يبدأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني زيارة لبريطانيا وسط ضغوط كبيرة تُمارس على رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ليطلب من ضيفه وقف الدعم المزعوم الذي يأتي من الدوحة لتمويل إرهابيين، بما في ذلك جماعة تنظيم “الدولة الاسلامية” أو تنظيم “القاعدة” بفرعها السوري (جبهة النصرة) أو العالمي.
وستكون هذه الزيارة هي الثانية لأمير قطر خلال فترة قصيرة إذ كان قد جاء في زيارة غير معلنة قبل نحو شهرين وقابل مسؤولين بريطانيين، في أوج الأزمة التي سببتها صحيفة “صنداي تايمز” بنشرها مزاعم في خصوص طريقة حصول قطر على حق استضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022. ونفت قطر وقتها أي تصرف غير شرعي قد تكون قامت به للتأثير في أصوات لجنة “الفيفا” التي منحتها حق تنظيم مباريات المونديال الذي سيجري للمرة الأولى في دولة عربية.
لكن الزيارة الجديدة لأمير قطر لن تناقش على الأرجح تداعيات موضوع كأس العالم، بل ستركز على مواضيع متعلقة بالشرق الأوسط، خصوصاً الأزمة السورية والتحالف الدولي القائم لمكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية” في كل من سوريا والعراق. كما يُعتقد أن المحادثات ستتناول بلا شك الأزمة الليبية حيث يُزعم أن قطر تأخذ موقفاً داعماً لجماعات إسلامية ليبية تعمل تحت عنوان “فجر ليبيا”، في حين تدعم الإمارات ومصر خصوم هؤلاء وتحديداً القوات المشاركة في “عملية الكرامة” التي أطلقها اللواء خليفة حفتر. وكان رئيس الوزراء البريطاني استقبل في لندن قبل أيام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في زيارة يُعتقد أنها تناولت أيضاً مطولاً الأزمة الليبية. ولبيرطانيا اهتمام خاص بتداعيات الوضع في ليبيا وهي عيّنت شخصية ديبلوماسية بارزة كلفتها ملف البحث عن حل للأزمة الليبية هي جوناثان باول.
ويستضيف كاميرون الشيخ تميم والوفد القطري الزائر في مقر رئاسة الوزراء في 10 داونينغ ستريت، يوم الأربعاء أو الخميس، من أجل محادثات تتعلق بعقد صفقات استثمار ببلايين الدولارات.
وكشفت صحيفة “صنداي تلغراف” التي تشن منذ فترة حملة محمومة ضد قطر بتهمة تمويل الإرهاب، أن الشيخ تميم سيقابل خلال زيارته العاصمة البريطانية رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية (أم آي 6) السير جون سيوارز الذي تنتهي ولايته على رأس الجهاز قريباً، وهو لقاء يقول منتقدون لقطر إنه يجب أن يتناول وسائل وقف التمويل الذي يأتي من الدوحة لجماعات متهمة بالإرهاب، وهو أمر دأبت الحكومة القطرية على نفيه.
وكان ديفيد كوهين مسؤول ملف تمويل الإرهاب في الخارجية الأميركية حذّر الاسبوع الماضي من أن قطر والكويت ما زالتا أرضاً خصبة لجمع التمويل للإرهاب، من وجود رادع قضائي قوي يمنع ذلك.
وتشن صحيفة “تلغراف” منذ فترة حملة بعنوان “أوقفوا تمويل الإرهاب” وتنشر فيها قصصاً عن تمويل مزعوم يأتي من الدوحة خصوصاً، ومن دول خليجية أخرى، لجماعات إرهابية، لافتة إلى أن هذه الدول التي يأتي منها تمويل الإرهاب هي نفسها طرف في “التحالف” الذي تقوده الولايات المتحدة لمكافحة تنظيم “الدولة الاسلامية” وتنظيم “القاعدة”.
وقال النائب ستيفن باركلي (من حزب المحافظين الحاكم) إن من “الضروري” أن يثير ديفيد كاميرون مع الشيخ تميم موضوع تمويل الإرهاب. وأضاف: “أرحب بلقاء رئيس الوزراء مع الأمير … كجزء من النقاشات من الضروري أن يُثار موضوع تمويل القبائل السنية في سوريا والعراق. آمل أن رئيس الوزراء سيقدم بعد ذلك تفاصيل (عن هذا الموضوع) أمام البرلمان”. وليس واضحاً لماذا يعتبر النائب البريطاني أن تمويل “قبائل سنية” في المشرق العربي يساوي في نظره تمويل جماعات إرهابية، إلا إذا كان يعتقد أن هذه القبائل السنية هي جزء من القاعدة التي تعتمد عليها “الدولة الإسلامية” أو تنظيم “القاعدة”.
وقل باركلي أيضاً: “ما زال غير واضح ما إذا كانت الأموال ما زالت تأتي من مواطنين قطريين (لمصلحة جماعات إرهابية) … هناط دليل واضح على أن مواطنين قطريين لعبوا دوراً أساسياً في تمويل مجموعات إرهابية سنية ورئيس الوزراء لا يجب أن يتجنب طرح هذا الموضوع مباشرة مع الأمير (الشيخ تميم)”.
كذلك قال وزير الخارجية السابق السير مالكولم ريفكيند (وهو من أعمدة حزب المحافظين ومسؤول عن لجنة الاستخبارات في مجلس العموم) إن لقاء كاميرون والشيخ تميم يشكل “مناسبة ممتازة” لإبلاغ القطريين إنهم يجب ان “يتوقفوا” عن “الجري مع الطريدة بدل الجري مع الصياد”.
كما قال دوغلاس الكساندر، وزير الخارجية في “حكومة الظل” العمالية، إن أثرياء قطريين وكويتيين نقلوا “ملايين الدولارات” لمصلحة إرهابيين، متهماً هاتين الدولتين بأنهما يفتقدان لقوانين صارمة تمنع “تبيض الأموال”، معلناً تأييده لحملة “تلغراف” التي تستهدف “وقف تمويل الإرهاب”.