جمهورية بلا رئيس.. وبلا جمهور «موقعة المنارة»: الحوار ممنوع من دخول الملاعب!

اكد وزير الداخلية نهاد المشنوق أن الحوار مع رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون مستمر لأنه " حقق الكثير من الايجابيات". واشار المشنوق عقب لقائه رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون في الرابية، الإثنين الى ان الحوار مع عون مستمر ولن يتوقف. وأضاف أن هذا الحوار قد حقق الكثير من الايجابيات منها الاستقرار الحكومي والاستقرار السياسي في البلد"، مردفاً أن انتخابات الرئاسة بحاجة الى المزيد من النقاش بين الافرقاء لانتخاب رئيس توافقي. واوضح انه "لم يأت حاملا رسالة، مع انه ممثل تيار المستقبل في الحكومة، والحوار حقق الاستقرار الحكومي وساهم في اقرار الخطة الامنية، وقد ساهم هذا الحوار في العديد من الانجازات"، مؤكداً أن "لا خلاف حول الية عمل الحكومة في ظل الفراغ الرئاسي". ونفى المشنوق مناشدته رئيس الحكومة تمام سلام تشكيل "حكومة مصغرة"، لافتا الى ان النقاش يدور حول تشكيل خلية ازمة. ودخل لبنان في الاسبوع الرابع من الشغور الرئاسي بعد فشل النواب في انتخاب رئيس جديد ورفض الرئيس السابق ميشال سليمان تمديد ولايته والقى خطاب الوداع في 24 أيار. ووفق الدستور فإن الحكومة مجتمعة تتولى صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال الفراغ.

كتبت “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية، لليوم الثاني والثمانين بعد المئتين على التوالي.
بعد أسبوعين من “الشغور الحكومي”، يبدو ان الاتجاه هو نحو إعادة لمّ شتات مجلس الوزراء، على قاعدة استمرار العمل بآلية التوافق في اتخاذ القرارات، ولكن مع تعديل في ذهنية مقاربتها وتطبيقها، بحيث لا تكون بالضرورة مساوية للتعطيل.

وهناك من ينصح الرئيس تمام سلام بان يلتقط الفرصة، ويستثمر “اعتكاف الاسبوعين”، ليعيد إطلاق جلسات مجلس الوزراء من موقع الرابح، بعدما وصلت رسالته الاحتجاجية الى كل من يعنيه الامر، في حين ان إصراره على مواصلة تعليق الجلسات، قد يهدد بأن يرتد سلبا عليه وعلى مجمل الوضع العام الذي لا يحتمل تعميم الفراغ.

وترجح مصادر مطلعة ان يعيد سلام إدارة محركات الحكومة قريبا، على ان يتولى بنفسه تعديل طريقة عمله وأسلوب تطبيق آلية التوافق، تبعا لكيفية تقديره للامور ولموقعها في ترتيب الاهمية، بحيث يمرر القضايا العادية في حال حازت على أكثرية الأصوات من دون ان يتوقف عند اعتراض من هنا او هناك، وأما القضايا الكبرى والميثاقية فيربط إقرارها بتوافر التوافق عليها.

ويُستأنف اليوم الحوار بين وفدي “حزب الله” و “تيار المستقبل” في عين التينة، تحت سقف السعي الى رفع منسوب التفاهمات الموضعية الممكنة، وتحسين شروط مواجهة الارهاب، من دون استبعاد إمكانية التوسع شيئا فشيئا في مناقشة بند الاستحقاق الرئاسي، ربطا بعلاقته الوثيقة باستراتيجية التصدي للارهاب، إذ ان الشغور في موقع الرئاسة بات يشكل فجوة سياسية واسعة في خط الدفاع اللبناني.

موقعة المنارة
لكن يبدو ان الحوار بين “القيادات” لم ينعكس بعد على “القاعدة”، لاسيما الرياضية منها، وكأن المطلوب افتتاح “فروع” لطاولات الحوار في كل ملعب مرشح لاستضافة مباراة ساخنة..

ويبدو كذلك ان الخطط الامنية في طرابلس والبقاع وسجن رومية وغيرها، لم تعد تكفي لتثبيت الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي، وأصبح من الضروري وضع خطة أمنية عاجلة للملاعب التي قد تخرج منها الفتنة في أي وقت، ما لم تُستخدم “الصافرة” في اللحظة المناسبة.

مناسبة الكلام، هي المعركة الدامية التي دارت مساء أمس، مباشرة على الهواء، بين لاعبي ناديي “الرياضي” و “الحكمة” بمشاركة من بعض الجمهور، على ملعب الاول في المنارة، ما أدى الى سقوط عدد من الجرحى في صفوف الفريقين!

وأتت هذه المواجهة التي افتقرت الى كل أشكال الروح الرياضية، بعد إشكال دموي آخر حصل قبل أيام في إحدى مباريات كرة الصالات، وقبلهما كانت ملاعب كرة القدم مسرحا لأحداث متفرقة، أدت في أكثر من مرة الى منع الجمهور من دخول الملاعب.
لم يعد خافيا، ان وظيفة الملاعب في لبنان تغيرت مع مرور الوقت واحتدام الصراع الداخلي، حتى غدت مكانا لتنفيس، بل تفجير، كل أنواع الاحتقان من طائفي ومذهبي وسياسي ومناطقي.. وعائلي.

لقد تبدلت مفاهيم الرياضة في لبنان. يكاد اللاعب يتحول الى “مقاتل”، والملعب الى “جبهة”، والمرمى او السلة الى “موقع للعدو”، والجمهور الى “قوات الدفاع الشعبي”، والحكم الى “قوة فصل”، والاتحادات الى “فيدراليات” طوائف وأحزاب.

يذهب أهل الرياضة الى المباريات وكأنهم يذهبون الى “الحرب”. ولولا ان حضور مباراة البارحة بين “الرياضي” و “الحكمة” اقتصر على مشجعي النادي الاصفر، من دون “الخضر”، لكانت الامور قد تطورت في اتجاه أكثر مأساوية، ولوقعت ربما مجزرة حقيقية تحاكي سيناريوهات المذابح الاخيرة في الملاعب المصرية.

والمفارقة، ان “الحكمة” و “الرياضي” يُحسبان في التصنيف السياسي العريض على فريق “14 آذار”، لكن المنافسة الحادة والمزمنة بين هذين الناديين اللدودين، معطوفا عليها العصب الطائفي المشدود لدى بعض الجمهور، كانا أقوى من التقاطع على المستوى السياسي.
وفي أمكنة أخرى، كثيرا ما تنقلب المباريات (أيا تكن اللعبة)، تحت وطـأة الاحتقان المتراكم، الى مناسبة لمبارزة مذهبية، تُستخدم فيها جميع أنواع الهتافات والشعارات المحرّمة وطنيا، تبعا لهوية الفريقين المتنافسين، حتى تكاد تخال ان من هم على ارض الملعب، ليسوا اللاعبين، بل سعد الحريري ونبيه بري وميشال عون ووليد جنبلاط وسمير جعجع..

قرر اتحاد كرة السلة أمس اعتبار “الحكمة” خاسرا 20-0 بسبب انسحابه من المباراة! إلا ان الصحيح، ان الخاسرين – ولمرة إضافية – هم “الحكمة” و “الرياضي” ولعبة كرة السلة والاتحاد والقوى الامنية والجمهور والرياضة و.. لبنان.

لا رابح مما حصل البارحة. الكل يتساوى في الخسارة، والاكيد ان البطاقة الحمراء يجب ان ترفع في وجه كل من أفسد الرياضة وضخ سموم الفساد والسياسة في عروقها.
ولا تمر خطوط التماس بين الأندية فقط، إذ ان اتحاد كرة السلة على سبيل المثال، يعاني من مقاطعة الاعضاء المسلمين له، ومن خلافات بين رئيسه المناصر لـ “التيار الوطني الحر” وأعضاء آخرين يخالفونه في السياسة والرياضة.

لا جمهور
وإزاء ما حصل في مباراة “الرياضي” ـ “الحكمة”، قال وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي لـ “السفير” انه قرر بعد التشاور مع رئيس الحكومة ووزير الداخلية منع الجمهور من دخول الملاعب كليا، حتى انتهاء دوري كرة السلة، مشددا على عدم السماح بتحول الملاعب من مساحات للتلاقي والوحدة الى ساحات للفتنة والفوضى. وتابع بحدة: عليهم ان يلعبوا بغير هالمسلة..
واعتبر ان هناك نقصا في الثقافة والروح الرياضيتين في لبنان، مشيرا الى ان الفساد السياسي تسرب الى الملاعب.

واستغرب مطالبة البعض بوقف رعاية وزارة الشباب والرياضة للعبة كرة السلة وسحب صلاحية “الاشراف والمراقبة” منها، مؤكدا ان ما جرى في ملعب المنارة يؤكد أهمية دور الوزارة، “أما من يستند في موقفه الى الشرعة الأولمبية الدولية، فأسأله: لماذا يراد لهذه الشرعة ان تسري على لبنان ولا تسري على دول أخرى تحظى فيها وزارات الشباب والرياضة بصلاحيات أوسع؟”

السابق
عودة الروح للحكومة لأن الشغور طويل؟
التالي
الحكومة تترقب ما سيحمله الحجيري من الجرود.. وهواجس أمنية من مخاطر حدودية في أيار