مزارعو الحشيشة أليسوا إرهابيين بحقّ أطفالنا يجب محاربتهم؟

الحشيشة
بعد غض نظر الدولة عن مزارعي الحشيشة، وعدم الوصول إلى حل لهذه الأزمة إما عبر تشريعها أو طرح البديل، وبعدما امتنعت الاجهزة المعنية عن إتلاف موسم الحشيشة هذا العام، باتت أسعار الحشيشة الرخية تيسمح لأّي مراهق أو شاب، وإن كان عاطلا عن العمل، أن يشتريها. وفي حين تبسط الدولة هيبتها على صيدا وطرابلس بوجه الفكر التكفيري، أليس تكفيريا من يسوّق الحشيشة بين أطفالنا؟ وأليس إرهابيا من يهدّد الدولة بسلاحه إذا تجرأت على إتلاف حقول الحشيشة؟

لا يخفى على أحد أنّ انتشار زراعة الحشيشة في بقاع لبنان الشمالي من قبل عشائر تلك المناطق، زراعة ليست بجديدة، لكن مع انتهاء الحرب الأهلية في لبنان في العام 1990 أطلقت الحكومة اللبنانية برنامج استئصال المخدرات بالتعاون مع برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة، وسرعان ما فشل البرنامج لأنه لم يؤمن البدائل المطلوبة من زراعات بديلة في تلك المناطق النائية.

وعادت زراعة الحشيشة ليبدأ الصراع بين الدولة والعشائر المسلحة لحماية محصولها من التلف، ومع ضياع الدولة بين اقتراح تشريعها أو تأمين البديل، تستمرّ العشائر في زراعة الحشيشة وتسويقها في الأسواق اللبنانية والخارجية، وتبيعها “على عينك يا دولة!”

عادة وفي كل سنة من موسم الحشيشة، تذهب القوى الأمنية إلى الأراضي المزروعة لتنفذ قرار التلف، لكنّ المزارعين إما كانوا يواجهون الدولة الممثلة بالجيش وقوى الأمن الداخلي بأسلحتهم الثقيلة، وإما تقتضي التسوية عادة بتلف أراضي يقال إنّ العشائر يزرعونها خصّيصا لكي تتلفها الدولة، وأنّ نبتة الحشيشة الحقيقية المخصصة للبيع مزروعة في أماكن بعيدة عن العين.

لكن هذه السنة كانت مختلفة، بحسب مصدر مطلع قال لـ«جنوبية» إنّ “الأوضاع الأمنية في البقاع الشمالي والخطر الإرهابي في المنطقة جعل القوى الأمنية تغض النظر عن زراعة الحشيشة”. وأكّد أنّ “وفرة الزراعة والراحة في الحصاد جعل العرض كبيرا ما خفّض الأسعار لبيع الكميات الكبيرة المتبقية بعد تصدير كميات أخرى إلى خارج لبنان”.

وأدّى انخفاض أسعار الحشيشة إلى أنّه بات في إمكان أيّ مراهق يأخذ مصروفه من أهله أن يشتري بمبلغ عشرين ألف ليرة كمية كبيرة من الحشيشة تكفيه لمدة شهر، أي أقل من ألف ليرة يوميا، بعد أن كانت العشرين ألف ليرة لا تكفيه يومين من شراء حشيشة الكيف. يقول مصدر مطلع لـ«جنوبية» إنّ “ضعف التسويق وتدني نسبة التصدير، إضافة إلى عدم إتلاف حقول الحشيشة، أدى إلى فائض في المحصول هذه السنة، لذلك إنخفض سعر الحشيشة وأصبح الحصول عليها أسهل”.

وفي الأيام الأخيرة، امتلأت نشرات الأخبار بأنباء عن تنفيذ الجيش مداهمات في الشمال وصيدا تعثر خلالها على إرهابيين مسلحين وبيوت مليئة بالأسلحة تشكل خطرا على أمن لبنان، ولكن بالنسبة إلى العشائر التي يزرع أبناؤها الممنوعات التي تشكل خطرا على شباب لبنان ومستقبله فلا مانع من أن يكونوا مسلّحين، وهم سبق أن وجهّوا سلاحهم بوجه الجيش اللبناني وقوى الأمن عشرات المرّات، ومعروفة أماكن تواجدهم في البقاع وضاحية بيروت الجنوبية، وهم مستعدون حتّى هذه اللحظة إذا قرر الجيش تلف محصودهم أن يواجهوه بسلاحهم، فلماذا لا يتم القبض عليهم؟

وهم لا يشكلون خطرا على الجيش اللبناني والمجتمع وحسب بل على بعضهم البعض، فكم مرة نسمع عن مواجهات بين العشائر في ضاحية بيروت الجنوبية والتي يتخللها إطلاق النار من أسلحة ثقيلة؟

ما حدث ويحدث في الشمال وصيدا من مداهمات وبسط لسلطة الدولة وهيبة الجيش اللبناني في المناطق التي يوجد فيها مسلحّون يشكلون خطرا على لبنان بفكرهم التكفيري الإرهابي هو إنجاز يحسب للجيش اللبناني، ولكن ماذا عن هؤلاء الخارجين عن القانون المسلحين بوجه الدولة والقانون، والذين ينشرون المخدرات والحشيشة بين المراهقين والشباب والذين هم مستقبل لبنان؟ فمتى ستبسط الدولة سلتطها عليهم؟

السابق
احتجاز عنصر من «حزب الله» في البيرو
التالي
لا صحة لخطف شاحنة على مفترق بريتال