إرهاب فارسي على الشعب العربي العراقي

وَصَرَخ «الشعبُ العراقي» متضرعاً منادياً، متوسلاً «واسيستناه»! (على وزن وامعتصماه!)، أَنْجِدْنا! أَنجدْنا! من داعش! فلبّى السيستاني النداء «عَجولاً» وأصدر فتواه بمقاومة البرابرة الآتين من الجحيم، عليكم «بالجهاد الكفائي» فهبوا جموعاً وفرادا. وتطوعوا «فالعراق» الإيراني في خطر. هبوا! أيها الشباب الجهادي، إلى جيشكم الجديد، «الجيش الرديف» فأنتم اليوم جيش العراق وأُطلق نفير النداءات من كل حدب وصوب. من جوف الأرض. من الكواكب. من السماء. من المدن. من المقامات. من المنازل. من المصانع. من المدارس. من الجامعات. هُبّوا. فمقاماتكم المقدسة مهددة! وَهَبّوا! هبَّ «الشيعة» الذي يمتثل قادتهم لإيران وهتفوا «لبيك لبيك!« وتدفقوا بالألوف. صغاراً. وأطفالاً. وشيباً وشباناً، حتى بدا للناظر أنه يوم الحشر والنشر. وارتدى السيستاني زي الجندي المقاوم. نزع الزي الديني. «أنا الآن جندي«. ولكي يكون السيستاني جندياً في الجيش الرديف (بعد ما تفكك جيش المالكي والأميركيين والصهاينة)، فيجب أن يلبي النداء أيضاً عشرات «صلاح الدين الأيوبي». وأولهم النائب السابق جمال محمد جعفر «أبو مهدي» «المهندس» ممثل قائد «فيلق القدس الإيراني» قاسم سليماني، بالإشراف على جيش «سرايا الدفاع الشعبي»… الذي يضم متطوعين شيعة! فقط شيعة!

إذاَ عندنا صلاحُ الدين آخر «صغير» هو جمال جعفر (لكنه كبير بإيمانه) وعندنا صلاح الدين أكبر هو سليماني. وعندنا «فيلق القدس» المتجول في جهاده بين لبنان وسوريا والعراق! والغريب أن فيلق القدس «تجوّل» في أمكنة عديدة ما عدا القدس. فيلق القدس ليست وجهته القدس. ولكي يصل ولا يصل إلى القدس عليه عبور «أوطان» «وبقاع» وحروب قد تدوم مئة سنة وعندها يدرك أبواب «القدس»! ليحررها من العدو الصهيوني (فصلاح الدين المؤجل، ترجل من «حكم» سوريا ليمضي، ويحارب «داعش»! فقط «داعش» وكل المقاتلين الذين اخترقوا الموصل ومدناً أخرى هم من داعش فقط! يا للدقة! فالعراقيون المناوئون للاحتلال الإيراني للعراق مقتصرون على «داعش» والسنة الذين نكل بهم، المالكي (عميل صغير لخامنئي). وقَمَعَهم وأقصاهم من كل مسؤولية، تحولوا كلهم داعش. والبعث «الصدامي» بقيادة عزت الدوري (نائب الرئيس العراقي السابق) هم أيضاً داعش. والحواضن الشعبية التي دعمت المقاتلين، كلها من داعش. انه «الارهاب» الخالص. إذاً. حصر «المالكيون» و«الخامنئيون» الانتفاضة الشعبية «بداعش» الارهابية! كما حصروا الثوار السوريين بالإرهاب، وبداعش أيضاً، لكن الفارق ان حزب الله والحرس الثوري والنظام السوري لا يحاربون «داعش» في المناطق التي تسيطر عليها في سوريا. لا يقصفونها بالبراميل. أو بالكيمياوي. أو بالكلور بل يقصفون الجيش الحر . داعش تهاجم الجيش الحر ولا تهاجم مقاتلي النظام. مع هذا يرفعون لافتة «داعش» (التي أسستها المخابرات السورية الإيرانية) كعنوان للإرهاب ليصوروا أنفسهم، وهم إرهابيو كل المرحلة السابقة «مكافحين» للإرهاب. الارهابيون «الخُلّص» يكافحون الإرهاب وباسم محاربة الإرهاب «يستدرّون دعم أوباما. أو عفواً الدكتور أوباما. أو عفواً دكتور الفشل والخيبة أوباما. فيا «أوباماه»! أَنجِدنا! صرخ روحاني لنتصدى معاً للإرهاب الداهم، ونسقطه، كما حاربنا معاً واسقطنا النظام السني الصدامي في العراق. «انه المجاز خلف عبارة الإرهاب: «السنة في كل مكان هم الإرهاب. مساواة كل السنة العرب بالقاعدة وبداعش هي كلمة السر والعلن اليوم. و«أوباماه»! حِلفنا المقدس مهدد! وا» أوباماه!» يا رفيقنا في القتال ورفيقنا في افغانستان وفي العراق وفي سوريا، حلفنا معكم ومع اسرائيل مهدد! فأنجدنا بقصف الارهابيين الذين باتوا على أبواب بغداد! وا»أوباماه»! وا»كيرياه» شراكتنا وهيمنتنا معاً على العراق معرضتان للخطر. نحن قمنا بالواجب الجهادي: استدعينا الحزب «الإيراني في لبنان ولبى». استدعينا الحرس الثوري الإيراني فلبوا. استدعينا المتطوعين فلبوا! وها أنتم! وكلنا أمل في وفائكم لنا. ألم تلبوا «نداءنا» في سوريا، وتمنعوا سقوط النظام! ألم تثبتوا مقولتنا الاعلامية بمحاربة «الارهاب» في سوريا! ألم تتواطأوا معنا على تحويل كل الشعب السوري المنتفض إرهابياً! انقذتم وحليفنا التاريخي اسرائيل نظام «الممانعة» و«المقاومة»… ورددنا لكم التحية بأجمل منها، فالجولان ليست الأولوية.. ولا القدس ولا جنوب لبنان. ولا مزارع شبعا! حتى يوم القيامة! فردوا! فردوا التحية إلينا…

هذا هو المناخ السائد في العراق. وها حملات النفاق والهرطقة: وَصمُ كل من يعارض المشروع الإيراني بالسيطرة (مع اسرائيل) على المنطقة بالإرهاب! لكن اذا كنا نحن ندين ظاهرة «داعش» (تخدم النظام في سوريا) وطالبان. (الحلف الإيراني الأميركي انعقد أيضاً لمحاربتها في أفغانستان) وكل التطرف الأيديولوجي والديني، فهل يمكن ان نصدق أكاذيب إيران «قمة» الإرهاب ومن لفّ لفها. هل يمكن انقاذاً لهذا المجرم الصغير نوري المالكي، أن نصبغ كل من نكل بهم وقصفهم وقتلهم وأقصاهم بالإرهاب! ونصّوره، منقذ التعددية والديموقراطية والسيادة (!) في العراق. وهل يمكن أن نصدق ان «داعش» وحدها، بسلاحها فقط، اخترقت كل هذه المدن وبهذه السرعة الفائقة، وهزمت جيشاً أُنفق عليه 300 مليار دولار لو لم تتقاطع معها الفئات التي عوملت كعبيدـ وتمّ «الغاؤها» من خريطة العراق السياسية. وهل نصدق أكاذيب إيران بأنها استنفرت من استنفرت بعناوين مذهبية، لانتهاك العراق «دفاعاً عن المقدسات» وأي مقدسات هي؟ نتذكر هنا شعار الحملة الصليبية على العالم العربي في القرون الوسطى: «حماية المقدسات المسيحية في القدس». حماية القدس «مهد المسِيح» وتنوعت شارات الجيوش الصليبية «جيش يسوع» ، «جيش الله»، «جيش حماية مهد المسسيحية»… وآنئذ استنفر الشباب الأوروبي، عندما صرخ الملوك والقادة، «واقدساه» ، واقدساه! ودق نفير التطوع وقرعت طبول الحرب.. كلنا قرأ عن هذه الأجواء «الصليبية» بشعاراتها كذرائع «دينية» موجهة ضد الإسلام «الكافر» في رأيهم آنئذ، الذي «يدنس أرض القدس». هذه الذرائع كانت تخفي وراءها، أهدافاً استعمارية لغزو العالم العربي. انها «ذرائع» الغزو لسيطرة الاستعمار الأوربي الناشئ على الأراضي العربية وتقسيمه، وانشاء ممالك «هجينة» عدوانية عليها. نداءات إيران لا تختلف عن نداءات «الصليبيين». والفارق ان الصليبيين شهروا أعلام هذه الذرائع للدخول في حرب دينية ضد المنطقة بينما ايران تشهر هذه الذرائع «الصليبية» الصهيونية + الأميركية للحفاظ على سيطرتها على العراق. هناك أي في أوروبا «الحرب الدينية» (وكانت رائجة في القرون الوسطى) وهنا الحروب المذهبية الرائجة في عالمنا الراهن. صليبية جديدة= ايرانية + اسرائيلية+ أميركية. فأوباما لم يحركه سقوط نحو 200 ألف قتيل في سوريا. بسبب النظام. ولا استخدام الكيماوي (هذا ليس ارهابياً لأنه يستخدم ضد المعارضين «الارهابيين»!) والكلور والطيران والبراميل… والاعدامات الميدانية. لا وكلا! وألف كلا! «اتركوا الشعب السوري» السني الارهابي يُقتل بأطفاله وشيوخه ونسائه ومدنييه بالأسلحة الممنوعة. وعندها تصبح الأسلحة الممنوعة «مباحة» ومشروعة بل وضرورية. أوليست موجهة ضد الارهابيين؟ «لا تريد ان ندخل في الحروب» قالها أوباما على امتداد ارهاب النظام السوري وحزب الله وفيلق القدس على الشعب المنتفض. لكنه وفجأة. ومن دون انذار (تماماً كما يحدث المعجزات) انتفض اليوم، وأرسل سفناً حربية، إلى المنطقة. وحاملة طائرات وخبراء عسكريين. وها هو مستعد بكل ديموقراطيته وثقافته الأكاديمية و«شفافيته» لضرب الارهابيين في العراق. وها هو المالكي يطالبه باستخدام القوة النارية الأميركية لمكافحة الارهاب. كل الارهابيين في هذه المنطقة (وصولاً إلى نظام بوتين) يكافحون الارهاب. والدولة الديموقراطية الأميركية راعية حقوق الانسان مهيأة لتلبية نداء ايران وروحاني وخامنئي لاعادة «الحلف الشيطاني» بينهم عبر إعادة السيطرة على هذا البلد العروبي في أرومته وفي جذوره وفي شعبه. قلت «بلداً عربياً» أف! خطيئة مميتة ان تلفظ كلمة «عرب» في حضور الفرس. والأوروبيين. أُضربوا كلَّ ما هو عربي! واعتبروا ان كل سني في المنطقة هو عربي! إذاً اضربوا «عروبة» السنة في العراق! فالعروبة بالنسبة إلى الأميركيين تذكرهم بعبد الناصر. وتذكرهم بأنها الرابط الأساسي الذي يجمع العرب. وبأنها الضامن الأساسي لامتصاص الظواهر المذهبية والأثنية والدينية! فالذين يريدون المذهبية. كيف لا يحاربون العروبة! وهم يخلطون بين ارهاب بن لادن والظواهري وبين الاسلام والعرب. لا شيء! في هذه البقاع العربية سوى المذهبية (هذا ما تريده اسرائيل أولاً) إذاً، شرذِموا هذه الشعوبَ بإحساساتها القومية والوطنية والثقافية والحضارية، في امارات وكانتونات مذهبية متصارعة فتطمئن اسرائيل، وترتاح أميركا وأوروبا والعالم! نداء روحاني والمالكي بمحاربة «داعش» وكأنها المكون الوحيد في الانتفاضة ضد ايران ليست سوى حرب مذهبية معلنة. بكل وضوح. فالشعارات والخرافات (المذهبية) والأساطير والأكاذيب جاهزة، وفي طليعة من طرحها حزب الله الإيراني في لبنان المصنّف «ارهابياً» لدى بعض الدول الغربية عندما رفع شعار تدخله الجهادي في سوريا لتلبية إرادة خامنئي تحت شعار «حماية مقام السيدة زينب». ويبدو ان مقام السيدة زينب «أَنجَب» مقامات أخرى (ومقامات الموتى قادرة على الانجاب!) وها هو السيد حسن نصرالله يقول في سياسته التعبوية التي تبرر انخراطه في الصراع العراقي: «شعارنا في العراق اليوم أن الزمن الذي يُسمح فيه لأي احد في العالم بالاعتداء على مقدساتنا الدينية في النجف وكربلاء وسامراء قد انتهى». ويضيف في هذا الحديث الموجه إلى «قادة كشاف الإمام المهدي» :أين سنخبئ وجوهنا من صاحب العصر والزمان (يقصد الامام المهدي المنتظر) في حال حصول أي اعتداء على المقامين في سامراء!» ويضيف معززاً انتماءه «السياسي المذهبي الفارسي»: ما دام هناك شخص اسمه السيد علي خامنئي، وما دامت الجمهورية الاسلامية في ايران (صرح السيد حسن مرات انه جندي صغير في جيش خامنئي الكبير) رائع! حزب الله بلا أوراق تين ولا عنب ولا نخيل ولا مانغا… يقدم نفسه من جديد على حقيقته. لا أقنعة ولا مساحيق ولا ماكياج: نحن عملاء عند خامنئي! شئتم أم ابيتم. هذا الاستدعاء للرموز المذهبية ليس سوى انخراط في الحرب المذهبية التي تقودها ايران. فالسنة العرب «هم أهدافنا!» وكل من يعارض «الجمهورية الاسلامية» خائن… وتكفيري (الخميني اول من نطق عالياً بالتكفيرية: ألم يكفر سلمان رشدي، ويكفر وحلفاءه من أحزاب توده والقومية ومجاهدي خلق واستباح دمهم وقتل منهم نحو عشرين ألفاً وشرد عشرات بل مئات الألوف منهم!) المنطق التكفيري الضمني والصريح عينه! ولهذا، وبنفاق «عبقري» يُصوّرون «حربهم» الإيرانية المذهبية ضد «سنة العراق» باعتبارها حرباً ضد الارهاب. ارهاب النظام الإيراني في حق شعبه المناضل. ينتقل ارهاباً على كل من يعارض هيمنته، تماماً كما حصل ويحصل في لبنان واليمن والبحرين! والواجهة التي تبرر ارهابهم اختزال السّنة العرب بداعش. فهم يعرفون ان داعش مرحلة ولا يمكن ان تستمر إذا انفصلت عن حواضنها الشعبية. ولا يمكن ان يقبل سُنة العراق الذين وُضعوا وراء اقفاص الارهاب ان تتصدر داعش لا طليعة المشهد ولا عمقه التاريخي… والثقافي. نعم! انها حرب «اثنية» فارسية زرداتشية بقناع «شيعي» ضد ما هو عربي او ليس هذا ما تفعله وفعلته اسرائيل عندما وصمت كل الفلسطينيين بالإرهاب لتشويه صورتهم النضالية، وتعميّة الغرب والعالم بأنها تحارب الارهاب! والغريب الأليف ان اسرائيل اليوم تحارب «الإرهاب» الفلسطيني في غزة والضفة (لتعلن يهودية اسرائيل) والنظام السوري كذلك وتزامناً مع النظام الصهيوني يحارب الشعب السوري «الارهابي» تعزيزاً لدولته المذهبية، وكذلك ايران تحارب الارهاب «السني» (الداعشي) لتعزيز سيطرتها الفارسية (الشيعة) على العراق… والأجمل من كل ذلك ان اميركا وعلى رأسها الدكتور اوباما .. يرعى هذه الحروب على «الارهاب» في سوريا والعراق.. وفلسطين واسرائيل بشفافية المثقف الساقط!

ورب صدفة أجمل من ميعاد! أو رُب ميعاد أجمل من كل الصدف!

السابق
حزب الله والحسابات الخاطئة
التالي
أوباما وخيبة أمل طهران