دواعش عرسالية

نجاة شرف الدين

ليس مبالغة القول إن ما يمر به لبنان اليوم هو من أخطر المراحل في تاريخه، وليس مبالغة التحذير من الأسوأ الآتي في الأيام المقبلة، في ظل المشهد الأمني كما السياسي ألذي خطف الأضواء باتجاه البقاع وتحديدا بلدة عرسال وجرودها والتي تمتد مساحتها على 1400 كيلومتر مربع وتشكل عشر مساحة لبنان .
التحذيرات مما يحضر لعرسال من قبل المجموعات المسلحة، كانت سبقت معركة القلمون السورية وإمتداداتها داخل الأراضي اللبنانية، وعمليات النزوح السورية الكثيفة التي فاقت أرقامها التوقعات لتصل الى 120 ألف نازح في البلدة البالغ تعداد سكانها ثلاثين ألفا جعلت المسألة أكثر تعقيدا، لتصل الى دخول المسلحين الإرهابيين من تنظيم داعش وجبهة النصرة الى داخل عرسال وإحتلالها وتهديد الأهالي واستخدامهم رهائن وقتل عناصر الجيش والقوى الأمنية على خلفية ما قيل، إنه رد على إلقاء القبض على المطلوب ” عماد جمعة ” المعروف ب أبو أحمد جمعة وهو المتهم بتشكيل مجموعة مسلحة والإنتماء الى تنظيم محظور وهو ظهر في تسجيل مصور يعلن مبايعته للدولة الإسلامية والخليفة أبو بكر البغدادي ، في تكرار لسيناريو الموصل في العراق.
النائب وليد جنبلاط والذي كان حذر من أن داعش على الأبواب ودعا الى مواجهة الإرهاب التكفيري بوحدة الموقف الداخلي ، عاد مجددا ليدق ناقوس الخطر بعد الإعتداءات على الجيش اللبناني وأكد من الشويفات أن الهوى الأصفر وهو التوصيف الذي أطلقه على داعش ، هو الخطر، وكان لافتا قوله ” إن الأسطوانة أنه لولا تدخل حزب الله في سوريا لما أتت داعش ، غير صحيحة ” وداعيا الى التعاون بين الرئيس سعد الحريري والرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله قائلا ” إن حصانتنا وضمانتنا الدولة والأجهزة الأمنية ، لأن الوطن يمر اليوم وأكثر من أي وقت مضى في خطر من المجموعات المسلحة ومن الفكر المغلق محذرا من أن الآتي على لبنان أصعب من الذي سبق ” .
ربما لم يعجب كلام جنبلاط بعض صقور تيار المستقبل الذين ذهبوا باتجاه تحميل المسؤولية الى حزب الله لتورطه في الحرب في سوريا ، لا سيما الثلاثي النيابي محمد كبارة وخالد الضاهر ومعين المرعبي ، اللذين رفعوا سقف الكلام باستخدام تعبير ” أهل السنة ” وحملوا المسؤولية كاملة لحزب الله ، إلا أن الرئيس سعد الحريري أكد دعمه المطلق للجيش اللبناني ولجميع القوى الأمنية ووقوفه الى جانبهم قائلا لصحيفة الحياة ” لا هوادة مع الجماعات التكفيرية والإرهابية أو التساهل مع مشروعها التدميري الغريب عن أهل الإعتدال والتسامح ” .
موقف الرئيس الحريري أكده رئيس الحكومة تمام سلام الذي اعتبر أن لبنان يتعرض إلى عدوان على سيادته وأمنه من قبل مجموعات إرهابية ظلامية، معلناً أن مجلس الوزراء قرر استنفار كل المؤسسات والأجهزة اللبنانية للدفاع عن البلد والتصدي لكل محاولات العبث بأمنه.
سلام الذي أعطى الغطاء الحكومي السياسي للجيش اللبناني في عملياته العسكرية وطلب من فرنسا تسريع عملية تسليم الأسلحة الممولة من السعودية الى الجيش ، إلتقى أيضا مع جنبلاط بأن الوقت ليس للعتاب بقوله إن ” النقاش حول ما جرى ومسبباته له يوم آخر” .

داعش وصلت الى لبنان ونفذت جرائمها وتهدد بتنفيذ مشاريعها البغدادية ، والقوى السياسية شعرت بالخطر على الجميع وأجمعت على دعم الجيش بتوجهاته العرسالية ، وقائد الجيش العماد جان قهوجي أخذ الغطاء الدولي في معركته ضد الإرهاب ، وبقي أسلوب قيادة المعركة المعقدة بتوقيتها وظروفها بطبيعتها الجغرافية كما الديموغرافية بوجود المسلحين داخل المناطق السكنية ووجود أكثر من عشرين عسكريا لبنانيا رهائن في أيدي المسلحين . هي معركة مصيرية عسكريا كما سياسيا من أجل تجنيب لبنان العرقنة ألداعشية ، فهل يستطيع الجيش الذهاب الى النهاية بالغطاء السياسي أم سيتكرر مجددا مشهد المعالجات التفاوضية الإسلامية والحلول المؤقتة على طريقة لا هزيمة ولا إنتصار ؟

السابق
من الموصل الى عرسال وبنغازي: اين الحركة الاسلامية الفاعلة؟
التالي
فوائد البيض؟