لبنان: الفراغ الرئاسي يعطّل التشريع في البرلمان

كتبت “الشرق الأوسط” : حدّد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري التاسع من يونيو (حزيران) المقبل موعدا جديدا لانتخاب رئيس جديد، في جلسة ستكون الأولى بعد دخول لبنان رسميا مرحلة “الشغور الرئاسي” بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان أول من أمس. ويبدو أن من أولى نتائج الشغور تعطيل التشريع في البرلمان، ما سيؤدي إلى الإطاحة بقانون زيادة الأجور للعاملين في القطاع العام والذي من المقرّر أن يستكمل البرلمان درسه اليوم خلال جلسة تشريعية سبق لبري أن دعا إليها. وأعلن كل من فريق 14 آذار، وكتلة النائب ميشال عون مقاطعة الجلسات التشريعية في ظل الشغور الرئاسي، فيما اعتبر “حزب الله” أن شغور الرئاسة لا يمكن أن يعطل الحياة السياسية.

ونقل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي عن بري بعد لقاء بينهما، “حرص رئيس مجلس النواب على تعيين موعد لجلسة الانتخاب ليبقى على الجلسات متتالية، ويكون هناك ضغط حقيقي واتصالات مستمرة لانتخاب رئيس الجمهورية”.

ولا تزال المواقف الرئاسية من قبل فريقي 8 و14 آذار، على حالها لجهة تمسّك كل منهما بمرشّحه. إذ يتمسّك فريق 14 آذار، برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مرشحّا “بانتظار ما سيعلن عنه الفريق الآخر” وفق ما يقوله النائب في كتلة المستقبل جان أوغاسبيان لـ”الشرق الأوسط”، وهو ما أشارت إليه مصادر في قوى 14 آذار، جازمة بأن فريقها لن يتراجع عن ترشيح جعجع قبل أن يتراجع “فريق 8 آذار” عن ترشيح عون.

وقالت المصادر ذاتها لـ”الشرق الأوسط” إنّ مراجع دبلوماسية غربية وعربية بدأت تحث بشكل جدي في اتجاه البحث بما يعرف بـ”لائحة بكركي”، أي تلك التي تضم الوزراء السابقين زياد بارود وروجيه ديب ودميانوس قطار، إضافة إلى سفير لبنان لدى الفاتيكان جورج خوري، وهو الأمر الذي اعتبره أوغاسبيان “سابقا لأوانه، باعتبار أننا لسنا في وارد حرق أسماء مرشّحين في غياب وضوح الفريق الآخر”.

من جهته، يستمر فريق “8 آذار” بمقاطعة الجلسات وعدم التفاوض بغير اسم النائب ميشال عون، رغم رفض الأخير إعلان ترشيحه رسميا. وقال رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد إنه “عندما تتوافر الظروف الجدية للترشيح يمكن أن نحضر جلسة الانتخاب المقبلة”، علما أنّ عون، لا يزال يعوّل على نتائج المباحثات المستمرة بينه وبين رئيس الحكومة السابق، رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، لإيصاله إلى سدة الرئاسة.

وكان أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لفت إلى المفاوضات بين عون والحريري، أوّل من أمس، وهو ما كرّره وزير الثقافة ريمون عريجي، المحسوب على تيار المردة، أمس، بقوله إن “الاتصالات بين عون والحريري لها حظوظ بالوصول إلى النهاية”. وأعلن عون أنه “حين تصبح المعركة جدية وليست مناورة، نرى إذا كنت سأعلن ترشيحي”، مؤكدا أنّ “المفاوضات مع تيار المستقبل مستمرة والتمديد للرئيس السابق ميشال سليمان طرح على جميع الأفرقاء”.

ورأى عون في مؤتمر صحافي صباح أمس، أنّ “شغور موقع رئاسة الجمهورية ضرب للميثاقية ويجعل من شرعية أي سلطة مشوبة ومنتقصة”. وقال: “لا يجوز أن ننتخب رئيسا مقبولا من الطوائف الأخرى ومرفوضا من نصف أبناء طائفته”، مشددا على “العمل لإنهاء الشغور الرئاسي بأسرع وقت، ونحن نريد رئيسا قويا حتى لو كان بصلاحيات محدودة”.

من جهته، دعا رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد إلى “اختصار زمن الشغور الرئاسي ليصل اللبنانيون إلى تحقيق آمالهم بانتخاب رئيس جديد”. وقال بعد لقائه رئيس الحكومة السابق سليم الحص، إنه “عندما تتوافر الظروف الجدية للترشيح يمكن أن يحضروا جلسة الانتخاب في 9 يونيو”.

بدوره، شدّد رئيس “حزب الكتائب” أمين الجميل، على أن “الحل الوحيد لملء موقع الرئاسة لا يكون إلا من خلال شخص توافقي مقبول من الجميع”، مشيرا بعد لقائه النائب هنري حلو، المرشّح الرئاسي من قبل النائب وليد جنبلاط، إلى أنه “لا حل إلا في مد الجسور ويمكن أن يعطينا هذا الحل الحوافز للوصول إلى مرشح توافقي”.

وبينما أعلنت هيئة التنسيق النقابية التي تقود تحرّك موظفي القطاع العام للمطالبة بزيادة الأجور، إضرابا اليوم وغدا، وهدّد الموظفون بشل الإدارات العامة ومقاطعة الامتحانات الرسمية، حسم معظم الفرقاء اللبنانيين قرارهم بمقاطعة الجلسات التشريعية في ظل الفراغ الرئاسي، الأمر الذي سيطيح بجلسة البحث بـ”سلسلة الرتب والرواتب” المقرّرة اليوم، باستثناء حزب الله الذي أعلن مشاركته في الجلسة، فيما ستستمر مشاركة الأفرقاء كافة في إطار الحكومة التي انتقلت إليها صلاحيات رئيس الجمهورية، بعدما كانت معلومات قد أشارت في وقت سابق إلى توجّه عون لسحب وزرائه.

وفي هذا الإطار، أكّد النائب في كتلة المستقبل، جان أوغاسبيان لـ”الشرق الأوسط” أنّ “نواب فريق 14 آذار، اتخذوا قرارا بالإجماع بمقاطعة الجلسات التشريعية باستثناء تلك التي تهدف إلى تكوين السلطة واستمراريتها، وذلك رفضا منها الدخول في مزايدات شعبوية”. وأشار أوغاسبيان إلى أنّ “نواب 14 آذار”، أبلغوا بري أنّهم “ليسوا ضدّ إقرار سلسلة الرتب والرواتب بل على العكس من ذلك هم يدعمون إقرارها، لكنهم طرحوا عليه حلا يقضي بإعادتها إلى اللجنة النيابية المكلّفة دراستها، وعندما تتوصّل إلى نتائج نهائية بشأنها، عندها يحضر النواب للتصويت عليها”، موضحا أنّه “لا يجوز تكريس مفهوم الفراغ في الرئاسة والسير في العمل التشريعي وكأن شيئا لم يكن”.

كذلك، أكّد “حزب الكتائب” بعد اجتماع لمكتبه السياسي، أنّ مقاربته لكل الحالة السياسية الراهنة “تستند إلى الدستور وأحكامه، وإلى الميثاقية وأغراضها العليا. ومن هذا المنطلق، فهو يتعاطى مع مجلس النواب كهيئة انتخابية لا اشتراعية، مما يرتب عليه الشروع في انتخاب رئيس للبلاد دون إبطاء، كما يقتضي على الحكومة التقيد النصي بالدستور واعتماد سياسة الضرورة وممارسة صلاحياتها وكالة لا أصالة عن رئيس الجمهورية”.

ولم يختلف قرار تكتل التغيير والإصلاح، لجهة المشاركة في جلسة اليوم التشريعية، عن نواب 14 آذار، إذ أكّد التكتّل بعد اجتماعه الأسبوعي، على أنه “لا تشريع ميثاقيا وسدة الرئاسة شاغرة إلا عند توافر مصلحة الدولة العليا أو إقرار قوانين لتصحيح السلطة ما يعني قانون انتخابات عادل”.

وأشار في بيان تلاه الوزير السابق سليم جريصاتي، إلى أن “المطلوب متابعة الاتصالات للتوافق على قانون السلسلة وحينها يبنى على الشيء مقتضاه، وبالتالي ما دام لا توافق فلا مصلحة عليا من وراء هذا المشروع”.

في المقابل، أكد رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد، “إننا سنشارك في جلسة بحث السلسلة ونعتبر هذا الأمر ضروريا لأنه حق لمطالب اللبنانيين”، مشيرا إلى أن “شغور موقع الرئاسة لا يمكن أن يعطل الحياة السياسية في البلد”.

بدوره، قال وزير الثقافة ريمون عريجي إن “تيار (المردة) لن يقاطع الجلسات الحكومية لأنها تأخذ صلاحيات الرئيس بالوكالة بحسب الدستور”، واستبعد في الوقت عينه أن تقرّ سلسلة الرتب والرواتب في جلسة اليوم، آملا أن “تصل الحكومة إلى نتيجة متوازنة بين حقوق الناس وإمكانية الدولة”.

السابق
تمديد الفراغ وتعطل التشريع: لا سلسلة اليوم
التالي
ممثلة ايرانية تواجه عقوبة الجلد بسبب قبلة…فتعتذر