«خليّة الأزمة» في أزمة كَثرة المفاوضين

كتبت”النهار” تقول: يتركز الاهتمام الدولي على لبنان رغبة في منع انزلاقه الى الحرب السورية، وابعاداً لتداعيات تلك الحرب عنه، وقد وصل الى بيروت ليل أمس مدير الشرق الاوسط وافريقيا الشمالية والمبعوث الخاص لوزير الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو، على أن يبدأ لقاءاته اليوم مع المسؤولين اللبنانيين ليحضهم على الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية. كما تصل غداً الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني لاستطلاع الاوضاع. وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف غادر بيروت بعدما أكد ان موقف موسكو هو مع انتخاب رئيس جمهورية توافقي كما أنها مع التزام “إعلان بعبدا” بصرف النظر عن الموقف الروسي المعروف من الحرب السورية.

واجواء الداخل، على ضبابيتها والغيوم الداكنة التي أنذرت بفتنة عقب اعلان “جبهة النصرة” عن اعدامها الدركي الرقيب المختطف لديها علي البزال ليل الجمعة، وقيام حواجز تفتيش وتدقيق في الهويات لمسلحين في محيط عرسال، ليست تصعيدية، ذلك ان مصادر امنية اكدت لـ “النهار” ان “الجو العام ليس تصعيدياً، وان لا طرق مقطوعة، وان الاتصالات السياسية من القوى الموجودة في المنطقة لن تسمح بحصول مواجهات أو فتنة لا تخدم إلا المنظمات الارهابية. وستؤدي التدخلات والمونة على عائلة البزال الى عض على الجروح”.

وفي اطار البحث في تفعيل التفاوض مع الخاطفين الذين هددوا باعدام مزيد من العسكريين، علمت “النهار” ان وفداً من “هيئة العلماء المسلمين” سيلتقي ظهر اليوم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان للبحث معه في مبادرة تقوم بها الهيئة، استباقاً لاجراءات لوح بها الشيخ عباس زغيب، منها خطف رعايا اتراك او قطريين لمبادلتهم بالعسكريين، مما يزيد الوضع تعقيداً في رأي مصدر وزاري.

وتنص مبادرة “هيئة العلماء المسلمين” لتهدئة الأجواء، التي سمّتها “مبادرة الكرامة والسلامة”، على إطلاق النساء والأطفال المحتجزين فوراً من جهة، وإلى الكف عن ترويع الأهالي وتهديدهم بقتل أبنائهم، والإفراج عنهم من جهة أخرى.

في المقابل، حرص رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام أمام زواره أمس على الكتمان الشديد، رافضا التعليق على أي استفسار يتعلّق بما انتهى اليه الاجتماع الاخير لخلية الازمة الوزارية الذي تابع برئاسته تطورات ملف المخطوفين العسكريين. وسئل هل الاوضاع الامنية الداخلية مطمئنة؟ وهل يرى ان الاجراءات الامنية للامساك بزمام الامور كافية؟ فاجاب: “ليس هناك ما يطمئن… لكن الامور كما نراها ممسوكة”.

واذ لوحظ اعتصام الوزراء والمسؤولين المطلعين على حقيقة مسار التفاوض بصمت مطبق، لم يتوان الرئيس نبيه بري عن القول أمام زواره كما نقلوا عنه الى “النهار”، ان اجتماعاتها تراوح مكانها و”اصبحت خلية الازمة ازمة خلية بسبب كثرة المفاوضين، الامر الذي زاد الازمة تعقيداً، وهناك ثلاثة من آل الحجيري يفاوضون على سبيل المثال. المطلوب هو اعطاء الخبز للخباز، ويتولى مسؤول أمني ادارة هذا الملف بالتنسيق مع رئيس الوزراء، واياً يكن، شرط ان يكون من الاختصاصيين في هذا المجال ويأخذ دوره في هذا المجال. ولا يعقل ان تتولى اكثر من جهة التفاوض، ولدينا العديد من اوراق القوة، ولكننا ويا للاسف لم نحسن استعمالها حتى الآن”.

وعلى عكس ما صدر في بيان الاجتماع الاخير للخلية، فان المناقشات تراوح مكانها، كما قال احد الوزراء لـ”النهار” وان الاعضاء يغرقون في المسائل نفسها ولا يتوصلون الى اتفاق على نقاط مشتركة ويعملون على تطبيقها. ولا تخفي جهات متابعة عدم توافر التنسيق المطلوب بين الاجهزة الامنية. وابلغ مثال حي على ذلك هو الضجة التي احدثتها الموقوفة سجى الدليمي في شأن تسريب خبر توقيفها والتحقيقات الجارية معها.

وطالب الوزير سجعان قزي باسم كتلة الكتائب بعقد جلسة استثنائية للحكومة قبيل سفر الرئيس سلام الى فرنسا الاربعاء للبحث في قضية العسكريين، واطلاع الرأي العام على تطوراتها في ضوء عدم معرفته بما تنجزه خلية الازمة التي لا تعطي انطباعاً انها تتقدم وتقدم شيئاً واضحاً.

وأبلغت مصادر عسكرية “النهار” أن التحقيقات مستمرة مع مطلقة البغدادي، ومع زوجة أبو علي الشيشاني، اللتين ثبتت بحقهما الشبهات الأمنية، من حيث التواصل مع المجموعات الارهابية وضلوعهما في أدوار تمويل لها، وفي التجول ببطاقات مزوّرة.

وأكدت المصادر أن الجيش يتخذ اجراءات معزّزة جداً وهو في أقصى درجات الاستنفار في منطقة جرود عرسال، وخصوصاً بعد الاستهدافات التي طاولته، وبعدما باتت مراكزه عرضة للاعتداءات من قسوة المجموعات الارهابية التي لا توفّر اي ثغرة للنفاد منها مع دهم الشتاء تجمعاتهم في الجرود، وبعد التوقيفات التي شملت الامرأتين ، ومع تطوّر ملف الأسرى.

وفي اجواء الاحتقان السائدة حيال قتل العسكريين، أقدم عدد من اهالي بلدة مشحة العكارية على احراق خيم للاجئين، ليل الجمعة – السبت، لتعاد الكرة ليل السبت – الاحد، واحراق أربع خيم أخرى من تلك التي تعمل على اقامتها جمعية “DRC”، وهي احدى المنظمات الاغاثية العاملة بغطاء من مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين.

الحوار
سياسياً، علمت “النهار” من مصادر مواكبة للحوار المرتقب بين “المستقبل” و”حزب الله” ان هذا الحوار لن ينطلق إلا في الشهر الاول من السنة المقبلة لاعتبارات عند الفريقين اللذين يحضّران لجدول الاعمال بينهما. وافيد ان السيد نادر الحريري سافر الى الولايات المتحدة في زيارة عمل لن يعود منها قبل موسم الاعياد. وأمام اصرار الرئيس بري على التعجيل في عقد جلسة اولى، رجحت مصادر متابعة ان يصار الى “لقاء ودي” لتأكيد حسن النيات لدى الطرفين في العطلة بين عيدي الميلاد ورأس السنة.

السابق
عن خطورة حوار المستقبل – حزب الله ولا دستوريّته
التالي
ظهور مسلح يرافق قرار اهالي العسكريين بالتصعيد