عون يلوّح بإجراء الانتخابات النيابية ويعرف أن القرار بيد حزب الله

ميشال عون

يقول أحد الوجوه البارزة في قوى 14 آذار انها تمر حالياً بمرحلة تصريف الأعمال مثلما هي الحال القائمة في البلد، ويعزو السبب الى انها تنتظر ما سيؤول اليه الحوار الجاري بين تيار «المستقبل» و «تكتل التغيير والإصلاح» برئاسة العماد ميشال عون، على رغم ان عضو التكتل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل يُشعر مجلس الوزراء بأنه يستقوي بهذا الحوار على رئيس الحكومة تمام سلام ويحاول أن يبتدع خريطة طريق جديدة لتنظيم العلاقة في داخله، مع انه يدرك ان تصرفاته تتناقض والنصوص الواردة في الدستور حول كيفية إدارة المرحلة المترتبة على تعذر انتخاب رئيس جمهورية جديد.

ويؤكد هذا الوجه البارز أن باسيل لا يملك القدرة على إيجاد ناظم جديد للعلاقات داخل مجلس الوزراء على حساب التقيد باتفاق الطائف، وبالتالي يحاول أن يتشاطر لبعض الوقت لئلا يتجاوز حدوده من جهة ويفرّط بالحوار المفتوح بين «تكتل التغيير» و «المستقبل» الذي لن يساوم مهما كلف الأمر على الصلاحيات المناطة برئيس الحكومة.

ويخشى من ان يكون عون يفكر في استحضار التجربة المريرة التي مر فيها لبنان نتيجة تعذر انتخاب رئيس جديد عام 1988 خلفاً للرئيس أمين الجميل الذي عيّنه رئيساً للحكومة العسكرية واستقوى في حينه بنصفها لمنع عقد البرلمان لانتخاب الرئيس.

ويعتقد أن عون وإن كان يدرك ان الظروف السياسية التي كانت وراء تعيينه رئيساً لحكومة عسكرية آنذاك تغيرت، فإنه في المقابل لا يتردد في إقحام البلد في مغامرة سياسية جديدة، خصوصاً انه دخل المعترك السياسي من باب الفراغ في سدة الرئاسة الأولى…

ويحمل الوجه البارز إياه بشدة على عون ويتهمه بأنه يعشق الفراغ وهو يتلاقى في إصدار الأحكام بالنيات عليه مع ارتفاع منسوب المخاوف لدى عدد من السفراء الغربيين المعتمدين لدى لبنان من ان يستعيد عون التجربة نفسها التي خاضها في العام 1988 ما لم ينتخب رئيساً للجمهورية باعتبار انه لن يتخلى عن شعاره «أنا أو لا أحد».

وتوقف المصدر أمام حرص كيري على مهادنة «حزب الله» وعدم استخدامه المنصات الرسمية التي تحدث منها لإطلاق صواريخ سياسية مناوئة له، وإلا لم يكن مضطراً لدعوته الى التعاون مع روسيا وإيران لوضع حد للحرب الدائرة في سورية.

ويؤكد المصدر ان دعوة عون الى إجراء انتخابات نيابية لاختيار برلمان جديد لانتخاب الرئيس تبقى في حدود المزايدة وممارسة الضغط ليأتي الرفض من 14 آذار ويسارع الى استغلاله شعبوياً مع انه يعرف قبل سواه ان القرار في هذا الخصوص يعود أولاً وأخيراً الى «حزب الله».

ويتابع «ان عون عودنا على اتخاذ مواقف في السابق أوحى من خلالها بأنه لن يتراجع قيد أنملة، لكنه اضطر للرضوخ لإرادة «حزب الله» وبادر الى صرف النظر عنها. وإلا لماذا اضطر الى انتخاب ميشال سليمان رئيساً للجمهورية على رغم انه كان يعارض انتخابه، أوَلم يستجب لرغبة الحزب في هذا الشأن؟».

وعليه، فإن القرار في خصوص إجراء الانتخابات يبقى بيد «حزب الله»، الذي سيزين موقفه ليتأكد مما اذا كان استمرار انخراطه في القتال الدائر في سورية الى جانب الرئيس بشار الأسد يسمح له بالانصراف الى الداخل من أجل التحضير لخوض هذه الانتخابات أم أنه سيبارك التمديد كما فعل في التمديد الأول للبرلمان تاركاً لحليفه عون الاعتراض عليه.

إلا ان هذا الوجه البارز يرى ان إجراء الانتخابات في المهلة المحددة لها والواردة في صلب التمديد للبرلمان قد لا يعدل في ميزان القوى بشكل يدعو عون للاطمئنان الى ان حظوظه لن تتراجع في خوض الانتخابات الرئاسية مع انه يعتقد ان أمامه فرصة قد تكون الأخيرة للوصول الى الرئاسة وإلا سيكون في وضع مشابه لوضع عميد حزب «الكتلة الوطنية» الراحل ريمون إدة الذي عرف عنه أنه المرشح الدائم للرئاسة.

لكن عون يريد ان يزايد في دعوته الى إجراء الانتخابات ظناً منه انه الأقدر على إعادة خلط الأوراق السياسية وصولاً الى استغلال تعذر إنجازها ليوجه رسالة الى اللبنانيين بأنه الأقوى مسيحياً وأن هناك من يمنعه من الوصول الى القصر الجمهوري في بعبدا، وهو بحث جدياً مع بري في اجتماعهما الأخير إمكانية إعادة إدراج قانون الانتخاب على جدول أعمال الجلسات التشريعية ليؤكد عزمه على خوضها.

وفي المقابل تتفاوت الآراء داخل 14 آذار من احتمال إجراء الانتخابات النيابية في أيلول (سبتمبر) المقبل، أي قبل انتهاء فترة التمديد للبرلمان في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، اذ إن بعض الأطراف فيها بدأوا يعدّون العدة لمواجهة كل الاحتمالات بما فيها خوض المعركة الانتخابية وعدم الاستخفاف بإتمامها، بينما البعض الآخر لم ير حتى الساعة ملامح تدفع في اتجاه الاعتقاد بأنها ستجرى وأن لا مجال للتمديد للبرلمان…

السابق
’حزب الله’: دورنا في سورية أصبح مطلباً عالمياً
التالي
مواطن قضى شنقا في كفرزبد