تنظيم «خراسان» يطل بمخطط اغتيالات؟

نبيه بري

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الخامس والسبعين بعد المئتين على التوالي.

وفي الوقت الضائع، تتفاقم تداعيات الشغور متخذة أشكالا عدة، كان أحدثها الانقسام الطائفي ـ السياسي حول اقتراح تعديل آلية عمل مجلس الوزراء.
وفي الوقت الضائع أيضا، يرتفع منسوب المخاطر الامنية التي تَجِد في حالة انعدام الوزن الداخلي بيئة مؤاتية للتكاثر.
وضمن هذا السياق، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ «السفير» إنها تلقت تقارير أمنية تحذر من احتمال تعرض نواب في «كتلة المستقبل» لمحاولات اغتيال بغية ضرب الحوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، وصولا الى إحداث فتنة مذهبية.
وأوضحت المصادر ان المعلومات تفيد أيضا ان مجموعة تنتمي الى تنظيم «خراسان» المتطرف، وتضم في صفوفها ما بين أربعة الى خمسة أفراد، تخطط لاستهداف الرئيس نبيه بري.
وعلى وقع هذه التحديات، تلتئم الجلسة السابعة من الحوار في الثاني من آذار المقبل، في عين التينة، حيث ستبدأ في مناقشة بند الاستحقاق الرئاسي الذي كانت الجلسة السادسة قد لامسته من زاوية ان انتخاب رئيس للجمهورية يشكل أحد شروط الاستراتيجية الوطنية المطلوبة لمواجهة الارهاب.
الآلية المتعثرة
ومع دخول الشغور الرئاسي شهره العاشر، يتأكد يوما بعد يوم ان التعايش معه ليس سهلا مهما تعددت محاولات التشاطر عليه، وان جسم الدولة لا يمكن ان يستعيد توازنه واتزانه من دون وجود رأس له. هي أزمة وطنية بكل ما للكلمة من معنى، يدفع ثمنها المسيحيون والمسلمون على حد سواء، وتتضرر منها جميع المؤسسات الدستورية أيا يكن توزعها وتصنيفها ضمن هذا النظام الطائفي.

ومهما كانت الاجتهادات حيال كيفية عبور مرحلة «الترنح» بأقل الخسائر الممكنة، فإن الاكيد هو انه لا يجوز ان ينزلق اللبنانيون الى الاعتياد على واقع الشغور والتطبيع معه، وبالتالي فإن وجود رئيس للجمهورية يشكل حاجة ومصلحة للجميع، تماما كما ان الجهد الذي يجب بذله لانتخاب الرئيس يجب ان يكون جهدا وطنيا مشتركا، من دون تجاهل حقيقة ان مسؤولية المسيحيين على هذا الصعيد تبدو أكبر نسبيا، كون الموقع من نصيب الموارنة.
لكن المأساة، ان الاطراف اللبنانية تتصرف بنوع من التسليم بأن معالجة ملف الاستحقاق الرئاسي هي مهمة خارجية «مؤجلة»، وان اسم الرئيس المقبل لن يتقرر قبل ان ينتهي اللاعبون الكبار من إعادة صياغة المنطقة ورسم مصائر دولها.
وحتى ذلك الحين، تبدو القوى الداخلية وكأنها لا تملك سوى التلهي بنتائج الشغور، والانغماس في تداعياته الى حد يهدد أحيانا بتناسي سببها الحقيقي.
وليس الخلاف حول آلية عمل الحكومة سوى اسم حركي جديد لهذا الشغور الذي قد يتقمص في أي لحظة جسد أزمة أخرى، وهكذا دواليك. والمفارقة، ان الخلاف على الآلية سرعان ما تدحرج نحو الاصطفاف الطائفي، وفق ما عكسه اللقاء الوزاري الاخير الذي انعقد في منزل الرئيس ميشال سليمان تحت شعار رفض تعديل الآلية الحالية القائمة على اساس اتخاذ القرار في مجلس الوزراء بالتوافق والاجماع.
وامام هذه الممانعة لتعديل الآلية، يجد الرئيس تمام سلام نفسه عالقا بين فكَّي خيارين، أحلاهما مر، فإما ان يعاود إحياء اجتماعات مجلس الوزراء وفق الصيغة المعتمدة منذ بداية فترة الشغور مع ما يعنيه ذلك من تراجع عن موقفه ورضوخ للامر الواقع، وإما ان يبقى مصرا على التعديل، الامر الذي يعني ضمنا استمرار تعطيل جلسات الحكومة حتى إشعار آخر، لان أي قاعدة جديدة تتطلب توافقا وزاريا، وهذا ما لا يتوافر حاليا، خصوصا بعد الموقف الصادر عن اجتماع الوزراء الثمانية في منزل سليمان.
والارجح ان الضغط على سلام ازداد في أعقاب مطالبة البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال عظة قداس الاحد، بممارسة اعمال الحكومة بـ «ذهنية تصريف الأعمال لا بابتكار آليات تتنافى والدستور، وكأن الفراغ الرئاسي أمر عادي».

سلام منزعج

وبعد عودته أمس من الخارج، قال سلام لـ «السفير» انه سيتابع اتصالاته ومشاوراته مع القوى السياسية من أجل حسم النقاش حول إمكانية تعديل آلية عمل الحكومة، رافضا التعليق على المواقف واللقاءات التي سُجلت مؤخرا، ومن بينها اللقاء الوزاري الموسع في منزل الرئيس ميشال سليمان.
لكن مصادر مطلعة أبلغت «السفير» ان سلام منزعج من بعض ردود الفعل على اقتراح تعديل الآلية، فيما قالت أوساط وزارية لـ «السفير» ان الاجتماع الذي عقد في منزل سليمان إنما يصب في خانة تعطيل العمل الحكومي وتكبيل يدَي سلام.

بري يحذر من الشلل

الى ذلك، أكد الرئيس نبيه بري امام زواره ان لقاءه مع الرئيس سعد الحريري كان إيجابيا، مشيرا الى انه كان هناك اتفاق تام بينهما على ان الشغور الرئاسي بات يترك تداعيات فادحة على الوضع العام، بعدما تسبب في إغراق المؤسسات والبلد في حالة من الشلل المتمادي، مشددا على ان هذا الوضع ليس مقبولا، ولم يعد جائزا ان يستمر.
واعتبر بري ان معالجة الملف الرئاسي تبدأ بتفاهم مسيحي ـ مسيحي حول مرشح مقبول، مؤكدا انه في حال الوصول الى هذا التفاهم سيتصدر الصفوف لفتح الطريق امامه وتحويله الى تفاهم وطني.
وأشار بري الى انه التقى والحريري على ضرورة الاحتكام الى الدستور في آلية عمل مجلس الوزراء، ملاحظا ان البعض لا يرغب في تعديلها، بعدما استطاب تحول الوزراء الى رؤساء.
واعتبر ان عودة الحكومة الى العمل في ظل الآلية الحالية تعني انها ستبقى متعثرة وضعيفة الانتاجية.
وردا على سؤال حول تعليقه على الموقف الذي صدر عن اللقاء الوزاري في منزل سليمان، حيال «الآلية»، أجاب: انتظرناها من الشرق، فأتت من الغرب.

 

السابق
الحكومة تعود بآليتها المتّبعة وتعطيل أقل «مصالح غير مُعلنة» تؤخّر مرسومين للنفط؟
التالي
«أمير داعش في القلمون» يُعزل قتلاً!