مشعل ـ نصرالله

العملية العسكرية التي تُنفذها اسرائيل على قطاع غزة تجري هذه المرة وفق متغيّر لا بد من رصده في سياق توقع نتائج هذه الحملة. فـ”حماس” تقاتل هذه المرة من خارج المنظومة التقليدية للممانعة، أي التحالف الإيراني – السوري وملحقاته اللبنانية والعراقية.
لقد أعلنت الجماعة الفلسطينية (حماس) رسمياً خروجها من دمشق، وهي تقيم اليوم في الدوحة وفي أنقرة عدوّتي النظام السوري اللدودتين. وهي وإنْ أبقت على علاقة مع “حزب الله” ومع طهران، لكنها علاقة يشوبها الكثير من البرود والمرارة.

فالوقائع ثقيلة جداً، والخصومة السنّية – الشيعية لا يمكن لكلا الجماعتين التعالي فوقها. الصدع جوهري، ولا يمكن رأبه بـ”نيات حسنة”. هو صدعٌ يمتدّ من العراق ويعبر في سورية ولا ينتهي في لبنان. و”حماس” تنظيم سنّي، لا بل هو تنظيم الاخوان المسلمين الفلسطينيين، وأحياناً الأردنيين، و”حزب الله” تنظيم شيعي، وطهران عاصمة ولاية الفقيه التي تقاتل أيضاً في العراق وفي سورية وفي لبنان.

الهوة إذاً واسعة، وعواصم التفاوض مختلفة هذه المرة. خالد مشعل يفاوض على شروط وقف إطلاق النار من الدوحة لا من دمشق، وطهران في موقع مختلف هذه المرة، فهي تواجه منافسة مريرة على تصدر المشهد الممانعاتي، فها هو رجب طيب أردوغان يُحاول أن يلتقط أنفاساً إقليمية كان قد فقدها خلال خريف الإخوان في مصر وتونس وسورية. وأن يستعيد الرجل جزءاً من المبادرة على وقع تورط الاسرائيليين بمزيد من الدماء في غزة، فإن ذلك سيكون على حساب عدوه الجديد بشار الأسد، حليف طهران ورجلها الوحيد في سورية.

البوادر التي بدأت تظهر والتي تؤشر إلى أننا أمام مشهد مختلف، تتمثل بالتخبط الذي يشهده الجناح الشيعي في الخطاب الممانعاتي (إذا اعتبرنا أن ثمة جناحاً سنياً اليوم في هذا الخطاب عاصمتيه الدوحة وأنقرة).

فبين إدانة “حماس” بسبب خروجها من دمشق، والانحياز لها بسبب قتالها اسرائيل، يسعى هذا الخطاب إلى تمييز بين الفعلين (الإقامة في الدوحة وقتال إسرائيل) لا يستقيم. وفي صلب هذا الخطاب مقولة تتمثل في أن “داعش” تأسست في الدوحة، وأن أنقرة فتحت لها الحدود مع سورية، فكيف يمكن والحال هذه الجمع بين تأسيس “داعش” وبين انتظار انتصار “حماس” على إسرائيل.

من الواضح أن “الود” لم يُفقد بين “حزب الله” و”حماس”، فمسؤول “حماس” في لبنان ما زال يقيم في الضاحية الجنوبية، ويشير مسؤولون من الجماعتين إلى أن قنوات تواصل ما زالت قائمة. ويجب الانتباه أيضاً إلى أن ظلال مصالح ما زالت تربطهما على رغم تناقصها، لكن الصورة التي ضمت ذات يوم كلاً من خالد مشعل وبشار الأسد والسيد حسن نصرالله لن تتكرر، وهذا ليس تفصيلاً في سياق توقع نتائج الحملة الإسرائيلية على غزة.

السابق
دوريات إسرائيلية حدودية براً وجواً
التالي
المعركة