وساطة جنبلاطية بين المستقبل وحزب الله مهزلة

 كتبت “اللواء” تقول : دُفنت سلسلة الرتب والرواتب، وتقدمت هواجس الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي الى الواجهة:
1- أدى سحب سلسلة الرتب والرواتب وإعادتها الى اللجان المشتركة. للفصل في المطالب والخلافات والأرقام الى دفن السلسلة، أو على الأقل تأجيلها الى ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية، وفقاً لمعلومات نائب بارز في كتلة فاعلة.
2- تركزت الاتصالات بين القوى السياسية على إعادة وصل ما انقطع بين تيار “المستقبل” و”حزب الله”. فبعد زيارة رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في كليمنصو مساء أمس الأول، استقبل جنبلاط وفداً من حزب الله برئاسة رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد.

وقال مصدر مطلع أن جنبلاط يسعى عبر وساطة يجريها بين حزب الله وتيار “المستقبل” الى التقريب بين الجانبين، وعقد لقاء سياسي بين ممثلين عنهما من أجل تحصين الساحة السياسية، وسدّ أي ثغرة أمنية سواء في البقاع أو طرابلس ، بما في ذلك عرسال.

أما بالنسبة لما دار في الاجتماع بين جنبلاط و”حزب الله” في حضور وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي، فأكد مصدر شارك في اللقاء أن التطرق الي انتخابات الرئاسة ورد عرضاً وأن النقطة الأهم تناولت تجنب الفراغ في المؤسسات الدستورية، واتفق الجانبان أن التمديد للمجلس النيابي أصبح ضرورة لتجنّب الفراغ.

كما تطرق الاجتماع الى ضرورة تحصين الوضع الأمني في البلاد والتعاون لمنع تحويل منطقة العرقوب الى نقطة جذب للعناصر المسلحة، حتى لا تتكرر المشكلة التي وقعت في عرسال.

وبحسب المصدر في الحزب الاشتراكي كان هناك تشديد على ضرورة تهدئة “نبرة” الخطاب السياسي لتخفيف التوتر، لأن هناك حاجة ملحة جداً للتهدئة.
أضاف: “إن المشاورات تناولت كيفية تحصين المؤسسات والحفاظ عليها في ظل غياب رئيس للجمهورية”.

ولفت الى أنه لم يتم البحث لا في ملف الرئاسة، ولا في مسألة المقايضة في ملف العسكريين المخطوفين، والتي كانت من بين المواضيع التي أثيرت في لقاء جنبلاط – السنيورة في كليمنصو، بالإضافة الي موضوع تحفظه على مشروع السلسلة، وانتخابات رئاسة الجمهورية.

مفاوضات استعادة العسكريين
3- تحصين الوضع الأمني، والابتعاد ما أمكن عن التجاذب الذي قد يؤدي الى تمدد العناصر المتطرفة على حساب قوى الاعتدال والهيئات الاسلامية الداعمة للجيش ومؤسسات الدولة، وتالياً الانتهاء من قضية العسكريين المحتجزين باتجاه استعادتهم.
وفي هذا السياق أكدت أوساط رئيس مجلس الوزراء تمام سلام لـ “اللواء” أن التفاوض مستمر وناشط على أكثر من قناة محلية وعربية، مشيرة الى أن القناة القطرية ناشطة بالتنسيق مع الجانب اللبناني، في حين أن تركيا لم تبادر بعد الى اتخاذ أي خطوة في هذا الاتجاه، علماً أن التطورات الأخيرة في الموقف التركي لا تساعد على الرهان على الوصول الى نتائج إيجابية مع الوساطة التركية.

وأكدت هذه الأوساط في هذا الإطار حرص رئيس الحكومة على إنهاء هذا الملف في أسرع وقت ممكن، وبما يؤدي الى تطمين أهالي العسكريين، لكن العوامل الإقليمية المحيطة بهذا الملف قد تتطلب المزيد من الصبر والمزيد من الوقت، الأمر الذي دفع رئيس الحكومة الى الطلب من السياسيين إخراج هذه القضية من المزايدات السياسية والصراعات المحلية، وإبقائها في مستوى ما يستحق باعتبارها قضية وطنية بامتياز.

وبالنسبة الى الوضع الأمني، اعتبرت أوساط رئيس الحكومة أن التفاهم الدولي على الحفاظ على الاستقرار والأمن في لبنان ما زال سارياً، وإن كانت بعض الأطراف المحلية لا تأخذ بعين الاعتبار متطلبات الحفاظ على الهدوء الأمني والسياسي لتمرير هذه المرحلة الصعبة بأقل قدر ممكن من الخسائر.

وأشارت الى أن ثمة تجاوباً دولياً كبيراً مع مساعي لبنان لتوفير الدعم والمساعدة للحكومة في مواجهة أعباء النزوح السوري.
وكان مؤتمر المجموعة الدولية لدعم لبنان قد وافق على المقترحات التي قدمها رئيس الحكومة، خلال انعقاده في نيويورك الأسبوع الماضي، وأبرزها:

1- الحد من النزوح السوري الى لبنان.
2- إعادة تقييم أوضاع النازحين الحاليين وتسهيل عودة من تتوفر له الأجواء الآمنة في منطقته داخل سوريا.
3- تبادل المعلومات حول أوضاع النازحين، وهذا البند أثار نقاشاً واسعاً قبل الموافقة عليه.
4- التعهد بتقديم دعم مالي مباشر للدولة اللبنانية مقابل ما تتحمله من أعباء مباشرة أو غير مباشرة في ايواء ما يزيد عن مليون و300 ألف نازح سوري والتي تقدر تكاليفها بأكثر من 7 مليارات دولار.

وكان الرئيس سلام ركز في كلمته امام المؤتمر على المفارقة الحاصلة في تقديم المساعدات، حيث يحصل النازح على كل الدعم المادي والمعنوي، بينما لا يتلقى المضيف أي دعم رغم كل ما يقدمه من ايواء وخدمات وتسهيلات.
وسيعقد اجتماع لاحق للمجموعة في برلين الشهر المقبل يحضره الرئيس سلام لمتابعة تنفيذ القرارات.

خيبة أمل
في هذا الوقت، خيّب المجلس النيابي الآمال الوردية التي علقت على التفاهمات والاتفاقات التي نام على أساسها النواب وقطاعات الموظفين، فإذا بالمفاجأة المرة، إعلان الرئيس نبيه برّي عن إحالة مشروع سلسلة الرتب والرواتب إلى اللجان المشتركة.
هكذا طارت الآمال والأحلام بكبسة زر، وفي جلسة لم يشهد المجلس النيابي مثيلاً لها، سوى جلسة التمديد الأوّل له، حتى أن اليأس أصاب النواب أيضاً فراحوا يتحينون الفرص للخروج اللائق من الجلسة التي أقرّت بعض مشاريع اتفاقيات القروض واقتراح تصحيح خطأ مادي في قانون السير، إلى جانب قوننة رواتب الموظفين حتى نهاية العام الحالي، من خارج جدول الاعمال، وهو الإنجاز الوحيد الذي يجب ان يعتد به المجلس لحسم الجدال بين الوزراء والكتل حول الغطاء القانوني لصرف رواتب موظفي القطاع العام.
وربما تكون هذه “البروفة” هي تظهير مقبل لجلسة التمديد للمجلس نفسه، في حضور رمزي من النواب.

استبق الرئيس برّي الجلسة بالاعلان مسبقاً عن عزمه إحالة مشروع السلسلة الذي كان ناجزاً وكاملاً إلى اللجان، وأضفى رئيس المجلس غموضاً على الموقف بتكرار النغمة الشهيرة: “يبدو أن الحمل بنية والجمل بنية والجمّال بنية”، من دون أن يُحدّد موعداً جديداً للجلسة المقبلة، أو أن يحدد مهلة للجان لإنجاز إعادة درس المشروع.

وسيكون امام اللجان المشتركة دراسة اعتراضات المؤسسة العسكرية التي طالب وزير الدفاع سمير مقبل باسمها بإخراجها من مشروع السلسلة الحالي، تمهيداً لوضع قانون خاص بها على غرار القضاة وأساتذة الجامعة، كما ستبحث اللجان في شمول اساتذة المدارس الخاصة الدرجات الست التي أعطيت لأساتذة القطاع العام من باب مساواة هذين القطاعين، لكن العقبة تتصل برفض قاطع بادخال اي زيادات على السلسلة، لان اعداد ارقام السلسلة الحالية استغرق وقتاً، والنقاشات والجلسات وبحث عن مصادر التمويل أخّرت السلسلة سنوات وأشهراً.

وحدها الهيئات الاقتصادية رحّبت بارجاء السلسلة، واعتبر رئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير أن خطوة الرئيس برّي انقذت الاقتصاد اللبناني من الانهيار، إذ لا إمكانية لرفع الحد الأدنى للأجور إلى ألف دولار، إضافة إلى

الضمانات الصحية والاجتماعية والتربوية.
لكن السؤال الذي حيّر المراقبين ومعهم النواب أنفسهم بقي حائراً بدوره وهو: هل عادت السلسلة إلى المربع الأوّل، أم أن ما يسمى بالتفاهم على “تشريع الضرورة” ما زال ساري المفعول، وصامداً، وبالتالي ان المشروع لن يمكث طويلاً على طاولة اللجان؟
يعتبر مصدر نيابي في كتلة “المستقبل”، لا بل يجزم أن الرئيس برّي لم يخل بالتفاهم الذي أرساه مع حلفائه، ومع الرئيس فؤاد السنيورة، وبالتالي فان ما جرى هو أن الرئيس برّي لم يستطع أن يتحمل الضغوط والاعتراضات الواسعة التي واجهت المشروع من قبل المؤسسة العسكرية والهيئات الاقتصادية والمعلمين، فيما الحكومة تنأى بنفسها عن الملف، فلم يجد مفراً سوى اللجوء الى هذا “الخيار المر”، خصوصاً عندما أبلغه نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل في الاجتماع الذي جمعه بالرئيس السنيورة والوزير علي حسن خليل ونواب آخرين، أن المؤسسة العسكرية في غير الوارد القبول بهكذا سلسلة، وقدّم له الاسباب الموجبة لذلك، أقله مراعاة العدل، عدا عن الناحية الإنسانية، حيث يقوم الجيش، ضباطاً وجنوداً بجهود جبارة لحفظ امن البلاد ومواجهة الإرهاب وحماية الحدود.

ويعتقد المصدر أن ما قيل عن وجود “قطبة مخفية” سياسية، ليس دقيقاً، مشيراً إلى أن القضية واضحة وهي اقتصادية – مالية بحتة، لا علاقة لها بالملفات السياسية، مشيراً إلى ان فريقه نزل إلى الجلسة للتصويت على السلسلة، وبالتالي فنحن لسنا طرفاً، والمشكلة عند الفريق الآخر، مبدياً اعتقاده بأن السلسلة ترنحت لكنها لم تمت، وستذهب إلى دراسة متأنية في اللجان، موضحاً أن اللجان فاعلة، وليست مقبرة مشاريع كما يقال، وأن المجلس لا يزال في مرحلة تشريع الضرورة، متوقعاً أن تعقد جلسة مقبلة رجح ان لا تكون الاسبوع المقبل.

الموفد القطري
وبعدما امضى الموفد القطري ساعات طويلة في عرسال، امتدت حتى ما بعد منتصف الليل تفاوض خلالها مع الجهات الخاطفة واعاد معه المعاون كمال الحجيري، اشارت المعلومات الى ان الوفد لم يعد الى عرسال امس، وانه اجتمع امس الاول بأحد مسؤولي “النصرة” و”بأبي حسن” المكلف من جانب “داعش” بالتفاوض، وتركزت المفاوضات على نقاط عدة ابرزها طلب لبنان التعهد بعدم اذية اي عسكري لديهم على ان يدرس الجانب اللبناني في المقابل الوضع المعيشي لمخيمات النازحين في عرسال.
وتردد ان وفدا من المشايخ اللبنانيين والسوريين قد يتوجه في اليومين المقبلين الى الجرود للحصول على جوابهم.

وأوضحت المعلومات ان وفدا من علماء قرى القلمون السورية اجتمع أمس في منزل احد فاعليات عرسال مع هيئة العلماء المسلمين وممثلين عن الجيش والقوى الامنية وأبلغهم بحصوله على تعهد من خاطفي العسكريين بعدم المس بهم افساحا في المجال امام التفاوض.

وشددت مصادر مطلعة على حيثيات الملف على ضرورة حفظ المفاوضات بعيدا من العلنية والتداول الاعلامي، حرصا على نجاحها. وقالت انها تسير وفق معايير واضحة واطار محدد وقد وضعت على السكة الصحيحة، آخذة في الاعتبار ارواح العسكريين من جهة والحفاظ على هيبة الدولة من جهة ثانية. ووصفت المتابعة الرسمية للملف بالقوية والجدية والمسؤولة، مشيرة الى ان اللواء عباس ابراهيم الذي أجرى مفاوضات في تركيا وغيرها من الدول، يحرص على اكمال مهمته على افضل وجه بتكليف رسمي من الرئيس سلام.

إلى ذلك، وقبيل التئام جلسة مجلس الوزراء اليوم للخوض في تفاصيل ملف المخطوفين المتوقع أن يظللها باجواء ساخنة في ضوء تباين وجهات النظر حول المقايضة، عاد الى بيروت بعد الظهر وزير الخارجية جبران باسيل بعدما اجرى لقاءات في العاصمة الفرنسية لا سيما مع نظيره لوران فابيوس، وزار خلال وجوده في باريس الرئيس سعد الحريري وأجريا تقويماً شاملاً للوضع اللبناني.

السابق
ماهو «خراسان»؟
التالي
#ماتخليهم_ينصبوا_عليك