157 ألف موظف مهددون برواتبهم؟

لم يحدث أن دخل لبنان في مشكلة مشابهة. حتى في عز الحرب والاقتتال الأهلي لم تتوقف الدولة عن دفع رواتب موظفيها. لكن في العام 2014 وبعد 14 عاماً على «السلم»، سيحدث في لبنان أن شهر تموز الحالي هو الشهر الأخير الذي سيحصل فيه الموظف على راتبه في نهايته.

بالنسبة لوزارة المالية، فإن الأرقام لا تحتمل التأويل. وإذا لم تقر الموازنة العامة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، فلا حل إلا بإقرار قانون اعتماد إضافي يخصص للرواتب والأجور بقيمة 1558 ملياراً. أي أمر آخر، يعني أن نهاية شهر آب ستشهد فعلياً تعثر بعض الإدارات عن تأمين رواتب موظفيها، فيما سيشهد شهر أيلول تعثر معظمها. أي أن نحو 157 ألف موظف (10 آلاف موظف في الإدارات العامة، 26 ألف أستاذ، 26 ألف متعاقد في التعليم الرسمي و95 ألف عسكري) سيكونون مهددين في لقمة عيشهم. هل ثمة في الدولة من يتحمل تبعات هذه الأزمة؟ عملياً، فإن كل طرف يسعى إلى تحميل الطرف الآخر المسؤولية. تيار «المستقبل» يُحَمِّل وزير المالية الذي يرفض دفع الرواتب بدون تصريح قانوني من مجلس النواب المسؤولية، ووزير المال يحمل من يعيق إقرار القانون في مجلس النواب المسؤولية أيضا، فيما أطراف أخرى تجزم أن كل هذه الأزمة ستنتهي بمجرد اقتناع الجهتين أن الاستنزاف السياسي وصل إلى حدوده القصوى.
تكلف رواتب الموظفين للعام 2014 خزينة الدولة نحو 5850 ملياراً، لا يوجد منها سوى نحو 4300 مليار صرف جلها تقريباً. أما المبلغ الإضافي فهو ناتج من تخفيض الاعتماد الإضافي الذي أقر في العام 2012 (8900 مليار) 20 بالمئة، وزيادة كلفة التدرج العادي للموظفين والتوظيف الجديد.
بالنسبة لـ«المستقبل»، فإن القرار المبدئي حتى الآن هو بعدم إقرار القانون أولاً، وتحميل وزير المال مسؤولية أي تلكؤ في دفع الرواتب ثانياً. ولكن في المقابل، فإن الوزير علي حسن خليل يبدو حاسماً أيضاً في ر

فض الرضوخ لأي ابتزاز، مع الإصرار على عدم مخالفة القانون. يذكّر منتقديه دائماً أن موقفه هذا ليس مستجداً، وهو كان قد أعلنه بوضوح منذ لحظة استلامه وزارة المالية.
لا يسمع تيار «المستقبل» التوضيح لأنه مقتنع أن خليل يريد أخذ الموظفين رهينة مصلحة فريقه السياسي. بالنسبة له، خيارات تمويل الرواتب عديدة، أولها استمرار المخالفات التي تحولت إلى «عرف» وتمويلها من خلال سلفة خزينة، أو من خلال اعتماد المادتين 26 أو 59 من قانون المحاسبة العمومية. وهما المادتان اللتان تبين في اجتماعات لجنة المال أنهما غير صالحتين لمثل هذه الحالة. أولاً لأنه لا يمكن حجز نفقات دائمة تتخطى سقف السنة المالية السابقة، وثانياً لأن استعمال احتياطي الموازنة بحسب المادة 26، محصور بحالات المصالحات والمعاشات التقاعدية وتعويضات نهاية الخدمة. علماً أنه لو تم التسليم بهذه الطريقة، فإن المبلغ المتوفر في بند الاحتياط ليس كافياً لتغطية الرواتب. وإذا أرادت وزارة المالية نقل اعتماد من بند إلى بند (من موازنة وزارة يوجد لديها فائض إلى أخرى على سبيل المثال)، فإن الأمر يحتاج إلى قانون.
باختصار، فإن مؤيدي وجهة نظر وزارة المالية يرون أن لا حل إلا بالنزول إلى مجلس النواب وإقرار الاعتماد الإضافي، وهو حل يشبه بالنسبة لـ«المستقبل» تصليت السيف على رقاب الحكومات الأربع التي سـبقت والتي ترأس «المستقبل» ثلاثا منها.

السابق
هذا ما ينتظره الشيعة من الحريري.. فهل يطمئنهم اليوم؟
التالي
العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة الماليزية في أوكرانيا