في ظل تردد تيار المستقبل وتحفظاته: هل تفتح دعوة نصر الله للحوار الباب للتسوية الداخلية؟

قاسم قصير

شكلت المواقف التي اطلقها امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله خلال احياء ذكرى عاشوراء مفاجأة مهمة على صعيد الوضع الداخلي اللبناني وكذلك لجهة اعادة تصويب العديد من المفاهيم والمعطيات الفكرية والعقائدية السائدة في بعض الاوساط الاسلامية عامة والشيعية خاصة بشأن موضوع الامام المهدي وتوقيت ظهوره وعلاقة ذلك بالصراعات السياسية والعسكرية في المنطقة.

وقد اشاد نصر الله بمواقف اهل طرابلس والشمال من التطورات التي حصلت مؤخرا ، كما اشاد بشكل خاص بمواقف تيار المستقبل وزعيمه الشيخ سعد الحريري داعيا للعودة الى طاولة الحوار للبحث في كل الملفات الداخلية، ورغم ان نصر الله اكد استمرار قتال حزب الله في سوريا والتبني الصريح لترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، فان دعوته للحوار والاعلان عن الاستعداد لمناقشة كل الامور والحرص على حماية الاستقرار الداخلي ، كل ذلك يفتح الباب امام بحث جدي للازمات القائمة في البلد.

لكن بالمقابل حرص تيار المستقبل وقادته ومسؤولوه على عدم الترحيب بدعوة السيد نصر الله للحوار وابقاء الامور معلقة ، كما طلب التيار من  مسؤوليه ووسائل اعلامه ، حسب مصادر مطلعة ، عدم التعليق على مبادرة السيد نصر الله والتعاطي معها باقل قدر ممكن من الاهتمام.

فماهي ابعاد دعوة السيد حسن نصر الله للحوار ولماذا اختار هذا التوقيت لاعلان ذلك؟ وهل سيتجاوب تيار المستقبل مع الدعوة للحوار ؟ وهل سيؤدي ذلك لفتح الباب امام تسوية الاوضاع الداخلية في لبنان؟

ابعاد الدعوة وظروفها

بداية ماهي ابعاد الدعوة للحوار ولماذا اختار الامين العام لحزب الله هذا التوقيت لاعلان هذه الدعوة؟

مصادر مطلعة في حزب الله تقول ان الدعوة التي اطلقها السيد حسن نصر الله للحوار واشادته بمواقف تيار المستقبل وزعيمه الشيخ سعد الحريري جاءت بعد التطورات الامنية الاخيرة في الشمال والتي كادت تمتد الى مناطق اخرى والمواقف التي اطلقها الحريري والتيار والتي ساهمت في تهدئة الاوضاع ولجم التدهور الامني ومنع امتداد الفتنة الى كل المناطق اللبنانية.

واما على صعيد الدعوة للحوار فقد جاءت بعد ان وصلت عدة رسائل من شخصيات لبنانية وعربية تؤكد استعداد الشيخ سعد الحريري وتيار المستقبل للحوار وانهم يتمنون ان يطلق حزب الله مبادرة في هذا الاتجاه كي يتم التجاوب معها.

وتوضح اوساط الحزب ان الدعوة للحوار ليست ناجمة عن شعور الحزب بالضعف او تعرضه لضغوط معينة بل ناتجة عن الشعور بالخطر القادم على لبنان والمنطقة والحاجة لترتيب الوضع الداخلي منعا من الانجرار الى فتنة جديدة.

وتضيف المصادر: ان حزب الله حريص على حماية الاستقرار الداخلي والعمل للجم اي تدهور قد يحصل وحماية المؤسسات العسكرية والامنية وتسهيل عمل الحكومة وكل ذلك يتطلب العودة للحوار لمناقشة كل القضايا والملفات العالقة.

موقف المستقبل واسباب تردده

وبالمقابل لماذا تردد مسؤولو تيار المسقبل بقبول الدعوة للحوار؟ وهل سيتم التجاوب مع الدعوة لاحقا مما يؤدي لفتح الباب امام تسوية الوضع اللبناني الداخلي؟

تقول مصادر مطلعة في تيار المستقبل ، ان الشيخ سعد الحريري ومسؤولي التيار كانوا دوما من الداعين للحوار والعمل لمعالجة الازمات القائمة وان كل مواقف التيار كانت تصب في هذا الاتجاه وكذلك على صعيد دعم الدولة ومؤسساتها ولا سيما عند الاحداث الكبرى كما حصل في صيدا وعرسال واخيرا في طرابلس.

واما اسباب التردد في قبول الدعوة للحوار اليوم ، فتوضح المصادر ان دعوة السيد نصر الله للحوار جاءت مع التصعيد في مواقفه الداخلية والخارجية ولاسيما تحميل السعودية مسؤولية نشوء و مواجهة التيارات الاسلامية المتشددة وكذلك التأكيد على استمرار القتال في سوريا وتبني ترشيح العماد ميشال عون، اضافة الى المواقف السابقة لمسؤولي الحزب والتي كانت تحمل تيار المستقبل مسؤولية الاوضاع الامنية في طرابلس والشمال، ولذا ليس من المناسب الترحيب السريع بالدعوة والحاجة لدراسة الامور بهدوء قبل اعلان الموقف النهائي.

لكن هل سيتم التجاوب مع الدعوة للحوار وهل سيؤدي ذلك لفتح الباب امام تسوية الاوضاع الداخلية في لبنان؟

مصادر سياسية مطلعة تؤكد ان لاخيار امام جميع الاطراف اللبنانيين الا الحوار وان لم يتم الحوار اليوم فسيتم غدا، لكن يبدو ان الامور  مرتبطة بالاوضاع في المنطقة سواءا على صعيد الوضع السوري او الحوار الايراني- الدولي او الحوار السعودي- الايراني، وبانتظار توضيح صورة الاوضاع في المنطقة نعرف الى اين ستتجه الامور ووسنحتاج الى فترة زمنية من اجل البدء بالبحث الجدي لمعالجة الازمة اللبنانية مع حرص الجميع على حماية الاستقرار واستمرار عمل الحكومة ومنع تدهور الاوضاع الامنية والتخفيف من اجواء الاحتقان الداخلي.

السابق
السيستاني.. مشروع المدنيّة وقيم المواطنة
التالي
السنيورة يشرح لبري مبادرة الحريري.. وفلتشر يحذر من خرق «داعشي»