قضية العسكريين: بدايات إيجابية من سوريا

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثمانين بعد المئة على التوالي.

الجلسة الخامسة عشرة للانتخاب الرئاسي لقيت مصير سابقاتها، وسط إصرار الرئيس نبيه بري على التأكيد أن هناك إشارات إيجابية في ما خص هذا الاستحقاق، فيما رمى العماد ميشال عون حجراً في المياه الراكدة على هذا الصعيد بقوله في مقابلة مع محطة «أم تي في» ليل أمس، أنه «إذا تعهدت الكتل الالتزام بالتصويت لي أو لسمير جعجع حصراً في انتخابات الرئاسة وعدم تقديم أيّ مرشّح ثالث»، فهو جاهز للنزول الى مجلس النواب والمشاركة في جلسة الانتخاب.
وأضاف: ليست عملية ديموقراطية حصر الترشيح بين اثنين، ولكن جعجع يتحداني باستمرار، وإذا بقي المرشح هنري حلو على ترشيحه فليصوتوا بينه وبين جعجع.
وفي رد على اشتراط عون سحب ترشيح النائب هنري حلو، غرّد النائب وليد جنبلاط على «تويتر» قائلا: احترم رأي عون لكن من حقنا المنافسة الديموقراطية.
كما اعتبرت مصادر في فريق «14آذار» انه لا يحق لعون أن يضع الكتل النيابية مسبقا امام امر واقع، وأن يفرض شروطا على مسار الجلسة الانتخابية، لان ذلك مخالف للدستور. ولفتت الانتباه الى ان عون لا يستطيع ان يُلزم مسبقا السنة والشيعة بمرشحين، كل منهما مرفوض من كتلة إسلامية وازنة.

ملف العسكريين

الى ذلك، وغداة عودة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم من دمشق، وعلى مقربة من مكان اعتصام أهالي العسكريين المخطوفين في ساحة رياض الصلح، عقدت خليّة الازمة اجتماعا أمس، في السرايا الحكومية برئاسة الرئيس تمام سلام، لمتابعة مستجدات هذا الملف والاطلاع على حصيلة زيارة ابراهيم.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«السفير» إن الكلام الذي سمعه أعضاء الخليّة من اللواء ابراهيم يعكس بدايات سورية للتعاطي بإيجابية، ومن دون شروط مسبقة، مع قضية المخطوفين والرغبة اللبنانية في التعاون على هذا الصعيد، علما ان من بين العروض المقترحة من الخاطفين لإطلاق سراح العسكريين، الإفراج عن عدد من المعتقلات من السجون السورية.
في المقابل، قالت أوساط ديبلوماسية سورية لـ«السفير» إن دمشق تنتظر ان تتقدم اليها الحكومة اللبنانية بطلب رسمي وعلني لتفعيل التعاون في ملف المخطوفين، مؤكدة ان دمشق حريصة على ان ينتصر لبنان على الارهاب وان يحرر عسكرييه المخطوفين، لكن الوصول الى نتائج في هذا المجال يتطلب تعاونا جديا، وفق الأصول.
ولفتت الأوساط الديبلوماسية الانتباه الى ان هناك حدا معينا من التنسيق يجري حاليا على مستوى بعض الاقنية الامنية والسياسية بين لبنان وسوريا، إلا انه يجب تطويره وتظهيره بوضوح حتى يبلغ الفعالية المطلوبة، وهذا في مصلحة لبنان قبل سوريا.
ويبدو ان التحدي الذي قد يواجه الحكومة في هذا الملف يتعلق بمدى قدرتها، عندما تحين اللحظة المفصلية، على التواصل الرسمي والعلني مع دمشق، وتجاوز اعتراضات بعض أطرافها على ذلك.
وأبلغ مصدر رسمي مواكب للمفاوضات «السفير» ان هناك «اختراعا» لبنانيا جرى طرحه للتفاوض، هو من خارج القوالب التي اقترحها الخاطفون. ولفت الانتباه الى ان لبنان مضطر الى ان يتحرك على إيقاع الموفد القطري الذي يتحرك على «القطعة» عند كل تهديد يطلقه الخاطفون بذبح أحد العسكريين، وبالتالي فان سرعته تزيد او تتراجع تبعا للمعطيات التي تستجد.

ولاحظ المصدر أن الوتيرة القطرية بطيئة إجمالا، برغم ان الدوحة التزمت سياسيا بمتابعة هذه القضية.
وقال مصدر وزاري لـ«السفير» إن الجهد مستمر لإطلاق سراح المخطوفين بأسرع وقت ممكن، مشددا على ان الكتمان والسرية هما شرطان أساسيان من شروط نجاح الجهد المبذول لتحرير العسكريين.
واعتبر ان القضاء اللبناني يعمل استنادا الى معايير مهنية، لافتا الانتباه الى ان القضاء يكون قد ضرب مصداقيته ونزاهته في اللحظة التي يبدأ فيها بالنظر الى ما يدور حوله، والتأثر به، فيما هو يُصدر أحكامه. وحذر من ان الخضوع للابتزاز يؤدي الى تهديم منهجي لمؤسسات الدولة.
ورأى ان الاحكام الاخيرة التي صدرت عن القضاء بحق خمسة موقوفين إسلاميين في قضية أحداث مخيم نهر البارد وأثارت غضب خاطفي العسكريين، لم تكن تستدعي كل هذه الضجة لان لبنان لا يطبق الإعدام، وبالتالي فان الاحكام خُفضت الى السجن المؤبد، الامر الذي يترك الباب مفتوحا امام المعالجات لهذه القضية.
وثمة قناعة لدى المتابعين لهذا الملف أن الخاطفين لن يقدموا على ذبح أي من العسكريين، لأن من شأن ذلك أن يضعف موقفهم في المفاوضات التي يسعون عبرها الى إطلاق سراح عدد كبير من الموقوفين الاسلاميين وفي مقدمهم عماد جمعة، وفق ما تم إبلاغه الى الموفد القطري.
وقد نقل عن جمعة استهجانه للطريقة التي تجري فيها المفاوضات وهو أبلغ بعض المحامين بأنه إذا استمر الأمر على ما هو عليه من المماطلة، فانه لن يتدخل في أي مفاوضات جديدة، معلنا عن استعداده للمثول أمام القضاء اللبناني لمحاكمته، ولافتاً الانتباه الى أن ملفه فارغ وأنه لم يقدم على إطلاق النار على الجيش أو مواجهته، لأنه أوقف قبل اندلاع جولات المعارك في عرسال.
وأبدت أوساط مقرّبة من الموقوفين الاسلاميين خشيتها من أن تؤدي الخلافات السياسية الى عرقلة المقايضة. وأشارت الى أن الحكومة لا تزال منقسمة على نفسها في موضوع المفاوضات التي لم تبلغ مستوى الجدية حتى الآن، مشددة على ضرورة اقتران هذه المفاوضات بكثير من الهدوء والبعد عن التشنجات السياسية، وبالتالي عدم إصدار أي أحكام من قبل المجلس العدلي بحق الاسلاميين من شأنها استفزاز الخاطفين لكي تتجه الأمور الى خاتمتها السعيدة.

السابق
الجميّل: الكلام عن وجوب اتفاق المسيحيين على مرشح هرطقة
التالي
الجبهة الشعبية والعمليات النوعية