مجلس النواب باق حتى خريف 2016

منذ أسابيع بدأ الحديث عن تمديد ولاية المجلس النيابي . فقبل سنة، سقطت محاولة تمرير “الولاية الكاملة” بعدما بدا الطرح “فاقعاً” في حينه، وغير قابل للتسويق. ومنعاً للاحراج، خرج من يقترح “التجزئة”: “نقبل بالمتاح راهناً، فنمدد لحوالى السنتين، ونستند الى الأسباب عينها للتمديد لسنتين اضافيتين قبل انتهاء الولاية في تشرين الثاني 2014”. اليوم، بات هذا السيناريو على قاب قوسين او ادنى من التطبيق، وسط سؤال عمّن سيتحمّل المسؤولية ويبادر في هذا الاتجاه.

قبل أسابيع من أيار 2013، تبرّع الوزير نقولا فتّوش في حينه لقوننة التمديد. فأعدّ اقتراحه ورفعه الى الهيئة العامة للمجلس، قبل ان يدرج سريعاً على جدول الأعمال، بعدما تأمّن له الغطاء المحلّي والمباركة الإقليمية والدولية. كانت “الصواريخ العشوائية” تسقط على الضاحية ومحيطها، والأحداث الأمنية في طرابلس وعرسال، تصحو وتخبو “غب الطلب، او بغضّ النظر عن الحسم وملاحقة المخلّين”، فكانت الذريعة الأمنية للتهرّب من الاستحقاق الدستوري النيابي.
هي قراءة نائب متابع لتلك الفترة، والذي لا يرى في الأسباب سوى “تخريجة محلية لرغبة إقليمية ودولية…فعندما يتفق الخارج، يترجم ذلك تعييناً على المستويين الرئاسي والحكومي والنيابي، وعندما يختلف، يكون التمديد للستاتيكو القائم. هكذا كان الوضع مع التمديد للرئيسين الياس الهراوي واميل لحود، وهكذا حصل مع صراع السين-سين عشية تمديد 2013، وهكذا يبشّروننا بحصوله خلال أسابيع”.

فتوش جاهز
ومع بدء الهمس عن تكليف فتّوش بالمهمة نفسها، نفى الأخير في اتصال مع “البلد” ان يكون احد قد طلب منه ذلك قائلا: “لست ممن يطلب منهم…انا امارس قناعاتي واقوم بما يمليه علي ضميري وواجبي الوطني والنيابي”.
وعلى رغم تحفّظه على شكل الطلب، لم يقفل فتوش الباب على النقاش في مضمون “خريطة الطريق” هذه، مؤكداً انه “اذا كانت الظروف الاستثنائية تبرر التشريع، ليش لأ انا جاهز لهل خطوة”.
هي مسألة أيام بحسب المتابعين لطبخة التمديد، قبل ان يصبح الهمس علنياً. وتشير المعلومات الى ان السيناريو نفسه الذي رافق التمديد الأول، سيطبّق على الثاني. سيتقدّم فتوش باقتراح قانون يرفقه بالاسباب الموجبة، (تشير المعلومات الى ان صيغته باتت جاهزة)، فيقر في جلسة يتوقّع عقدها منتصف الشهر المقبل، قبل أيام من الموعد الاقصى لدعوة الهيئات الناخبة، وهو العشرون من آب.
وعلى غرار تجربة أيار 2013، لا خوف على النصاب المطلوب ولا على نيل الاقتراح الأكثرية اللازمة من الأصوات لتمريره. وفي الموعد المحدد، ستعود كتلة المستقبل عن مقاطعتها الجلسات التشريعية، وسينزل نواب الكتائب والقوات الى ساحة النجمة ” فلا انتخابات نيابية قبل الرئاسية، والمسؤولية يتحمّلها من يمنع تأمين النصاب لملء الشغور الرئاسي”، بحسب الكتلتين المسيحيتين.
في الكواليس حديث عن ان هذه المعطيات طرحت في لقاء عقد بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ونائبه السابق ايلي الفرزلي. لكن الأخير نفى في اتصال مع “البلد” الأمر، مؤكداً ان “رئيس المجلس مصر على اجراء الانتخابات في موعدها ودعوة الهيئات الناخبة”. لكنه لم ينكر في الوقت عينه التحضير لمثل هذه الأجواء. فمعطياته تتحدّث عن “محاولة لرفع السقف من خلال اقتراح للتمديد لنصف ولاية، ليكون الهدف الفعلي الحصول على سنة ونصف، على غرار المرة الماضية”.
وعلم ان الوزير وائل أبو فاعور، الناشط على خط التواصل بين المستقبل وبري، فاتح الأخير بهذه الأجواء، وبالتوافق القائم بين النائب وليد جنبلاط والشيخ سعد الحريري على السير بالتمديد “لأن الظروف لا تسمح باجراء انتخابات نيابية، وان الأولوية لانتخابات رئاسة الجمهورية”.
التيار خارج السرب
حتى الساعة، يبدو التيار الوطني الحر على موقفه: “التمديد يضرب مبدأ تداول السلطة، ويشكّل طعنة جديدة في الديمقراطية”. سيغرّد التيار مرة جديدة وحيداً خارج سرب الممددين، لكن اللا الاعتراضية التي سيرفعها لن تبدّل شيئاً في الوقائع، لأن الاتفاق السياسي سيفعل فعله. لا تقنع “الأسباب الموجبة” التي يحضّر لها التيار، وهي لن تختلف عن سابقتها. ويرى فيها “تمديداً للأزمة، بدل الشروع في الحل المطلوب لتحصين المؤسسات وحمايتها، وحفظ الاستقرار، من خلال العودة الى الشعب لاعادة تكوين السلطة، كما يفترض ان يحصل عند الأزمات”.
وفي هذا السياق، لا يبدو ان التيار سيقف مكتوف الأيدي، بل سينشط في الأيام المقبلة لتسويق المبادرة التي اطلقها العماد ميشال عون الأسبوع الماضي، من خلال تواصله مع الكتل النيابية. وعلم ايضاً ان التيار سيقرع أبواب عدد من السفراء لشرح المبادرة “التي تهدف الى تحصين الطائف وحمايته لا نسفه كما روّج البعض”.
وبين وجهتي النظر، هناك من يطرح “حلًّا وسطًا” وهو التمديد لثلاثة اشهر فقط، ليبقى الهمان الاساسيان “إقرار قانون انتخاب جديد يسهم في تأمين المناصفة والشراكة، واجراء الاستحقاق الرئاسي بما يكفل إعادة التوازن الى مؤسسات الدولة ويؤمّن الميثاقية المفترضة في التركيبة اللبنانية”.
ويسأل أصحاب هذا الرأي في هذا الشأن ايضاً، اين المجتمع المدني؟ “وهو الذي تظاهر ورمى البندورة في زمن التمديد، وغاب عن السمع والواجب في المطالبة بإقرار قانون انتخاب جديد يسهم في الوصول الآمن الى استحقاق إعادة تكوين السلطة”.
في المحصّلة، ضاعت سلسلة الرتب والرواتب وضاع معها قانون الانتخاب الجديد، الذي وعدت به الكتل الممددة منذ سنة، بغياب الرغبة التي ترجمت بمقاطعة الجلسات التشريعية. ولكن، يبدو ان كل “المحظورات” ستسقط وسيبقى مجلس 2009، حتى خريف 2016.

السابق
البرازيل: شعوذة كروية
التالي
مخاطر انتفاضة فلسطينية جديدة