النازحون السوريون الى قضاء بنت جبيل..وضعهم مضبوط

أكثر من خمسين عائلة سورية نازحة تصل شهريا الى قرى قضاء بنت جبيل حيث تقوم باستئجار المنازل ليصار بعدها الى تسجيلهم في دوائر الأونروا في منطقة الحوش – قضاء صور، ليتسلموا بعدها بطاقات الإغاثة التي بواسطتها يستطيعون الحصول على المساعدات المالية والعينية.

وحسب إحصاءات دائرة الشؤون الإجتماعية في مدينة بنت جبيل زاد عن الستة آلاف عائلة، ولكن إحصاءات البلديات في القضاء تختلف حيث تبين وبعد حصولنا من تلك البلديات على أعداد النازحين فيها، ان عدد العائلات يقارب الألفي عائلة فقط، وعدد الشبان يقارب الأربعة آلاف شاب، هذا التباين في الأعداد بين دائرة الشؤون الإجتماعية والبلديات، تقول دوائر القائمقامية، يعود الى ان إحصاءات البلدية تعود الى حوالى الثمانية أشهر، وهذه البلديات هي التي تزود القائمقام بالأعداد والمعلومات، أما دائرة الشؤون الإجتماعية فإنها تتعاطى مباشرة مع هذا الموضوع، فلذلك تبقى الإحصاءات لديها حية ومستمرة.أما في ما يتعلق ببعض الإجراءات الأمنية مثل منع خروج السوريين من أماكن سكنهم بعد الساعة السابعة ليلا، فيعود الى البلديات المعنية بالأمر.

أما الأمن فمستتب على مستوى النازحين وليس هناك أي مشاكل تذكر، سوى بعض الحوادث الفردية والتي تحصل بشكل طبيعي.

هذا النزوح السوري الى قضاء بنت جبيل والذي قد يكون سببه الأوضاع الأمنية المستقرة مبدئيا في القضاء خصوصا والجنوب عموما وتوفر العمل في قطاعي البناء والزراعة.

بدلات الإيجار
وقد أدى هذا الإقبال الكثيف على المنطقة من قبل النازحين الى ارتفاع بدلات الإيجار بشكل جنوني وفي فترات قصيرة ومتلاحقة حيث ارتفع بدل إيجار الشقة من مئة دولار الى حوالي ثلاثمئة دولار شهريا، وأجرة الغرفة الواحدة الى حوالى 200 دولار شهريا وهذا ما دفع بالجمعيةالنروجية (NRC) الى تعهد المنازل التي هي قيد الإنشاء واستكمال مستلزماتها من الداخل كالأبواب والنوافذ والتجهيزات الصحية والكهربائية لتصبح جاهزة مبدئيا للسن فتقيم فيها عائلة سورية لمدة سنة واحدة، وقد استفادت من هذا الإجراء عائلات جنوبية كثيرة، وكذلك عائلات سورية، وهذا الإجراء ما زال مستمرا. كذلك عمد “حزب الله” في بعض الفترات الى تقديم بدلات سكن نقدية الى بعض هؤلاء النازحين.

البنى التحتية
وأثر النزوح السوري ايضا على البنى التحتية في قطاعي الكهرباء والمياه حيث ازداد الطلب على هاتين الحاجتين مما سبب ضغطا متزايدا على الشبكات القديمة وهذا ما أدى الى رواج بيع المياه بواسطة الصهاريج حتى لأبناء المنطقة الذين يعانون أصلا من شح في مياه الشرب والإستعمال. أما بالنسبة للكهرباء فأيضا راجت حركة المولدات التجارية والإشتراكات. أما على الصعيد الغذائي فقد أدى هذا النزوح الى ارتفاع أسعار بعض السلع وخصوصا الباذنجان والجوز والفليفلة والزيت التي هي مستلزمات أكلة “المكدوس” التي لا يتخلى عنها السوريون حتى في أماكن نزوحهم.

جولة ميدانية
وفي جولة لنا على بعض أماكن سكن النازحين السوريين، وجدنا ان كثرا منهم يشكون صعوبة تأمين بدلات السكن والإحتياجات الأخرى من مأكل ومشرب وملبس، خصوصا ان الأزمة قد طالت ولا أفق لحلها على الرغم من بعض المساعدات التي تصلهم عبر “الأونروا” والجمعيات الدولية والمحلية، وان أوضاعهم في فصل الشتاء تصبح أكثر صعوبة وإيلاما.

ويقول رشيد.ع الذي يعش مع زوجته ووالده واخواته وستة من أبنائه في وحدة سكنية قد استأجرها بمئتين وخمسين دولارا بأنه كثيرا ما لا يستطيع دفع بدل الإيجار وانهم قد اضطروا لشراء براد وغسالة مستعملين وان لديهم نقصا في الفرش والأغطية بالرغم مما وزعته عليهم وكالة “الأونروا” لغوث اللاجئين.

ويقول آخر وهو ع.م وهو يعيش مع أولاده السبعة زوجته في غرفة واحدة انه اضطر للسكن فيها لعدم قدرته على استئجار شقة وليس في بيته سوى أبسط لوازم السكن.

وهناك بعض العائلات التي استحدثت “براكيات” في أماكن عملها على معامل أحجار الباطون وغيرها من الورش، وسكنوا فيها مع عائلاتهم. ويعمل الكثير من هؤلاء النازحين في قطاع البناء والأعمال الأخرى ومنها قطاف الزيتون وبعض النسوة يعملن في تنظيف البيوت.

على الصعيد التربوي
أما بالنسبة للمدارس فهناك من سجل أبناءه في المدارس الرسمية وبشكل طبيعي، والبعض الآخر لا يستطيع تسجيلهم، إما لقناعة منه وإما لأسباب مادية. وهناك من سجل أولاده في المدارس الخاصة.

وتقول رئيسة قسم الخدمات الإجتماعية في دائرة الشؤون الإجتماعية في مدينة بنت جبيل السيدة ندى بزي: “ان مكاتب الوزارة تقوم بدور الوسيط بين الجهات المانحة والجمعيات التي تعمل على الأرض وتقوم بتوزيع المساعدات بنفسها، مثل جمعية “شيلد” ومندوبو “الأونروا” الذين يتواجدون في مركز الشؤون في بنت جبيل تقريبا بشكل يومي، ودورنا نحن كمركز للشؤون تنسيقي، كما إننا نقوم ببعض الدورات التدريبية لهؤلاء النازحين، فقد قمنا بدورة تدريب على الإسعافات الأولية في مركزنا هنا، وذلك بالتنسيق مع الهيئة الطبية الدولية لتدريب الجمعيات ومراكز الشؤون الإجتماعية التي تعمل على موضوع النازحين. وقد تم تكليف شركة “غلوب ميد” للتأمين لتتعاقد مع مستشفيات في القضاء حيث تعاقدت مع (مستشفى صلاح غندور الخاص ومستشفى تبنين الحكومي) وقد وقعت الهيئة الطبية الدولية إتفاقية تفاهم مع وزارة الشؤون الإجتماعية وهي تغطي 85 بالمئة من الخدمات الطبية في المركز، ويتم مساعدة ما بين (1200 و1400 مريض) شهريا من سوريين ولبنانيين، (90 بالمئة منهم سوريين). وهناك شركة (NRC) وهي استشارية قانونية لحل المشاكل التي تتعلق بإقامات النازحين والولادات الحديثة التي تحصل في لبنان من قبل السوريين. كما أن هناك الصليب الأحمر اللبناني الذي يقوم بتقديم مساعدات طبية وعينية من وقت لآخر”.

وتابعت: “لقد قمنا أيضا بإجراء دورات تثقيفية تستفيد منها حوالى ثمانمئة سيدة سورية بالتعاون مع الهيئة الدولية (UNFPA) أي صندوق الأمم المتحدة للسكان، وأيضا بالتعاون مع جمعية شيلد. وننظم في المركز دورات تدريب مهني للسيدات السوريات (خياطة وأشغال حرفية) ليستفدن منها لدى عودتهن الى بلادهن. كما نقوم بإجراء دورات تقوية في المواد التعليمية للأولاد لكي يواكبوا التحصيل العلمي. كما إننا أقمنا عيادة للصحة النفسية يستفيد منها الأطفال الذين يعانون الخوف والتبول اللاإرادي. وفي اليوم العالمي لغسل اليدين وزعنا الصابون على الجميع”.

وقال: “هذه بالإجمال النشاطات التي نقوم بها في مجال المساعدات على استيعاب النزوح السوري الى مناطقنا بالإضافةالى توزيع الحصص التموينية هنا في المركز، إذ إن أصحاب العلاقة يتلقون رسائل نصية على هواتفهم من دوائر الأونروا عندما يحين موعد استلامهم للحصص التموينية وهذه الإجراءات هي بحت تنظيمية لكي لا تحصل العجقات والتزاحم، ويحل النازحون على مساعداتهم بكل احترام”.

وبالفعل، من خلال الإطلاع على أوضاع النازحين السوريين في الجنوب عموما وفي منطقة بنت جبيل خصوصا، نجد أنهم أفضل حال عن غيرهم في بعض المناطق، وخصوصا لناحية الوضع الأمني والسكني. ولكن يبقى السؤال: الى متى سيستمر تدفق النازحين مع العلم ان هناك قرارا حكوميا بعدم استقبال أي من النازحين وان لبنان لم يعد قادرا على الإستيعاب؟.

السابق
لماذا سواريز «يعنّف» بيكيه؟
التالي
النصرة وداعش لجنوبية: تتجاوب حكومتكم اليوم او اعدام جماعي