مخاوف من عاصفة إرهاب قوية

أثبتت الوقائع أن لا حلّ عسكرياً في سوريا بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب، خصوصاً في غياب أي رغبة خارجية في تدخّل عسكري مباشر.
وتؤشر المعطيات الى أن لا حل عسكرياً أيضاً في العراق، وأن الأزمة طويلة ومرشحة للإمتداد شهوراً بل سنوات، خصوصاً بعدما رفضت الولايات المتحدة الأميركية طلب رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي توجيه ضربات جوية ضد مواقع وتحصينات «داعش»، كما أن البنتاغون نصح الجيش العراقي الذي يُقدّر عديده بأكثر من مليون ضابط وعسكري، بعدم التورط في حرب سريعة واسعة مع «داعش».

كل المؤشرات تدلّ الى تغيير جيوسياسي كبير يجري في المنطقة، في ضوء ستاتيكو عسكري يفرض إعادة تموضع للجيشين السوري والعراقي والمجموعات المتطرفة، غير القادرة على الحسم العسكري.

أما المخاوف من الإرتدادات على لبنان، فمردّها أن «داعش» قد تسعى لاحقاً الى تحويل لبنان الى «ميني» عراق، بعدما ارتاحت الى أوضاعها وبدأت تبيع النفط وتجني أموالاً تغريها للتورط في مزيد من العمليات الإرهابية في كل المنطقة.

وترى مصادر أشرفت على التحقيقات مع عدد من الإرهابيين خلال الأيام الماضية، أن هؤلاء الإرهابيين صغار السن، وغير مدربين جيداً، ويتملّكهم الخوف والتسرّع، ما يدفع الى الإستنتاج أن الجهة التي أرسلتهم قد تكون تُجري «استطلاعا بالنار» أي إختباراً لمدى جهوزية القوى الأمنية اللبنانية وكيفية تحرّكها وتصدّيها، ومَن يتولى التحقيقات.

وهناك تخوّف حقيقي من احتمال تعرّض لبنان لعاصفة إرهاب قوية اذا لم يرتقِ القادة السياسيون الى مستوى الأخطار الكبيرة ويبادروا الى ملاقاة الجهود الإستثنائية التي يبذلها قادة الجيش والأمن والقضاء ضمن الإمكانات المتواضعة المتوافرة لديهم.

ولا أحد يجرؤ على التكهّن بأن البلد ليس متجهاً نحو مرحلة سيئة ما دامت الحال السياسية غير مستقيمة، خصوصاً أن لا أحد قادراً على وقف تداعيات الإرهاب ليس في لبنان فقط، وإنما في كل دول المنطقة.

وتسأل مصادر التحقيقات «مَن يعرف مَن هي الخلايا النائمة، وما هو عددها، وما هي مواقع انتشارها، ومتى تُستدعى الى التحرك»؟ جازمة أن هناك 140 كيلومتراً من أصل 360 كيلومتراً من الحدود مع سوريا، غير مراقبة.

والمأساة أنه فيما لا يوفّر الجيش وقوى الأمن والأمن العام تضحية لإنقاذ البلد من التفجيرات والفتن، تستمر القوى السياسية في المجازفة في مصير لبنان عبر ممارسة سياسة التعطيل والفراغ، بحثاً عن مكسب شخصي لن يفيد اذا ما ضاع الوطن.

السابق
تأهيل منزل مسنّيْن.. كعقوبة
التالي
أنقرة وطهران ترفضان استقلال كردستان العراق