شارع الحمرا وعمى الألوان..

في مقال عن شارع الحمرا، كتبه أحد "الزملاء" في احدى الصحف المحلية، التي ان لم تكن في تراجع كبير، فهي بالحد الأدنى لم تعد تجذبنا كما كانت، يبدو لنا جلياً ان نوعا ثالثا من الصحافيين دخل الى شارع الحمرا.

لا أعلم سر هذا الشارع عند الصحافيين، دائما ما اراهم منتشرين بمقاهيه وشوارعه، منهم من يعشق صخبه الليلي، منهم من يعشق سكونه في النهار، هؤلاء الذين يجلسون بمقاهى فارغة يستمعون لموسيقى كلاسيكية ويدونون مقالاتهم التي نقرأها يومياً ونستمتع بها.

اليوم  وفي مقال عن شارع الحمرا، كتبه أحد “الزملاء” في إحدى الصحف المحلية، التي ان لم تكن في تراجع كبير، فهي بالحد الأدنى لم تعد تجذبنا كما كانت، يبدو لنا جلياً ان نوعا ثالثا من الصحافيين دخل الى شارع الحمرا.

اشكالية التراجع او التغير لتلبية حاجات جمهور العالم الإفتراضي لم تبرر لنا اليوم ما كتب عن تبدل طرأ على شارع الحمرا، حيث وبحسب الزميل “تغيرت هوية الشارع” لتصبح هوية سورية “هوية لا فيزا كالتي فرضتها الدولة على النازحيين، التي وبجزء منها سبب أساسي بنزوحهم”.

لم يخطر في بال زميلنا ان يقرأ الأمور كما هي، لم ينتبه ولو قليلاً الى ان العائلات البيروتية بأغلبها من أصول سورية، ومشاويرها الى “الشام” قبل الأزمة شبه أسبوعية.

ربما عليه ان ينتبه ولو قليلاً بان المكتب الذي يجلس عليه من صنع مواطن سوري لأن اللبناني اسعاره مرتفعة، والثياب التي يلبسها وصلت اليه عبر حمّال سوري في المرفأ رأى فيه الفساد منذ سنوات وهو بالأمس سمع عنه، والمطعم الذي يتناول به قهوته المفضلة جمع ثروات على حساب عماله السوريين الذين لا ضمان صحي لهم.

ولا يجب ان ينسى “زميلنا العزيز” ان المبنى الخاص بجريدته كما اغلب مباني شارع الحمرا من بناء يد عاملة سورية توفي بعضها بحوادث عمل ولم تدون بأخبار صحفية، ولم يتحرك هو أو رئيسه بالعمل لكتابة تقرير ينصف من مات ويعترف لهم ولو لمرة واحدة في هذه الحياة بأنهم أشخاص مثلنا، لا مواطنين من الدرجة الثانية.

وجه زميلنا نظره الى شارع الحمرا ولم ينتبه لتلك المنشورات التي توزع هنا وهناك وتدعو “لمكافحة” الوجود السوري في لبنان، او تلك اليافطات التي علقت من قبل بعض البلديات وتخبر فيها النازحين بمنع التجول بعد السابعة مساء.

لكن رغم كل هذا لا بد ان نوافق صاحب المقال العنصري على نقاط عديدة أولها بأن لصاحب المطعم اللبناني الذي تحدث معه كل الحق بالخوف من مزاحمة السوري له تجارياً عبر افتتاح مطاعم سورية في شارع الحمرا، ليس لأنها سورية بل لأنها ستأخذ منه زبائنه اللبنانيين، بسبب غلاء اسعاره والحجة بأننا بشارع الحمرا.

ربما زميلنا على حق باختياره عابر سبيل سوري اختاره وفقا لشكله الخارجي الذي يوحي له بجوابه، من ثم سأله عن رأيه ووصل لما يريد، ولم يذهب ويأخذ رأي النازحين الذين افترشوا فنادق شارع الحمرا وانعشوا ما تبقى من مطاعم ومتاجر هجرها السياح بعدما غامر من غامر بمصير لبنان وحول السوري الى نازح واللبناني الى رهينة.

السابق
ميركل ستعرض على كاميرون حلاً وسطاً في شأن الهجرة
التالي
جنبلاط يعتذر عن دعوته لتسميم السياسيين: مطعم استخدم نفوذه ولم يذكره الإعلام