هذا هو الفارق بين القاعدة وداعش

باتت داعش وتنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات الاسلامية تسيطر على مساحات مهمة في سوريا والعراق في ظل خلافات بينها تتحول أحيانا الى اشتباكات مسلحة. فبماذا تختلف القاعدة عن داعش وعن التنظيمات الاسلامية الناشطة في سوريا والعراق؟

جميع التنظيمات الإسلامية الناشطة حاليا في المنطقة هي تنظيمات سلفية، لكنّ بعضها سلفي دعوي والبعض الآخر سلفي جهادي، وهناك تنظيمات سلفية تكفيرية. أصل فكر هذه التنظيمات يستند إلى ما طرحه المفكّر سيّد قطب، الذي طالب بالخروج على السلطان إذا كان جائراً حتى لو كان مسلماً. إستنادا الى هذه المقولة، عملت تنظيمات إسلامية في التحريض باتجاه الخروج على السلطات حتّى لو حكمت باسم الإسلام.
و”القاعدة” كما هو معروف تنظيم سري، والمعلومات المتوفرة عنه غير مكتملة، لكنّ الواقع يشير إلى أن الرابط الأساس بين التنظيمات هو رابط أيديولوجي وليس تنظيميا. لكنّ تنظيم القاعدة نفسه، بحسب أحد مشايخ منطقة صيدا، المتابعين لعملهم، شهد انشقاقاً حقيقياً ظهرت نتائجه في سورية.
فدولة الإسلام في العراق والشام (داعش) إنشقت عن الظواهري، ودعا المتحدث باسم “داعش” أبو محمد العدناني/ دعا أيمن الظواهري الى مبايعة داعش، في حين أنّ جبهة النصرة بايعت الظواهري. هذه الواقعة تؤشر إلى أن قسماً من القاعدة قد أجرى مراجعة أيديولوجية سياسية في حين أن قسماً آخر بقي في المربع الأول للقاعدة.
وعندما دخل أبو مصعب الزرقاوي إلى العراق، أرسل فيديو إلى أسامة بن لادن يكفّر أهل العراق، وكان من ممارسات القاعدة أنها لا تقيم وزناً للمدنيين العراقيين، فإذا أرادت أن تنفذ عملية ضد الأميركيين، لا تهتم إن قُتل عدد من المدنيين العراقيين أكثر من الأميركيين، كانت القاعدة ترى أنهم ليسوا مسلمين فمن ليس معنا هو ضدنا ودمه مهدور، وفي سبيل الجهاد يجوز التضحية بمن هو ليس بمسلم حقيقي حسب مقياسهم.
كان الشيخ حارث الضاري العراقي صريحاً عندما قال إنّ 4 – 5 % من العمليات ضد الأميركيين نفذها تنظيم القاعدة. وأنّ أثرها كان ضعيفاً وهذا ما سمح للصحوات العراقية، من عشائر العراق السنية، بين عامي 2007 و2008، إلى إنهاء القاعدة في العراق، بعد أن قتلت عدداً من قيادات المقاومة الفعلية ضد الاحتلال الأميركي.
يقول الشيخ المطلع على التطورات إنّ حجم داعش يتراوح بين 7 و12 ألف مقاتل ما زالوا يحملون فكر القاعدة الأصلي، يكفرون الآخر ويرفضونه يستخدمون الإعلام بشكل كبير، يلقون الرعب في قلوب أعدائهم، يقصون من يقف بوجههم، ويعتقدون أن بالسيف وحده يقيمون سلطة الإسلام.
ينتقل الشيخ الى الحديث عن القسم الآخر من القاعدة ويعني به جبهة النصرة: “من تابع مقابلة أبو محمد الجولاني زعيم النصرة على تلفزيون الجزيرة يجد فكراً سلفياً جهادياً آخر يختلف عن فكر داعش، فهو يشير إلى أن دم المدنيين معصوم وأنهم ينفذون عمليات ضد قوى النظام ويجنبون وقوع خسائر بين المدنيين”. وعندما سُئل عن غير المسلم، أجاب أن دم المدني معصوم حتى لو كان غير مسلم. وبالسؤال عن التكفير، أجاب أنه لا يجوز تكفير أي كان إلى ان يعلن الشخص نفسه عن إشراكه بالله وارتداده عن الإسلام.
علما أن تنظيم أحرار الشام الذي يسيطر على الرقة وهو تنظيم سلفي جهادي، لا يكفّر الآخر ولا يهدر دمه حتى لو كان من غير مؤيديه.
يعود الشيخ للإشارة إلى أهمية إظهار هذا الفارق بين طرفي القاعدة. ويزيد: “إعلامياً تبدو جبهة النصرة هي الأقوى في سورية لكن المعلومات تشير إلى أن قوتها العسكرية لا تتجاوز 10 آلاف مقاتل في حين أن الجبهة الإسلامية تضم نحو 140 ألف مقاتل في صفوفها”. فما هي الجبهة الإسلامية؟ يجيب الشيخ: “هي تضمّ مجموعات وتنظيمات إسلامية عديدة وقعت فيما بينها ميثاقاً وطنياً تحدد فيه هدفها بإقامة دولة مدنية تخضع للشريعة الإسلامية لكن تكتسب حقها بالحكم من خلال صناديق الاقتراع، وهذا الأمر دفع النصرة الى الاختلاف معها، فالأخيرة ترفض الخضوع الى الديمقراطية واستفتاء الشعب، وتنظر إلى أن شرعية الحكم تأتي من إقامة حكم الدين الحنيف”.

السابق
’غوغل’ تتبرأ من برنامج يتحكم بنظاراتها 
التالي
ارتفاع حصيلة ضحايا النزاع السوري الى أكثر من 170 ألفاً