الرئيس في المترو

ميشال سليمان في المترو

تناقل عددٌ من مواقع التواصل الاجتماعي صور الرئيس السابق ميشال سليمان وهو يستقلّ المترو في باريس. صور أخرى نشرها الزميل “المنفي” فارس خشان وهو الى جانب “فخامته” في المترو، ويبدو الرئيس في بعضها يتجوّل في شوارع العاصمة الفرنسية. واحدة منها selfie كتب تحتها خشان “سلفي والأحقاد خلفي”. اشتعل “الفايسبوك” و”تويتر” و”إنستغرام”. المشهد لم يكن اعتياديا.

لم يتعوّد اللبنانيون على هذا النمط في سلوك زعمائهم، لكن باريس ولندن وروما… غير. في لبنان المسألة بالغة التعقيد.
قد يكون من سابع المستحيلات رؤية رئيس للجمهورية أو رئيس للحكومة أو وزير أو نائب أو حتى مستشار أو مدير عام… في “تاكسي” يجوب شوارع الحمرا المكتّظة بناسها وسياراتها وأشيائها، أو ربما داخل باص يفيض بركابه، أو راكبا دراجة هوائية ينتقل فيها من المنزل الى مقرّ العمل. السياسيون هنا ليسوا “كوول” أبدا، لكن المحرّمات في لبنان تصبح مستحبّة في كل مكان تقريبا.
سيصبح من السهل التقاط صورة الموسم لوزير لبناني يتناول البرغر، منتعلا مشاية بأصبع، ويكزدر في شوارع لندن. وسيكون مقبولا جدا رؤية معاليه أو دولته او سيادته يرتشف القهوة في مقهى متواضع في باريس الحالمة.
لا مواكبة، ولا مرافقين، ولا عروض قوة. يعودون الى طبيعتهم، ويتخفّفون من كل أثقال وموجبات النفوذ والسلطة، فقط في بلاد الاخرين. لا يعني ذلك مطلقا إدانة للرئيس سليمان، أو غيره. لو كان المترو “شغّال” لدينا، لربما فعلها الرئيس. لكن، ماذا عن الاحتياطات الامنية؟. هنا الحجّة التي تسكّت الجميع. أمن السياسيين فوق كل اعتبار.
قد يكون الأمر صحيحا، لكن في العمق يكمن كل الموضوع. قلّة نادرة من السياسيين عرفت بتواضعها، وتقشّفها. البقية تشكّل نموذجا لكل أنواع الـ “سنوبيسم” السياسي.
يبدأ الأمر بالزعيم الذي يركب على أكتاف اللبنانيين، “مدندلا” رجليه، بإرادة حامليه طبعا. في أفراح الانتخابات، في طقوس تكريس السلطة، وفي المهرجانات السياسية. عادةٌ لبنانية تتخطى مفهوم القبلية والعشائرية. إنها نوع من ارتضاء المذلّة لإسعاد الفرد على حساب الجماعة. يشعر، الفرد هنا، إن كان وزيرا أو نائبا أو رئيسا، بأنه فوق الجميع. زعيمٌ تخضع له الجماهير المحتفلة بدونيتها.
ومن ركب الأكتاف الى مستلزمات عروض القوة والتعجرف. يسخّر سياسيو لبنان، بغالبيتهم، كل شئ تقريبا من أجل رفاهيتهم وراحتهم الذاتية. دعك من حجّة الأمن. ففي الجينات ما يوحي بنهم غير طبيعي لاستغلال المقدّرات على أنواعها. حجم المرافقين والمساعدين، “طول” الموكب. السلوكية المتعالية في التصرّف مع الاخرين، في السير، في الكلام، في تقمّص أدوار العظماء. ذهنيّة الطاووس تكاد تكون ماركة مسجّلة للعديد من الرؤساء والوزراء والنواب… وما علينا سوى أن نرصدهم خارج الحدود اللبنانيّة، كما خلقوا، مثلنا، عراة من كل ورق تين الفخامة والتفشيخ وحبّ المظاهر…

السابق
حسن حمادي وقاسم سليمان قضيا في سوريا وحزب الله ينعيهما
التالي
تلزيمات وزارة الأشغال: البقاء لـ«غازي»!