كيف تختبر ذكاءك الجنسي؟

الممارسة الجنسية الصحّية، مثل الكثير من الأمور الأخرى، نتعلّمها.

الحديث عن الذكاء الجنسي هو أمر بديهي؛ هناك أشخاص موهوبون وأشخاص أغبياء في العمل الجنسي: أشخاص يعيشون بانسجام مع رغباتهم وآخرون محبطون يعقّدون حياتهم الجنسية.

تفكيك وفهم الأنا الجنسية وتحفيز الحياة الجنسية وإدارة العلاقات مع الآخرين، عالم في حدّ ذاته علينا تطويره دائماً، على عكس وعلى رغم المعتقدات الراسخة منذ زمن طويل، والتي مفادها أن الجنس يقتصر على الغرائز الحيوانية فقط. تشير العديد من الدراسات في مجال علم النفس وعلم الاجتماع حول الإغراء والإغواء والممارسة في العمل الجنسي إلى وجود ذكاء جنسي أسوةً بالذكاء العاطفي أو المنطقي. الذكاء الجنسي هو تلك القدرة العقلية والجسدية على التمتّع بحياة جنسية مُرضية ومُمتعة وعلى تأسيس علاقات تدوم.
تطوير الحياة الجنسية وإدارة العلاقات مع الآخرين تسمح للشخص بأن يُحسّن مستوى متعته وإحساسه بالانسجام من خلال تنمية ذكائه العاطفي واحترام رغباته ورغبات الشريك. هناك ثلاثة مجالات يمكننا العمل عليها واكتشافها: المعلومات والمعرفة، القدرات العاطفية، والوعي للجسد وراحته.

ترتكز الحياة الجنسية الناضجة والمُرضية على معرفة وفهم الذات، وهما أفضل أداتان للتغلّب على الإحباط والعوائق؛ وهذا يقوم على التحرّر من المعتقدات والمفاهيم الشائعة، وإدراك الأنا الجنسية السرّية وغير المُعلنة، والتواصل مع الآخرين. في الواقع، يتوقّف اكتساب الذكاء الجنسي علينا ويعتمد على معرفتنا للذات. ما يعني النظر إلى أبعد من المعتقدات السائدة التي تشوّه حياتنا الجنسية، واكتشاف الرغبات الجنسية الحقيقية، وتطوير القدرات العاطفية والاجتماعية التي تسمح لكل شخص بإظهار شخصيته الحقيقية للشريك.

الحياة الجنسية السعيدة ليست مسألة آلية ميكانكية بحتة، وإنما تعتمد على فهم مسيرة البحث عن الذات للتخلّص من الإحباط وعقد الذنب. ويشمل هذا الجهد التخلّص من جميع الكليشهات التي تأسر الخيال العاطفي وتعرقله وتقيّده، والتحرّر من المعتقدات والمفاهيم الاجتماعية الخاطئة السائدة والمُكتسبة من الأفلام والقصص ووسائل الإعلام وغيرها: – الجنس سهل وساحر وبديهي كما لو أن نظرة واحدة متبادلة في الشارع أو قبلات حارة أو إغراء في المصعد… ويكون الحب إلى الأبد… ؛ – ممارسة الجنس باستمرار من دون أن يتطلّب ذلك أيّ جهد بدني؛ – عدم المعاناة من عقد جمّة؛ – المتعة فورية وجامحة… إلخ.
إلّا أن الواقع مُخالف تماماً جميع هذه المعتقدات تبقى في عالم الهوامات وهي ضرب من الخيال.

طالما لم نراجع ما نؤمن به ونتخطّى معتقداتنا (الخاطئة)، لن نتحرّر جنسياً. جميعنا قادر على الوصول إلى حياة جنسية غنية ومرضية؛ ما علينا سوى بذل الجهد اللازم للحصول على المعرفة، والتمييز، والفطنة، والبصيرة والإدراك الضروريين حول الجنس. الذكاء الجنسي ليس مسألة حظ أو جمال أو جاذبية جنسية، إنما هو يعتمد على قدرات يمكننا اكتسابها وتحسينها والتحكّم بها مع مرور الوقت وعلى الممارسة الصحيحة.

بعد تخطّي التأثيرات الثقافية والاجتماعية السلبية ووضعها جانباً، من الأجدى التخلّص من المعتقدات والمفاهيم المكتسبة (الخاطئة) وإدراك الذات الجنسية الكامنة: – هل من الضروري التذكير بما يقوله الأهل، إن فعلوا، في موضوع الجنس أمام أولادهم؟ – وهل ننسى وقع التجربة الجنسية الأولى؟ – وهل نتغاضى عمّا نضعه لأنفسنا من محظورات وعوائق لحياتنا الجنسية؟
الشخص الذكي جنسياً يدرك أن الانجذاب الجنسي يرتكز على شبكة معقّدة من الروابط المبنية على الواقع الذي عاشه. عليه أن يدرك أيضاً إن كانت رغباته الجنسية في الحقيقة بديلاً عن رغبات عاطفية مثل الحاجة إلى اعتراف الغير به والشعور بالأمان والسلطة، أو ناجمة عن الخوف من الوحدة.

سر الحياة الجنسية السعيدة لا يكمن فيما نفعله في السرير وأنما في ما يدور في رأسنا عندما نكون في السرير. يُصبح الشخص حرّاً في اختيار سلوكه عندما يفهم طريقة عمله، وآلية تصرّفه، وردة فعله، وتفاعله ويراقب الأمور التي تثير فيه الرغبة أو تحجبها، الأمور التي تجذبه وتلك الإشكالية بالنسبة له وذلك من دون الحكم على الذات.
الحياة الجنسية المُرضية لا يمكننا أن نعيشها وحدنا. الشخص الذكي جنسياً يُجيد الاستماع؛ يعرف كيف يتواصل مع الآخر ويملك القدرة على التحدّث مع الشريك عن حياته الجنسية وعلى فهم الشخصية الجنسية للآخر. اعتقادنا بأن مشاكلنا الجنسية لا يمكننا التعبير عنها، ومن غير اللائق أو من غير المسموح البوح بها، هو جزء من المعتقدات الخاطئة السائدة التي تمنع الشخص من إدراك مشاعره والتحدّث عنها. عندما يتخطّى قواعد السكوت والصمت هذه، يُدرك أن الكلمة هي وسيلة رائعة للتعرّف بشكل أفضل على المشاعر الجنسية الحقيقية واكتشافها والشعور بالانسجام مع الآخر. الذكاء الجنسي هو الصراحة مع الذات ومع الشريك.
وباختصار، الذكاء الجنسي، أي القدرة على معرفة وفهم الحياة الجنسية الخاصة، يمدّ الشخص الذي يتمتع به بقوة وإمكانات هائلة لتغيير مجرى حياته. هذه المعرفة الأكيدة التي يمكن الاعتماد عليها هي المصدر الحقيقي للأحاسيس والشغف؛ وهي تسمح باتخاذ الخيارات والقرارات الصائبة والإحساس بالراحة مع الذات في الحياة الجنسية، كما في التفاعل الاجتماعي والإرتباط.

أفعل… لا أفعل
إليكم بعض ما يجب فعله أو عدم فعله:
– الطلب من الشريك القيام بأمور متنوعة تروق لكم أو قد تعجبكم.
– إعطاء أهمية للأمور التي تعجبنا والتحدّث عنها بدلاً عن التركيز على ما لا يعجبنا والإفصاح عنه. على سبيل المثال وعوضاً عن إخبار الشريك بأن وتيرته سريعة، الطلب منه أن يبطئ قليلاً.
– استخدام عبارات لطيفة عند التحدّث عن الجنس.
– الاحتفاظ بالأحاديث الجدية وتأجيل التحدّث عنها إلى وقت لاحق.
– تفادي التحدّث عن العلاقات السابقة وتفادي المقارنة مع أداء شركاء سابقين.
– عدم سؤال الشريك أبداً عن زمان أو مكان تعلمّه القيام بأمر ما أو عن الشخص الذي علّمه القيام بذلك.
– إعطاء النظرات أهميتها والتحديق في عيني الشريك خلال ممارسة الجنس وعيش اللحظة بكامل الأحاسيس.
– الإمساك بيد الشريك ومداعبة جسدنا بها كما نرغب وإرشاده إلى أجزاء جسدنا الأكثر إثارةً لنا.

(النهار)

السابق
القوات العراقية تتقدم في اتجاه قضاء الدور في محافظة صلاح الدين
التالي
قرارات مجتزأة لاتحاد السلة تنتهي بإيقاف ستوغلن ومحمود