حزب الله يتهم 14 آذار بإعاقة إقرار زيادة الأجور..

نجحت الهيئات النقابية في لبنان في تحويل كل الاهتمامات باتجاه السعي لإقرار “سلسلة الرتب والرواتب” التي من شأنها زيادة رواتب موظفي القطاع العام والمدرسين، مما أحال ملفي الاستحقاق الرئاسي والوضع الحكومي إلى درجات متدنية في سلم الأولويات المحلية. 


وقاطع نواب قوى “14 آذار” الجلسة التشريعية التي كانت مخصصة يوم أمس الخميس لإقرار السلسلة، لرفضهم النقاش بشأنها داخل الهيئة العامة للمجلس وإصرارهم على وجوب التوافق على أرقامها قبل التصويت عليها. وبلغ عدد النواب الذين حضروا للمشاركة في الجلسة ومعظمهم من قوى 8 آذار 52 نائبا، علما بأن النصاب القانوني لعقد الجلسة التشريعية يتطلب وجود 65 نائبا داخل القاعة العامة. 


وبمسعى لتلقف ردود الفعل النقابية من عدم إقرار السلسلة، أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إبقاء جلسة المجلس التشريعية مفتوحة “تمهيدا للتوافق على موضوع السلسلة ولفسح المجال أمام الاتصالات”، إلا أن هيئة التنسيق النقابية كشفت عن خطة تصعيدية تعدها لمواجهة الفشل المتجدد في إقرار السلسلة. 


وبينما اتهم نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم قوى 14 آذار بإعاقة إقرار السلسلة، معتبرا أنهم “لا يريدون استقرارا سياسيا، ولا يريدون حلا عمليا لمسيرة لبنان”، شدّد نواب وقياديو تيار المستقبل و”14 آذار” على أن مقاطعتهم للجلسة ليست بغاية التعطيل بل لضمان عدم اهتزاز الاستقرار النقدي في حال أقر مشروع السلسلة كما هو مطروح حاليا. وردّت وزيرة المال السابقة ريا الحسن، في تصريح لـ”الشرق الأوسط”، مقاطعة الجلسة من قبل قوى 14 آذار لكون “القسم الأكبر من الإيرادات المطروحة لتغطية السلسلة في معظمها وهمية، باعتبارها مرتبطة بعوامل اقتصادية متحركة كالنمو والتضخم”، لافتة إلى أن “الهم الأكبر هو عدم انعكاس إقرار السلسلة مزيدا من العجز بالموازنة، والبالغ 7700 مليار ليرة لبنانية، والذي يُعد أصلا من أكبر مستويات العجز في المنطقة”. وقالت إن “السير بمشروع السلسلة كما هو قد يؤدي لارتفاع مستويات العجز لتبلغ 8700 مليار ليرة لبنانية”. 


وأشارت الحسن إلى أن “زيادة الضريبة على القيمة المضافة (TVA) من شأنها أن تحد من أخطار إقرار السلسلة والتخفيف من أضرارها، وبالتالي الحفاظ على نوع من الاستقرار المالي والنقدي، باعتبار أن هذه الضريبة يمكن تحصيلها مباشرة وليس كباقي الضرائب التي قد ننتظر حتى العام المقبل لتحصيلها”، مطمئنة إلى أن “رفع هذه الضريبة لن يطال ذوي الدخل المحدود بل الأغنياء الذين يستهلكون سلعا غير أساسية”. وفي حين وصفت الحسن شروط هيئة التنسيق النقابية بـ”المستعصية”، توقعت أن تمر السلسلة، مشددة على وجوب أن يحصل ذلك “بعد تأمين الإيرادات اللازمة، وإلا سنكون بصدد اهتزاز الاستقرار النقدي”. 


من جهة ثانية، أكّد عضو كتلة “المستقبل” النائب أحمد فتفت التزام قوى “14 آذار” الكامل بالسلسلة “لكن يجب أن تُؤمن عبر مداخيل متوازنة وحقيقية وواقعية، وكل كلام غير ذلك هو غير دقيق”. وقال فتفت خلال مؤتمر صحافي في مجلس النواب أمس “نحن مع حقوق المعلمين والموظفين، وأيضا مع العدالة في البلد، ولكن لن نخضع للضغوط أو الابتزاز، ونحن مع التوازن الاقتصادي”، مضيفا “نحن لا نحضر الجلسات التشريعية، لأن الأرقام لا تُناقش في جلسة عامة، بل تناقش مع الخبراء”. 


وردا على التعديلات التي أدخلت على المشروع الأخير للسلسلة، والتي طالت رواتب العسكريين والأمنيين، شدّد نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل على أن “إنصاف العسكريين في سلسلة الرتب والرواتب واجب وطني وأخلاقي، وهو ليس منة من أحد”، معتبرا أنه “من المعيب أن نبخل على من يبذل الروح والدماء في إعطائه حقوقه”. 


ولكن، في المقابل، هدّدت هيئة التنسيق النقابية بتصعيد تحركاتها بعيد الفشل الجديد في إقرار السلسلة. وقال رئيس هيئة التنسيق النقابية حنا غريب، في مؤتمر صحافي، إن “حقوقنا هي البوصلة في سياستنا النقابية، ومن يقف ضد حقوقنا سنحاول تحييده”، مؤكدا “إننا نريد حقوقنا كما هي بالنسبة إلى زيادة 121 في المائة، ونطالب النواب كافة بأن تكون الضرائب على الأغنياء وليس الفقراء”. وأكد غريب المضي في الإضراب ومقاطعة تصحيح الامتحانات الرسمية، معلنا عن خطوات تصعيدية سيتم الكشف عنها اليوم الجمعة. كذلك تحدث نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوظ في المؤتمر الصحافي عينه عن “خطة تصعيدية تتم دراستها”، محملا النواب “ما سيؤول إليه مصير الطلاب”، بسبب إصرار النقابة على مقاطعة تصحيح الامتحانات للضغط باتجاه إقرار السلسلة. 


وكانت وزارة المالية اللبنانية توقعت مطلع الشهر الحالي أن يتسع عجز الميزانية إلى 7669 مليار ليرة (4.88 مليار دولار) في العام الحالي، أي ما يعادل 10.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مع نمو الإنفاق وارتفاع مدفوعات الدين العام وبقاء الإيرادات مستقرة. وتوقعت الوزارة في تقرير نمو الاقتصاد بنسبة اثنين في المائة في 2014. 


ويُذكر أن متوسط النمو الاقتصادي في لبنان بلغ 8 في المائة في الفترة الممتدة من عام 2007 حتى 2010، لكنه تراجع بشدة منذ ذلك الحين بسبب تداعيات الأزمة السورية، علما بأن البنك الدولي قدر بنحو 7.3 مليار دولار قيمة خسائر الاقتصاد اللبناني جراء الحرب في سوريا. 

السابق
تنظيم داعش كان عبارة عن عملاق نائم في العراق
التالي
مفكر إسلامي أردني: لمحاربة فقه الإرهاب الذي سيتجاوز حدود العراق