عضلات عسكرية في عاشوراء…«حركة أمل»: أبلغوا القوى الامنية عنهم

لا يوجد أبرع من ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي في التأثير بالرأي العام، إذ استطاعوا سحب الأنظار من أجواء طرابلس المتوترة إلى المجالس العاشورائية والاجراءات المتخذة لحمايتها من أي خطر، عبر تداول صور لشبان يرتدون بذات سوداء عسكرية وقبعات عليها شارات “حركة أمل”، يحملون أكثر الأسلحة تطوراً، ويفتخرون بأنهم “حماة الديار”.

انتقاد الدولة
لم تظهر الصور مكان تواجد هؤلاء، فيما غالبية الناشطين كتبوا أن الصور التقطت بجانب أحد المجالس العاشورائية في عين المريسة، وكان واضحاً ان الصور التقطت في شارع عام وخلف الشبان بدت سيارات تضيء مصابيحها، لتشتعل بذلك مواقع “التواصل الاجتماعي” بانتقاد الدولة وهيبتها، مشيرين إلى أنه في الوقت الذي تفرض فيه الشرعية في الشمال يصرف النظر عن اللاشرعية في بيروت وضواحيها.

اجراءات مشددة وزحمة سير
قطع الطرق والتشدد بالاجراءات الامنية ليس جديداً على “أمل” و”حزب الله” في أيام عاشوراء. بالنسبة لهم إنها 10 ايام من الشعائر الدينية ويجب أن تمرّ على خير، وكان واضحاً حجم الخوف من اي تهديد كتفجير سيارة مفخخة او انتحاري، من شأنه احداث كارثة في المجالس العاشورائية التي يتواجد في الواحد منها 300 شخص على الأقل.
مع حلول المساء، ، يظهر الاجراءات المتخذة والتي تتسبب بزحمة سير خانقة لاسيما عند مداخل الضاحية الجنوبية وبعض الاحياء البيروتية. ويسهل رصد مدى التشدد في الاجراءات حيث يُصار الى تفتيش حقائب النساء وعربات الاطفال، وتقطع بعض الطرق بالسيارات وبالحواجز الحديدية.
كل من يتجوّل ليلاً في بعض المناطق البيروتية وضواحيها وباقي المناطق التي تقام فيها المجالس يدرك تماماً ماهية الاجراءات، اذ يلاحظ انتشار شبان الانضباط بلباسهم الموحد في محيط المجلس، وعند كل ناصية شارع، وعلى الارصفة وبين الناس، لمهمات عدة اولها مساعدة الناس على الوصول إلى المجلس وثانيها حماية المجلس من أي خرق، عبر تفتيش الداخلين إلى المجلس وفحص السيارات المحيطة وزرع شاب للمراقبة في كل بقعة مساحتها لا تتجاوز الـ100 متر ، وتبقى المشكلة في بعض الشبان غير المنضبطين الذين يتخذون من مهمتهم “وسيلة” للتشبيح على المواطنين وازعاجهم.

المظاهر المسلحة
ماذا عن المظاهر المسلحة؟ لوحظ عدم ظهور السلاح في غالبية المجالس، لكن الامر لا مفر منه، إذ اكد أكثر من شاهد عيان لـ”النهار” رؤيته بعض عناصر “الحزب” و”حركة أمل” يحملون الأسلحة، خصوصاً عند المراكز المهمة في الضاحية الجنوبية، ومنها الى جانب مجلس عاشورائي في حي السلم وآخر في محيط مجمع سيد الشهداء.

التعليمات الواضحة: لا ظهور للسلاح
“النهار” اتصلت بعضو الهيئة التنفيذية والمسؤول الإعلامي في حركة “أمل” طلال حاطوم الذي رحب بالاجابة عن كل الاسئلة من دون تردد، ورغم انه لم ير الصور التي انتشرت عبر مواقع “التواصل الاجتماعي”، إلا انه قال “أكدنا منذ اليوم الاول ان مسؤولية الأمن هي للجيش والقوى الامنية، أما الانضباط داخل الخيّم (المجالس) من الشباب الذين تطوعوا لتنظيم المجالس فهذا موضوع آخر، ويحصل من دون سلاح ومن الطبيعي ان يرتدي هؤلاء اللباس الاسود في مثل هذه المناسبة”.
يخشى حاطوم أن تكون الصور مركبة لأن بحسبه “تعليمات قيادة حركة أمل واوامرها تمنع أي ظهور مسلحاً أو أمنياً”، وتابع: ” في الضاحية وبيروت ليس لدينا مظاهر مسلحة، خصوصاً في الاولى التي يمكن ان يكون لدينا فيها حالة تخوف اكثر او قلق اكثر، بل هناك انضباط مثل اي احتفال، ويتم تكليف لجنة لاستقبال الناس وترشدهم على المكان وتؤمن احتياجاتهم، والمجالس تكون للحزن وتأدية الشعائر الدينية ولسماع السيرة الحسينية وليس لحمل السلاح”. في بيروت والضاحية الجنوبية 42 مجلس عزاء لـ”أمل”، نفى حاطوم أن يكون فيها أي مظاهر مسلحة وقال: “لو اردنا حمايتها بالسلاح لاحتجنا إلى آلاف الشبان”.

“لسنا مسؤولين”
معروف أن ليس لعناصر “امل” بذات عسكرية موحدة، ويؤكد أيضاً حاطوم أن “لا بذات سوداء لأمل، بل نرتدي “طقم اسود” او قميص اسود وبنطلون اسود”، وأضاف: “ليس كل من وضع شارة حزب الله او أمل او اي حزب بات يتبع لامل أو غيرها، فهناك مجالس عديدة لسنا نحن من ينظمها، خصوصاً في بيروت”.
ويذكّر حاطوم بقرار القيادة الذي لا يمكن تجاوزه: “توجيهاتنا واوامرنا تقول انه ممنوع اي ظهور مسلح او اي تدخل بموضوع الامن لانه من مسؤولية القوى الامنية والجيش”. ويقدم فرضيات عدة للصور التي نشرت، منها أنه “يمكن لأي شخص أن يشتري بذة عسكرية بـ 20 الف ليرة ويضع عليها شارة حركة أمل و”يتبروز” (يلتقط صورة)، لكن شبابنا ليس لـ”البروزة” بل للانضباط “.
“نحن اوعى من ان يجرنا اثنان او ثلاث يريدون “التبروز”، والتصوير حاملين السلاح، لان سلاحنا موجه ضد العدو الاسرائيلي”، ويختم حاطوم: “من يحمل السلاح لسنا مسؤولين عنه ولتأخذ القوى الامنية الاجراءات اللازمة ومن يرى شخصاً مسلحاً فليبلغ الجيش والقوى الامنية لالقاء القبض عليه”.

القوى الأمنية: لم يبلغنا أحد
باتت الصور رهن الدولة اللبنانية واجهزتها الامنية، وفي ضوء ذلك أكد مصدر أمني في قوى الأمن الداخلي رداً على سؤال لـ”النهار” أن قوى الامن تتخذ تدابير أمنية في كل المناطق اللبنانية تتعلق بحماية المتجمعين في أماكن اقامة شعائر عاشوراء وذلك بالتنسيق مع الجيش، لا سيما عند مدخل الضاحية الجنوبية ومنطقة النبطية، حيث “تتخذ وحداتنا تدابير أمنية مشددة في هذه الايام، نظراً لحساسيتها”.
وقال إن “ما يحكى عنه من وجود مسلح لم ترصده وحداتنا ولم نعلم بوجوده رغم أن عدداً كبيراً من عناصرنا الأمنية يشارك في اطار خطة أمنية محددة، تنفذ بدقة عالية، منها ما هو مرئي للعيان ومنها ما هو غير مرئي”. ورجح أن “يكون بعض عناصر الكشافة الخاص بالجمعية التي تشارك في تنظيم المجلس، يشارك في الحماية الأمنية”، مشدداً على أن “الظهور المسلح ممنوع ولم نبلغ عنه في أي مكان”.
إذاً كل من “حركة أمل” و”القوى الأمنية” ينفيان علمهما بالصور المنتشرة التي ضجت بها مواقع التواصل متندرة على هيبة الدولة ومآل القرار بملاحقة المسلحين.
لوهلة يُخيّل ان الاطراف الثلاثة منفصمة عن واقع من المحسوم فيه ان حمل السلاح خارج إطار الدولة لم يعد صدفة او مشاغبة او عدم انضباط، بل يكاد يتحوّل لغة سائدة بفعل العدوى، والفعل ورد الفعل…المخيف.

السابق
خالد حبلص «أسير آخر»: من هو؟
التالي
البنتاغون…«داعش» انحرف