدو كونه استعراضات تجريبية علّها تنجح في تحقيق بعض ما تؤمن به من قدرات تسمح لها بفرض شروطها».

ويضيف المصدر «أنّ هذه السياسات قد تُعرّض طهران الى خسائر لا يمكن تقدير حدودها، خصوصاً أنّ المساعي الإقليمية لإستعادة المبادرة في الشارع السنّي، قد تفرض نفسها لاعباً على واشنطن وتجبرها على إعادة النظر في تحالفاتها العلنية والمستترة في الحرب على «داعش».

واشنطن لا ترغب بإنهيار الدولة الإيرانية، لكنها لا تستطيع منع الإيرانيين من تدمير انفسهم، في وقت تفرغ خزينتها، وقد لا تجد موارد لدفع ثمن الطعام والوقود الذي تستورده».

ويؤكد المصدر اخيراً «أنْ لا مفرّ امام طهران من توقيع اتفاق ينهي الجدل حول مشروعها النووي، ولا مفرّ من قبولها بتسويات سياسية حقيقية تجاه دورها الإقليمي، فيما التهويل بقدرات قوتها العسكرية يذكرنا بما كان يُقال عن جيش صدام حسين في تسعينات القرن الماضي حين كان يُصنَف أنه الجيش الرابع أو الخامس في العالم».

(الجمهورية)

السابق
بالصورة: هذه هي هدية عاصي الحلاني لإبنته ماريتا بمناسبة عيد ميلادها
التالي
بالفيديو: شعر بريتني سبيرز المستعار يسقط على المسرح