خلافتان في إيران

قبل أربعة أشهر، توفي سريرياً، رئيس مجلس الخبراء، آية الله محمد رضا مهدوي كني. اعلان وفاته رسمياً لم يفاجئ الايرانيين وبطبيعة الحال المسؤولين. ورغم موقع كني الحساس فان غيابه لن يغير شيئاً في السياسة الايرانية. فالمرشد اية الله علي خامنئي ما زال حياً ويدير السياسة الايرانية وتوازنات مراكز السلطة في البلاد. وأهمية كني كانت تنبع من احتمال إدارته انتخابات الخليفة، بهذا لم يكن موقعه غير مؤثر في رسم السياسة الايرانية، خصوصاً أن خامنئي نفسه ضغط قبل عامين لينتخب كني بعد ان دفع باتجاه انسحاب الشيخ هاشمي رفسنجاني من انتخابات رئاسة المجلس، لانه كان يريد شطب “توأمه” السياسي من المعادلات السياسية، الا ان انتخاب حسن روحاني رئيساً للجمهورية قلب كل المعادلات وغيّر حسابات المرشد.

مجلس الخبراء الذي ينتخب المرشد ويراقب عمله و يقيله، مشكل من ٨٦ “معمماً” ينتخبون مباشرة من الشعب كل ثماني سنوات، ويرتفع عددهم تبعاً لتزايد عدد السكان، إذ إن الدستور ينص على أن يكون لكل نصف مليون إيراني ممثلاً. طبعاً “مصفاة” مجلس صيانة الدستور تلعب دوراً مهما في إبعاد من يراد إبعاده عن الترشح، حتى شخصية مثل رفسنجاني انسحبت من انتخابات الرئاسة أمام كني، وهو الذي كان رئيساً للمجلس نفسه بحجة أنه “لا يريد أن يثير الخلافات، وانه اذا كان المرشح كني فانه سيقترع له”، وهذا ما حصل.

إذاً، لماذا هذا الاهتمام بمن سيخلف الرئيس المتوفي اية الله كني؟

في مطلع السنة، وقبل بداية السنة الشمسية في ٢٠ آذار، سيتم انتخاب أعضاء مجلس الخبراءالجدد. المحافظون يخافون ان ينجح المعتدلون من أنصار رفسنجاني وروحاني بالفوز بالأغلبية، مما سينعكس بقوة على انتخاب المرشد الجديد أو حتى في متابعة نشاط المرشد الحالي. وقد وصل الأمر الى درجة اضطرار رفسنجاني للقول: “ليس صحيحاً ما يشاع باني احضر لائحة من خمسين مرشحا للانتخابات القادمة”. وقد حذًّر اية الله جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور والمحافظ جداً والقريب من المرشد من “وجود خطة للاستيلاء على مجلس الخبراء”، وقد فهم الإيرانيون ان جنتي يتهم المعتدلين ورفسنجاني من دون ان يسميهم. السؤال الطبيعي من هو خليفة اية الله كني؟

المرشحون معروفون، لكن ذلك لا يحول دون وقوع مفاجأة ما، وهم:

* اية الله هاشمي رفسنجاني، ولكن يبدو انه ليس مستعجلا لان أمامه التحضير للانتخابات التشريعية المهمة والحساسة في اعادة رسم خريطة القوى السياسية، وبالتالي توازناتها. لذلك، يعتقد انه سيقف خلف المسرح ليدير اللعبة كما فعل في الانتخابات الرئاسية التي أوصلت روحاني الى الرئاسة.

* اية الله هاشمي شهرودي، وقد ترأس الجلسة الأولى للمجلس بعد مرض كني وفقدان الأمل من شفائه، وهو قريب من خامنئي ويعتقد انه كان مرشحاً لخلافة اية الله العظمى السيستاني، لاسيما أن جذوره عراقية. ويبدو الأوفر حظاً حتى الآن.

* اية الله صادق لاريجاني رئيس القضاء وشقيق علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى.

* اية الله احمد خاتمي، وهو متشدد جداً ويتولى من وقت الى آخر ترؤس صلاة الجمعة وإلقاء الخطبة.

*اية الله مصباح يزدي، او اية الله “الطالباني” لتشدده، وهو في الأصل يريد “الإمارة” وليس “الولاية”، لكنه تراجع بأمل الحصول على دعم خامنئي.

* اية الله كرماني وهو ممثل المرشد في الحرس الثوري.

طبعاً، قم غنية بالمؤهلين والأقوياء، لكن الرئيس الذي سيعين بسرعة كبيرة تعود تسميته الى المرشد مباشرة حتى ولو تم انتخابه داخل المجلس. كلمة السر للرئيس الجديد صدرت في رسالة التأبين والتصريحات. المرشد خامنئي قال: لم يسمح (اي كني) بتأثير الأمور الشخصية والغايات الفئوية والحزبية في عمله الواسع والمؤثر”. أما الرئيس روحاني فقد “أشاد بنهج الاعتدال الذي انتهجه الراحل”. إذاً فإن مرشحين مثل يزدي وخاتمي والريحاني ليس لهم حظ في الانتخابات.

الانتخابات المقبلة، أهمّ من الرئيس المعيّن. في جميع الأحوال، كل ما يجري هو “الشجرة” التي تخفي “غابة” الصراع بين المتشددين الخائفين على خسارتهم السلطة، والأهم من سيخلف خامنئي سواء غداً أو بعد غد.
http://www.almodon.com/print/607ac4ab-1f1e-41e5-95e1-487ce7b405af/b5ed868b-10ab-4a54-88d9-55c52f8e70b9

السابق
صيد ثمين للجيش بتوقيف أحمد ميقاتي
التالي
الفجور