بين «أفيخاي أدرعي» والعرب: غرام وانتقام

يركّز الناطق الرسمي باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي ادرعي دائماً، في "البروباغندا" الإسرائيلية، على قوة الجيش الإسرائيلي وتنوعه، فيعرض العديد من صور آليات الجيش الاسرائيلي ويلفت إلى أنّ الجيش يشمل عرباً مسلمين، ويوجّه لهم التهنئة بمناسبة حلول شهر رمضان أو عيدي الفطر و الأضحى و حتى ذكرى المولد النبوي. كما يكرّر منظومة الدعاية الإسرائيلية "حماية المدنيين" ويلوم "حماس" على "تدميرها للشعب الفلسطيني.

بدأ ظهور افيخاي أدرعي، الناطق الرسمي باسم الجيش الاسرائيلي، خلال حرب تموز 2006، وباتت القنوات العربية تستضيفه كمحلل استراتيجي ومعلّق على مجريات الأحداث، ليتحوّل بعدها إلى ما يشبه الظاهرة الإسرائيلية في الوطن العربي. لـ”ادرعي” جمهور واسع من المتابعين على شبكة “تويتر”، والكثيرون منهم عرب. وهو نشيط جداً على موقع التواصل الاجتماعي. يكتب باللّغة العربية ونادراً ما تُسجّل عليه الأغلاط النحوية.

إقرأ أيضا: من هو أفيخاي أدرعي؟

ادرعي أيضاً يتابع حوالي 700 إلى 800 من مستخدمي “تويتر” وبينهم صحافيون عرب ووسائل إعلام عربية وسياسيون وفلسطينيون من غزّة ومن الضفة الغربية. والأمر الّذي يمكن ملاحظته بوضوح هو أنّ معظم التفاعل مع “ادرعي” هو من قبل العرب، إذ تكاد تغيب العبرية عن حسابه سواءً في التغريدات أو الردود عليها، ومن الواضح أيضاً أنّ الجمهور العربي منقسم تجاه المتحدّث الإسرائيلي المستعرب، والعلاقة معه إمّا “غرام” أو “إنتقام”.

وادرعي هو من يهود سوريا ممن هاجر أهله من الدرعية منذ عقود، ويشتهر بلقب “صحاف إسرائيل”. وهو من مواليد 1982 من مدينة حيفا ويخدم في الجيش منذ العام 2001 في مناصب مختلفة . وهو ناشط على “تويتر” منذ حزيران/يوليو 2011. ويركّز ادرعي دائماً، في “البروباغندا” لإسرائيل على قوة الجيش الإسرائيلي وتنوعه، فيعرض العديد من صور آليات الجيش الاسرائيلي ويلفت إلى أنّ الجيش يشمل عرباً مسلمين، ويوجّه لهم التهنئة بمناسبة حلول شهر رمضان أو عيدي الفطر و الأضحى و حتى ذكرى المولد النبوي. كما يكرّر منظومة الدعاية الإسرائيلية “حماية المدنيين” ويلوم “حماس” على “تدميرها للشعب الفلسطيني.
وربما التساؤل الأوّل الّذي يتبادر إلى الذهن هنا، هل هذه الجماهيرية لـ”ادرعي”، سواءً كانت سلبية أو إيجابية، لصالح إسرائيل أو العرب؟ ولماذا هذا الإقبال على “ادرعي”؟ ربما للحظات، تصعب مقاومة التغريد للإسرائيلي الّذي يتظاهر بأنّه حريص على مصلحة العرب، مستشهداً حتّى بآيات قرآنية أحياناً، إذ تنتابك رغبة بشتمه أو إهانته. وجوده إذاً مستفّز. وربما أيضاً وجوده هناك يشكّل ما يشبه “فشّة الخلق” من قبل بعض العرب ضد حماس، إذ يستنجدون بـ”ادرعي” لكي يخلّصهم من هذا الفصيل الفلسطيني.
تغريدات بعض العرب، ومنهم كوكبة من “النخب” والمثقفين” مثيرة للاشمئزاز، وإن كانت من ناحية أخرى تظهر وجههم الحقيقي. ومن بين هؤلاء الصحافي في جريدة الشرق الأوسط طارق الحميد، ومدير قناة العربية عبد الرحمن الراشد، إضافة إلى الروائي عبده خال، وقد غرّد الأخير منذ فترة قائلا: “حركة حماس لم تتّعظ من تجاربها، وها هي تعيد إطلاق صواريخ ليس لها أثر، لتحفز إسرائيل على اقتحام قطاع غزّة، وتدمير حياة مدمّرة”.
وقد غرّدت الروائية السعودية سمر المقرّن لـ”ادرعي” مؤخراً تسأله: لماذا لا تردون بصواريخكم على حماس الإرهابية؟ لماذا صواريخكم لا تتجه إلّا صوب الأطفال والأبرياء؟”. وتابعت المقرن: “حماس الإرهابية قتلت من الفلسطينيين أكثر مما قتلت من المغتصب الاسرائيلي. هكذا تكون المقامة الإخوانية”. وردّ أحدهم على المقرن قائلاً: “هذه السيدة يا افيخاي صهيونية مثلك، وتعتقد ان المقاومة الفلسطينية إرهاباً وأن مقاومة حماس إرهاباً”.

إقرأ أيضا: آخر إبداعات افيخاي ادرعي: لا يا شيخ؟

ادرعي، بدوره يردّ أحياناً على المغرّدين، ويخاطبهم مستعملاً عبارات كـ”حبيبي” و”حبيبتي”. في تغريدة لعثمان آي فرح، المذيع في قناة الجزيرة، كتب الأخير: “الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل اثنين من جنوده في غزة. الله أكبر”. فما كان من ادرعي إلّا أن يردّ مغرّداً: “وأنت تدعي أنّك محايد؟”. رد ادرعي استدرج ردوداً من مغرّدين آخرين، فكتب فضل سليمان: “زعلتك قوي الله أكبر”. وردّ ايوب حمادي: “تريده ان يكون محايد مثل قناتكم الحبيبة العربية؟”. وفي ردّ لإحدى المغرّدات الّتي كتبت عن سقوط صاروخ للمقاومة الفلسطينية في اسرائيل، قال ادرعي: “وماذا حقق الصاروخ؟ سقط في الخلاء أو انفجر في السماء يا حبيبتي”.
ادرعي لا يخجل، ويستمر في محاولاته لإقناع الجماهير بأنّه “عربي الهوى”، ففي عزّ التصعيد الإسرائيلي ضد فلسطين، كتب عبر التويتر أثناء المباراة بين كوريا الجنوبية والجزائر، أنّه يشجّع المنتخب الجزائري كونه الممثل الوحيد للدول العربية. ردّ عليه أحد المغرّدين حينها وكتب: “ههههه، على أساس انت واحد مننا؟”. “ادرعي” طبعاً ليس “منّنا وفينا”، لكنّه بيننا. نستضيفه عبر شاشاتنا ونمدّ جسر التواصل معه، شتماً أو تحبباً، فهل يكون هذا هدفه؟ وهل من الأفضل تجاهله وتركه “يغرّد” وحيداً، فلا يشعر للحظة بأيّ انتماء لنا؟ أو نتركه هكذا، فقد أصبح نجماً بين العرب و”عوضنا على الله”.

السابق
المعركة
التالي
الأنفاق لغز يحير الجيش الإسرائيلي