سيرتنا

السيد هاني فحص

يصعبُ عليَّ الحديث عن السيد هاني فحص في مثل هذه «التحية» القصيرة. فأنا عرفت السيد هاني منذ عودته من النجف الأشرف في مطلع السبعينيات، ولم تنقطع لقاءاتنا واتصالاتنا منذ تلك السنوات. وترسخت صداقتنا حين تعرفت إليه في محطات (وميادين) كثيرة شكّلت سيرته (سيرتنا) على مدى سنوات، وامتدت حتى الآن، وإذ يتملكني ـ الآن ـ شعور حاد وكبير بالألم لمرضه ومعاناته فإنني أريدُ أن أتمسك بأملي بشفائه وبرجائي أن نلتقي في محطات قادمة أكثر غنى.

أقول يصعبُ عليّ الحديث عن السيد هاني، لأنني لا أعرف كيف اختصر سيرته (سيرتنا) التي حملناها أحلاماً وهموماً تجاوزت حدود الواقع الذي ما زلنا نعيشه، من دون أن تتجاوز حساباتنا في الشعر والأدب والثقافة والسياسة.

ففي الشعر والأدب كانت تفاجئني «قراءاته» المتأملة (والبالغة الحساسية) للنص الأدبي الحديث شعراً وروايةً. وفي الثقافة (عموماً) كان السيد هاني كثير العناية بما ساورها (لا يزال يساورها) من اشتباكات القيم والعلاقات… والنصوص. وفي السياسة ظل السيد أكثرنا انخراطاً في رقابة ومعايشة تطوراتها و«منزلقاتها» في مراحل مختلفة من حياة لبنان. ولعل أكثر ما يحضرني وأنا أرفع إليه هذه التحية هو موقفه الثابت الذي جاوز موقف معظم رجال الدين، من قبله ومن مجايليه، في تقديم خطاب ديني او سياسي من دون ان يعطي القضايا (والأزمات) التي يتناولها أبعادها اللبنانية. بل هو حاول دائماً ورجال دين مسيحيين ومسلمين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد (السادة المطارنة: خضر، حداد، غزال.. والسادة موسى الصدر، السيد علي مهدي إبراهيم، محمد مهدي شمس الدين…) ان ينقل الخطاب الديني إلى الأبعاد التي تحمي الكيان ولا تهدده «بالشططِ» ـ كما يحدث مع كثيرين، إذا لم نقل أكثرهم الآن. وأذكر هنا أحد أجمل «نصوصه» في حب لبنان وفي توسل هذه الأبعاد، كلمته في صديقنا الكبير الذي كان استثناء في السياسة اللبنانية بعد سنوات الحرب.. نسيب لحود.

لا أعرف كيف أوجز «تحيتي» للسيد، وسوف يصعبُ عليَّ التوسع في تفاصيل سيرة رسمت ملامحنا في مرحلة صاخبة من حياتنا وحياة بلدنا.

حبي الكثير إليه، وأمنياتي التي لا تحد له بالشفاء.

السابق
المفكر الصحافي
التالي
أيها السيد: هل أخبرتك أني أحبك؟