ميريام فارس فرضت نفسها رقماً صعباً

زحمة مسلسلات رمضانيّة، تتنوّع بين الدراميّة والتاريخيّة والكوميديّة وغيرها. وبعد مرور 15 يوماً على انطلاقها، استطاع المشاهد تكوين فكرة عن مجملها، فاستبعد عدداً منها إمّا لضعف في القصّة أو في الأداء، أو لأنّها لم تقدّم أيّ جديد بما أنها مقتبسة بشكل شبه كامل، أو حتى لاحتوائها مغالطات تاريخيّة، فأبقى فقط على البرامج المميّزة. ولعلّ أبرز الأعمال التي تحصد نسب مشاهدة عالية في لبنان والوطن العربي مسلسل «إتهام» الذي تعرضه قناة «الجديد» إضافة الى عدد من الفضائيات العربية، والذي يملك خلطة سحريّة استطاعت أن تجذب المشاهدين وتعلّقهم به. فبخبرتها وبساطة حوارها، تمكّنت الكاتبة كلوديا مرشليان من تقديم نصّ محبوك وكامل وقريب من المشاهد، لم يتوانَ المخرج فيليب أسمر لحظة عن تحويله عملاً تلفزيونياً استثنائياً.

باختصار، هي قصّة ريم (ميريام فارس)، فتاة قرويّة لبنانية، تمّ توريطها زوراً في قضية دعارة ومخدرات في القاهرة بعدما تركت بلدها بقصد العمل الشريف في الخارج لإعالة عائلتها. وبعد المعاناة، استطاعت ريم إثبات براءتها، وقرّرت الانتقام من كلّ من ظلمها، غير أنّ الصدف شاءت أن تقع في حبّ خالد (حسن الرداد) الذي ليس سوى إبن رأس العصابة التي أوقعت بها (أحمد خليل).

ما يجذب في المسلسل أنه عالج الموضوع من جوانبه كافة، فنرى معاناة الفتيات المستغلّات من قِبَل عصابات الإتجار بالبشر، وما يتبعها من عمليات سجن واستغلال واغتصاب، ويظهر لنا ظلم العقلية الشرقية المتحجّرة التي تنبذهنّ وتصرّ على إدانتهنّ على رغم براءتهنّ أمام المحاكم، فقط لأنّ السمعة السيئة سبقتهنّ، وبالتالي سبّبن العار لعائلاتهنّ. كما يصوّر العمل، من خلال «ريم»، صراع أولئك الضحايا العالقات بين نيران الظلم من جهة ونيران الانتقام المتأجّجة داخلهنّ.

لا شكّ أن مجموعة الممثلين التي شاركت في العمل كان لها الدور الأكبر في إنجاح المسلسل نظراً لأدائها المتميّز، غير أن المفاجأة الأبرز كانت أداء مريم فارس التمثيلي، ففي حين راهن كثيرون على فشلها قبل عرض المسلسل، استطاعت المغنية الشابّة فرض نفسها رقماً صعباً ولاعباً جديداً على الساحة الدرامية، فرُفعت لها القبّعة خصوصاً وأنّ دورها صعب وفيه الكثير من الحالات التي تتطلب مهارات تمثيلية استثنائية. ولعل المشهد الأكثر تأثيراً بالمشاهدين كان لدى زيارة البطلة قبر والدتها، وببراعتها تمكّنت ميريام فارس من إبكاء المشاهدين، وأسَرَت قلوب الملايين بأدائها الطبيعي.

وفي الإطار عينه لا يمكننا سوى الإشادة بأداء بقية الممثلين المحترفين في المسلسل، فحسن الرداد لعب دوره بإتقان شديد، بينما أضافت خبرة الكبيرَين عزّت أبو عوف وأحمد خليل نكهة خاصة للعمل. وكانت إطلالة نهلا داوود مميّزة ومتقنة كما اعتدناها، في حين أبدعت القديرة تقلا شمعون بأداء دور الأم المثالية الهاربة من ماضٍ أليم. وكانت لإطلالات كلّ من فادي ابراهيم ووليد العلايلي ورانيا محمود ياسين ورشا مهدي وطوني عيسى والشاب نيكولا مزهر وقعها الخاص في المسلسل. من جهة أخرى، قد يكون مأخذنا الوحيد على العمل هو النسبة الكبيرة جداً من مشاهد الحزن والبكاء التي يتضمنها، أقلّه حتى الساعة، والتي كان يمكن تخفيفها ولو قليلاً على رغم مرارة القصة. ولكن هذا الأمر لا يلغي نجاح المسلسل في عناصره كافة، ما يجعله مرشّحاً وبقوة للتربّع على عرش المسلسلات الرمضانية لعام 2014.

السابق
تقرير أوروبي حول مواجهة ’الجهاديين’: قطر لا تتعاون..
التالي
تفجير ذخائر في محيط قبريخا