هاني فحص: نبيلٌ يرحل

أُطلِقَت على السيد هاني فحص، خلال حياته وبعد مماته، صفاتٌ كثيرة، منها الاعتدال والحوارية والانفتاح والطيبة والبلاغة والشجاعة وغيرها. كل هذه الصفات صحيحة وتليق بالرجل، لكن، يمكن جمعها كلّها تحت عنوان هو: «النُبل». كان السيد فحص نبيلاً طوال مسيرته، وخاصةً المرتبطة على بالشأن العام، وقد تميز بتعاطفه اللامحدود مع كل المظلومين في كل مكان، وخاصةً في عالمنا العربي البائس.
هكذا نفهم اندفاعه الكبير الى جانب الثورة الفلسطينية الى حدود انضمامه الى حركة «فتح»، وكان قريباً جداً من المناضل الشهيد أبو جهاد. وهكذا نفهم أيضا التصاقه الدائم بالفقراء، وخاصةً فقراء الجنوب في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إذ كان محرّكاً أساسياً للأنشطة المطالبة بحقوق مزارعي التبغ والكادحين. وهذا المناخ في عقل السيد فحص امتدّ ليطال كامل الوطن اللبناني حتى اعتُبِر يسارياً بسبب تأييده لـ«الحركة الوطنية» ومشروعها الإصلاحي وقتها، من أجل وطن أكثر عدالة.
وعندما انطلقت الثورة السورية لم يتردّد «السيد» لحظةً واحدة في مساندتها، وصورته في الاعتصام الذي أقيم في وسط بيروت دعماً لصمود حمص، ما زالت ماثلة في الأذهان. وقد قال في العام 2012 إن «النظام السوري يفضل الاستبداد على الحرية ويسعى إلى فتنة سُنيّة – علوية».
وقبل رحيله المأسوي بما يقارب الشهر، وجّه نداءً الى «حزب الله» قال فيه: «هذا نداءٌ إلى الاخوة الذين نعرفهم ويعرفوننا، وننصحهم ويرفضون النصح، فنناشدهم أن يقبلوا منّا النصح هذه المرّة ويخرجوا من سوريا، لأنّ أعداءهم يتمنون استمرار هذا التّدخّل المضرّ ويريدون استمرار هذا النزيف».
وكان لطرابلس مكانة خاصة في قلب «السيد»، لذلك كان يشارك في الاعتصامات التي تحصل من أجل وقف الاقتتال فيها(الصورة).
وفي مقدمة كَتَبَها «السيد» لديوان الوزير رشيد درباس جاء ما يلي:
أَكتب لأُعبِّر عن عشقي لطرابلس وقلقي عليها أو علينا فيها، من دون أن أتخلى عن أملي بأن تبقى فيحاء، تتخلل نسمة الهواء السارح بين ذاكرتها وحلمها… ورائحة الصابون وزهر الليمون ورائحة البحر، ورائحة الروح الآتية من التكايا… ورائحة ماء الزهر من حديقتها في القلمون…».

http://www.attamaddon.com/new/news.php?IssueAr=444&id=23008&idC=1&r=3

السابق
ريما خلف: هاني فحص قاوم الجهل
التالي
طائرة استطلاع خرقت اجواء الجنوب