مسلسل صفقات الانتقال القياسية البريطانية متواصل 

تُعد الصفقة القياسية التي أتت بالجناح الأرجنتيني الدولي أنخل دي ماريا إلى نادي «مانشستر يونايتد» الإنكليزي حلقة صغيرة في مسلسل الانتقالات البريطانية الذي يعود إلى القرن التاسع عشر. لكن الـ59.7 مليون استرليني تُعد كبيرة كونها لم تحطم رقم الـ50 مليون استرليني الذي دفعه نادي «تشلسي» لشراء المهاجم الإسباني الدولي فرناندو توريس في العام 2011 فحسب، بل أيضا ساهمت في تخطي مجموع ما أنفقته أندية الدوري الإنكليزي الممتاز خلال فترة انتقالات حاجز الـ700 مليون استرليني للمرة الأولى.

كان الاسكتلندي «دارلين» ويلي غروفز أول لاعب ينتقل مقابل 100 استرليني، وكان ذلك في العام 1893 من «وست بروميتش ألبيون» إلى «أستون فيلا». وكان النجم السابق في «سلتيك» و«هيبرنيان» قد لعب دورا أساسيا في إحراز «وست بروميتش» كأس إنكلترا قبل سنة من انتقاله، ثم أحرز لقب بطل الدوري مع «فيلا» في العام 1894.
لكن على الرغم من الصفقة، التي تساوي حوالي أحد عشر ألف استرليني في يومنا الحاضر مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة التضخم المالي، فقد توفي غروفز فقيرا. فهو اعتزل اللعب بعد إصابته بمرض السل وتوفي في العاصمة الاسكتلندية ادنبره عن 39 سنة، أي بعد 15 سنة على صفقة انتقاله الشهيرة.
لم يمر وقت طويل قبل أن يتم تحطيم هذا الرقم القياسي، حيث بات المهاجم ألف كومون أول لاعب ينتقل مقابل 1000 استرليني، وكان ذلك في العام 1905 من «سندرلاند» إلى «ميدلزبره»، فساهم في نجاة فريقه من السقوط إلى الدرجة الثانية.
ازدادت قيمة الصفقات بثبات في القرن العشرين لكنها تعززت بشكل ملحوظ في الستينيات والسبعينيات مع سعي الأندية إلى المنافسة على الكؤوس الأوروبية، فكان النجم الاسكتلندي دنيس لو أول من كسر حاجز الـ100 ألف استرليني في بريطانيا عندما عاد إلى إنكلترا من نادي «تورينو» الإيطالي، وانضم إلى «مانشستر يونايتد» مقابل 115 ألف استرليني.
لاقى لو نجاحا كبيرا مع «الشياطين الحمر»، حيث سجل في مباراته الأولى ضد «وست بروميتش» في العام 1962، وتابع تألقه مسجلا 237 هدفا وضعته في المركز الثاني بعد الأسطورة بوبي تشارلتون في لائحة مسجلي الأهداف في «مانشستر يونايتد». وكان لو على بعد 12 هدفا فقط من رصيد تشارلتون، على الرغم من خوضه 354 مباراة أقل.
ثم تحطم الرقم القياسي البريطاني في الانتقالات مرتين بفضل لاعب واحد. إذ انتقل ألن كلارك من «فولهام» إلى «ليستر سيتي» مقابل 150 ألف استرليني في العام 1968، ومن ثم إلى «ليدز يونايتد» مقابل 165 ألف استرليني في العام التالي.
بدوره انتقل الإنكليزي مارتن بيترز، الفائز بكأس العالم العام 1966، من «وست هام يونايتد» إلى جاره اللندني «توتنهام» مقابل 200 ألف استرليني في العام 1970.
وكان الجناح تريفور فرانسيس أول لاعب يبلغ حاجز المليون استرليني عندما انتقل من «برمنغهام» سيتي» إلى «نوتنغهام فوريست» في العام 1979 في صفقة كان عرابها مدرب «فوريست» الأسطورة براين كلاف الذي يعتبر أفضل مدرب إنكليزي لم يدرب منتخب إنكلترا. وذكر كلاف أنه رغب في إبقاء قيمة الصفقة دون المليون استرليني وتحديدا عن 999999 استرليني لكي لا يؤثر على لاعبه الجديد، لكنه أضاف أنها بلغت 1.18 مليون استرليني مع القيمة المضافة. وبقيت الآراء متضاربة حول جدوى إنفاق هذا القدر من المال. لكن الأهم كان إحراز «نوتنغهام فوريست» كأس الأندية الأوروبية البطلة سنتين متتاليتين، وان فرانسيس سجل هدف الفوز الوحيد على «مالمو» السويدي في نهائي العام 1979.
وأُبرمت صفقتان تزيد قيمتهما عن المليون استرليني في العام نفسه، مع انتقال ستيف دايلي من «ولفرهامبتون» إلى «مانشستر سيتي»، والمهاجم الاسكتلندي أندي غراي من «أستون فيلا» إلى «ولفرهامبتون». وأيضا لم يخيب غراي الآمال، ومنح فريقه كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة في العام 1980 بتسجيله هدف الفوز الوحيد على «نوتنغهام فوريست» نفسه في المباراة النهائية.
في الثمانينيات، ومع حرمان الأندية الإنكليزية من المشاركة في الكؤوس الأوروبية بعد كارثة «استاد هيسل»، كان النجوم من أمثال مارك هيوز وإيان راش مستعدين للانتقال للعب في الخارج. لكن رفع الحظر، وإطلاق الدوري الممتاز، وزيادة العائدات من النقل التلفزيوني، شهدت حقبة جديدة من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة. فانتقل المهاجم الدولي أندي كول من «نيوكاسل يونايتد» إلى «مانشستر يونايتد» في كانون الثاني من العام 1995 مقابل أكثر من سبعة ملايين استرليني، في صفقة شهدت انتقال الجناح الأيرلندي الشمالي كيث غيليسبي في الاتجاه المعاكس. وتعرض مدرب «نيوكاسل» كيفن كيغن لانتقادات المشجعين لرحيل المهاجم الذي سجل 55 هدفا في 77 مباراة في الدوري، وبعد انتزاع «يونايتد» اللقب من «نيوكاسل» في العام 1996. لكنه نجح في إسكاتهم بضمه المهاجم الدولي ألن شيرر من «بلاكبيرن» مقابل 15 مليون استرليني. وسجل شيرر 206 أهداف في 404 مباريات خلال عشر سنوات انتهت باعتزاله في العام 2006، لكن النادي لم يحرز اللقب أبدا.
ثم تواصل مسلسل تحطيم الرقم القياسي مع ضم «مانشستر يونايتد» المدافع الإنكليزي الدولي ريو فرديناند من «ليدز يونايتد» مقابل 29.1 مليون استرليني في العام 2002، وبعد سنة واحدة من ضمه قائد المنتخب الأرجنتيني خوان سيباستيان فيرون من «لاتسيو» الإيطالي مقابل 28.1 مليون استرليني. ثم كسر «تشلسي» حاجز الـ30 مليون استرليني بضمه المهاجم الأوكراني أندري شفتشنكو، معتمدا على ثروة مالكه الروسي رومان أبراموفيتش، وحطم الرقم القياسي مجددا في كانون الثاني من العام 2011 بشرائه المهاجم الإسباني الدولي فرناندو توريس من جاره «ليفربول» مقابل 50 مليون استرليني. وكانت خطوة أتاحت للحمر ضم لاعبين جديدين، عندما أنفق 35 مليون استرليني مقابل مهاجم «نيوكاسل» أندي كارول، و22.7 مليون استرليني مقابل مهاجم الأوروغواي لويس سواريز.
وأظهرت هذه الصفقات منافع إنفاق مبالغ طائلة ومساوئها. إذ فشل توريس في رفع مستوى «تشلسي»، وتراجع مستوى كارول لدرجة بيعه إلى «وست هام» مقابل 15 مليون استرليني في العام 2013. بينما تُوج سواريز هدافا للدوري الممتاز الموسم الفائت، على الرغم من غيابه عن بداية الموسم بسبب الإيقاف.

السابق
إسرائيل ترضى بـ «التعادل» في غزة!
التالي
لبنان.. جمهورية العتم والعطش