حرب كلامية بين السلطة و«حماس» في الذكرى العاشرة لوفاة عرفات

تبادلت حركتا “فتح” والمقاومة الاسلامية “حماس” أمس الاتهامات في الذكرى العاشرة لوفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بعد سلسلة تفجيرات استهدفت منازل لقادة “فتح” في غزة. ودارت مواجهات عدة في مدينة القدس وفي محيطها وعززت الشرطة الاسرائيلية وجودها في المدينة وعلى مداخل البلدات والقرى العربية المختلفة داخل اسرائيل.

اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطاب ألقاه في مقر الرئاسة الفلسطينية “المقاطعة” أمام آلاف الفلسطينيين “حماس” بـ”تدمير” المصالحة الوطنية الفلسطينية وارتكاب عمليات التفجير. وقال: “يسألون عن الذي ارتكب جريمة تفجير منازل قادة فتح في غزة، الذي ارتكبها هم قيادة حركة حماس وهي المسؤولة عن ذلك ولا اريد تحقيقا منهم”.
وتوترت العلاقة بين “حماس” و”فتح” في الايام الاخيرة بعدما فجر مجهولون عبوات ناسفة أمام أكثر من عشرة منازل لقادة في “فتح” بقطاع غزة الجمعة، مما ألحق بها اضرارا مادية من دون وقوع اصابات، في واقعة هي الاولى من نوعها. كما استهدف انفجار آخر منصة اقامتها “فتح” في ساحة “الكتيبة” غرب مدينة غزة لمراسم احياء الذكرى العاشرة لوفاة عرفات.
ولاحظ عباس أن “حماس تقول ان هذه التفجيرات من جماعة منفلتة ولا أدري كيف يقع 15 انفجاراً في خمس دقائق ولا تعرف عنها حماس”. وأضاف: “أعلنوها صراحة أنهم لا يريدون هذا الاحتفال، ولكن الجماهير تزحف هنا اليوم الى رام الله والى غزة رغم أنفهم”. واعتبر ان “الذي يقوم بهذه الاعمال لا يريد مصالحة، ولا يريد وحدة وطنية”.
وتطرق الى التوتر السائد في القدس الشرقية والضفة الغربية، محذراً من ” حرب دينية مدمرة إذا استمر قادة إسرائيل في انتهاك قدسية مقدساتنا الإسلامية والمسيحية”، مؤكداً أن “القدس ستبقى عاصمتنا الأبدية وسنحمي مقدساتها وسنبقى مرابطين فيها، وأنه من حق المرابطين الدفاع عن مقدساتنا ولن نسمح بتدنيسها من المستوطنين وجنود الاحتلال”.

البرغوثي
الى ذلك، قال القيادي في “فتح” مروان البرغوثي المعتقل لدى اسرائيل في رسالة في الذكرى العاشرة لرحيل عرفات كتبها من سجن هداريم الاسرائيلي ونشرتها صحيفة “القدس” الفلسطينية ان “التمسك بارث عرفات ومبادئه وثوابته التي استشهد وعشرات الالاف من أجلها يأتي من خلال مواصلة مسيرة المصالحة الوطنية على اسس صحيحة ودعم ومساندة حكومة الوفاق الوطني والتمسك بخيار المقاومة الشاملة والبندقية التي استشهد عرفات وأبو جهاد وأحمد ياسين والشقاقي وأبو علي مصطفى والكرمي والجعبري وهي في ايديهم”. وشدد على “ضرورة اعادة الاعتبار مجددا لخيار المقاومة بوصفه الطريق الاقصر لدحر الاحتلال ونيل الحرية”.
وتوفي عرفات عن 75 سنة في 11 تشرين الثاني 2004 في مستشفى بيرسي دوكلامار العسكري الفرنسي قرب باريس بعد تدهور مفاجئ في صحته، اثر معاناته آلاماً في الامعاء من دون حمى بينما كان في مقره برام الله حيث كان الجيش الاسرائيلي يحاصره منذ كانون الاول 2001.
ووصل المئات من مناطق بعيدة شمال الضفة الغربية، وحملوا الاعلام الفلسطينية ورايات فتح وصور عرفات، للمشاركة في إحياء ذكراه.

“حماس” ترد
ورد الناطق باسم “حماس” مشير المصري على عباس قائلاً: “خطاب عباس امتلأ بالاكاذيب والمغالطات والتضليل والشتائم ويدل على فئويته وحزبيته”، مشيراً الى ان الشعب الفلسطيني “بحاجة الى رئيس شجاع”.
واتهم “فتح” بأنها “اصطنعت هذه التفجيرات في غزة لمحاولة اقحام حركة حماس في فشل تنظيم المهرجان والتغطية على ازمة خلافاتها الداخلية من خلال سياسة الاتهامات المرفوضة لحماس”. وقال: “اننا في حماس قلقون على المصالحة بعد هذه المغالطات ولكن نأسف ان نتحدث عن رئيس وضع نفسه في موقف حرج بخطابه الحزبي والفئوي وحول المهرجان من وفاء للرئيس عرفات الى مهرجان كله شتائم وسب واتهامات”.
واعتبر ان عباس “يحاول ابتزاز قطاع غزة كله في ملف اعادة الاعمار بربط التفجيرات باعادة الاعمار لأسباب حزبية ضيقة لم يسبق للاحتلال استخدامها”. وأكد ان “ما جرى من تفجيرات في غزة امتداد لازمات فتح الداخلية التي تعانيها”.

مقتل فلسطيني ومواجهات
واستمرت المواجهات بين الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية في مناطق متفرقة من الضفة الغربية. وأعلن مصدر أمني فلسطيني ان “الشاب محمد عماد جوابرة (22 سنة) استشهد برصاص قوات الاحتلال خلال مواجهات في مخيم العروب جنوب الضفة الغربية”. وقال مصدر طبي في مستشفى الميزان في الخليل إن جوابرة أصيب في صدره.
وروى شهود عيان، ان مواجهات دارت بين الجيش الاسرائيلي وشبان فلسطينيين في مناطق دورا ومخيم الفورا قرب الخليل ورشق الشبان فيها قوات الجيش بالحجار.
وكان الجيش الاسرائيلي أعلن في وقت سابق انه نشر تعزيزات في الضفة الغربية المحتلة. وبثت اذاعة الجيش ان هذه التعزيزات نشرت في الطرق الرئيسية في الضفة الغربية المحتلة وعند محطات توقف الاوتوبيسات غداة مقتل مستوطنة وجندي في حادثي طعن بالضفة الغربية وتل ابيب.
وصرحت الناطقة باسم الشرطة الاسرائيلية لوبا سمري بأن “الشرطة في حال انذار متقدمة وتم نشر الاف من رجال الشرطة والضباط والمتطوعين والتعزيزات في انحاء البلاد لضمان الامن العام”. وأضافت ان “عملية على المستوى الوطني بدأت الثلثاء لوقف كل هؤلاء الموجودين في اسرائيل بصورة غير قانونية”.
ودعت السلطات الاسرائيلية الاسرائيليين الى “اليقظة” والى ابلاغ الشرطة عن “أي سيارة أو شخص مشبوه”. وأدى الهجومان بالسكين الى زيادة حدة التوتر السائد بين اسرائيل والفلسطينيين. وامتد التوتر السبت الى البلدات العربية داخل اراضي عام 1948 بعدما قتلت الشرطة الاسرائيلية خير حمدان (22 سنة) السبت بينما كان يحتج على اعتقال احد اقاربه.
وحذّر وزير الدفاع الاسرائيلي موشي يعالون من “أن قوى الامن الاسرائيلية سترد بقوة على اي اعمال مخلة بالامن وستهدم ايضاً منازل فلسطينيين يرتكبون اعتداءات على اسرائيليين وتجري مزيداً “من الاعتقالات”. وأشار الى ان “أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية تعمل هي أيضاً على تهدئة الاوضاع” ، لافتاً الى ان “التصريحات التي ادلى بها الرئيس عباس أدت الى تصعيد الموقف عقب الاحداث التي وقعت في الحرم القدسي الشريف”.
وفي المقابل، عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اجتماعا طارئا للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والامنية لـ”مناقشة آخر التطورات الامنية وسبل احتواء موجة العمليات الارهابية”.
وتشهد الاحياء الفلسطينية في المدينة احتجاجات غاضبة ليلية اعتراضاً على سياسة اسرائيل وتعبيراً عن الغضب من محاولات مجموعات من اليمين المتطرف الصلاة في باحة الحرم القدسي.

السابق
«حزب الله» يستعين بالتجنيد في «سرايا المقاومة»
التالي
توقيف عقيد ورقيب في الجمارك بجرم تهريب اجهزة خلوية