لماذا لا تحوّل الدولة العواصف إلى سدود؟

سد مياه
لو كان لبنان كالدول المتقدّمة، لاستفاد من كمية الأمطار التي تهطل ففي الشتاء ولما ترك المواطنون يعانون من شحّ المياه صيفاً.

عواصف تلو عواصف، مرت على لبنان، ألكسا وزينة ويوهان وويندي وغيرها الكثير مما ضرب أو سيضرب مدننا اللبنانية، وكعادتنا مع كل حدث متميز، نتميز عن غيرنا من بقية شعوب العالم بأننا نحتار في كيفية السخرية أو انتقاد أو الاستهزاء أو اتخاذه باباً للطرافة والتنكيت من انفجارات إلى انهيارات وصلاً إلى الكوارث الطبيعية، فقد اعتاد اللبناني أنه يتأقلم مع أي حدث بالطريقة التي يراها مناسبة وترضي طموحه وغروره.
ومع كل عاصفة من تلك العواصف التي نستضيفها، كميات هائلة من المياه ترافقها، إما بشكل مباشر كمياه الأمطار، وإما بشكل غير مباشر كطبقات الثلوج، التي ستذوب لاحقاً متحولةً إلى سيولٍ غنية من المياه التي تجتاح الأنهار أو تلك التي ستبتلعها الأرض لتغذي المياه الجوفية.
وفي أي دولة محترمة من دول العالم أو بأسوأ الحالات والأحوال، في أي دولة حتى لو كانت “غير محترمة” يحاول مسؤوليها – إن وجدوا – أن يستفيدوا من الظواهر الطبيعية التي يتكرم بها الله عز وجل على هذا الكوكب الصغير، وهناك الكثير مما يستفاد منه.
فالطاقة الشمسية، وهي أبسط الموجود وأعظمه في الوقت ذاته، موجودة لدى الجميع وتشرق أشعتها لتغطي غالبية الكرة الأرضية بدوراتها المتتالية، واللبيب من تلك الدول، من استطاع أن يستفيد من طاقة أشعتها ليخزنها ويستخدمها طاقة كهربائية نظيفة وصديقة للبيئة، وتوفر من الناحية المالية الرقم الكبير، فكيف ببلدٍ مثل لبنان محروم من الطاقة النظيفة لا بل أصلا هو محروم من الطاقة المتسخة التي تعتبر من بديهيات العيش وأساسياته.
وهناك أيضاً الرياح وسرعتها، وأيضاً تعتبر مصدراً إضافي لمصادر الطاقة البديلة عبر المراوح العملاقة والتي تنتشر في أي مكان مكشوف ومساحته تساعد الرياح على الانطلاق القوي والسريع مولدةً الطاقة النظيفة والبديلة وأيضاً لبنان لم يسعَ يوماً لأن يستفيد لا من هذا المصدر ولا من غيره.
وأما فيما خص المياه، فإن بلداً صغير المساحة مثل لبنان يحتوي على أكثر من إثني عشر نهراً في أراضيه يفترض بأن تكون المياه بالنسبة له ثروة ونعمة، ولا ينبغي له أن يعيش فترات جفاف أو نقص أو شح في المياه، فكميات الأمطار التي هطلت والثلوج التي كللت رؤوس جباله من خلال العواصف التي مرت عليه، كفيلة بأن تغطي حاجة هذا البلد من المياه على فترات طويلة لو أحسنا الاستخدام، ولكن وككل ثروات يمكن لهذا البلد المسكين أن يكتسبها هطلت مياه الأمطار على الطرقات وراحت تسيل بحثاً عن المجارير والمصارف التي تلقيها بدورها إلى أول شاطئ على البحر، فبدلاً من وجود خزازين أو مستوعبات كبيرة كأبسط حل وأصغرها لم تقم به الجهات المعنية، فكيف بها لو أحسنت إقامة السدود ونظفت مجاري الأنهار؟
أليست السدود تمتاز بأهمية مزدوجة للمياه الموجودة خلفها؟ أليست مصدراً مهماً للطاقة؟ أليست السدود كافية لري كافة الأراضي اللبنانية الزراعية؟
لماذا لا تقوم الجهات المعنية بالاستفادة من كل هذه الثروات المرمية استهتاراً واستحقاراً على قارعة الطريق؟ أليس هذا البلد بحاجة لهذه الثروات المنسية والمتروكة بدلاً من تكبيد المواطن عناء رسومٍ ومصاريف لطاقة أصلا لا يستطيع الحصول عليها سوى بنسبة 50% اللهم في أحسن الأحوال؟

السابق
قهوجي: سلامة الحدود خط الدفاع الأول
التالي
إلى الكاردينال الراعي: «أكتر من أيّ زمان هيدا زمانك»