ما لا تعرفونه عن ’موارنة اسرائيل’

بعدما انهمرت حملة التعليقات على البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على خلفية إعلانه زيارة الأراضي المقدسة في الرابع والعشرين من أيار الحالي لاستقبال البابا فرنسيس، خرج الراعي عن صمته ليقول:” الاراضي المقدسة موجودة ونحن موجودون فيها قبل ان تولد اسرائيل”، واضاف “ولايتي تمتد على سائر المشرق ولن ارافق البابا بل سأستقبله بالقدس.”

ولإيضاح ما يحصل تتعدد الاسئلة، لتطرح نفسها…ما هي البطريركية المارونية في اسرائيل؟ وما دور البطريرك الماروني كبطريرك على سائر المشرق تجاه الموارنة في الاراضي المقدسة وككردينال في الفاتيكان، وكيف يتم التعاون والاهتمام بالموارنة في تلك الاراضي المحتلة؟

وبحسب موقع ابرشية حيفا المارونية، اشارت المعلومات الى ان عدد الموارنة يبلغ اليوم حوالى 3000 نسمة في حيفا فقط، حيث يتكوَّن الإكليروس الماروني في فلسطين المحتلة من نائب بطريركي يقيم عادة في القدس منذ العام 1895م، إضافة إلى رئيس أساقفة صور والأراضي المقدسة الذي يقيم في صور، ويمثّل هذا الإكليروس أتباع الكنيسة المارونية من الفلسطينيين الذين يسكن معظمهم مدن الجليل وقراه في شمالي فلسطين المحتلة.

وتفيد الوثائق المارونية والفلسطينية بأنّ الموارنة هم أقدم سكان الناصرة المسيحيين، حيث استدعاهم الرهبان اللاتين من لبنان عام 1630م  لبناء الدير والكنيسة في الناصرة ، وقد وردت في سجل الطائفة، المحفوظ في الكنيسة المارونية في المدينة، فقرة يعود تاريخها إلى عام 1769م  تشير الى أنّ كاتبها سافر إلى جبل لبنان، وقابل البطريرك يوسف الغسطاني وأخبره عن حال الطائفة، وطلب منه أن يرسل لهم كاهناً، وهكذا كان.

يذكر انه في عهد البابا لاون الثالث عشر، عين البطريرك الماروني بولس مسعد بطريركا على سائر المشرق فعُين آنذاك أول راعي وممثل للبطريركية المارونية لرعية حيفا الاب بولس كسّاب، وفي27/1/2014 عيّن الأب الأقدس المطران موسى الحاج رئيسا على أساقفة حيفا والأرض المقدسة للموارنة، ومدبراً رسولياً للكرسي الأسقفي الشاغر في عكا، مع كامل الصلاحيات والواجبات لرعاية الأبرشية.

اذا للبطريرك الراعي وجود غير مباشر في تلك الاراضي وكبطريرك هو المسؤول الاول والمرجع الاول للكنيسة المارونية في الاراضي المحتلة ، فماذا لوكان بابا الكنيسة يريد زيارة الاراضي المقدسة…هل تقف مهام الراعي الدينية امام الصراعات السياسية ؟ وان حاولت الخلافات السياسية ان تعطل مهامه كـ”بطريرك” هل تعطل مهامه كـ”كردينال”؟

كل هذه الاسئلة رد عليها الراعي، مؤكدا انه ليس ذاهباً ليرافق البابا بل ليستقبله ، مشددا على ان  القدس هي مدينة المسيحيين قبل كل الناس”، وقال:”ذاهب لأقول انها مدينتنا، وهي القدس العربية، ولدي رعية هناك وشعب وانا ذاهب عند شعبي والى بيتي وانا ملزم برعاياي”، مضيفا: “ان الاراضي المقدسة موجودة ونحن موجودون فيها قبل ان تولد اسرائيل”، سائلاً: “هل من الممنوع ان ازور شعبي؟”

وفي هذا السياق ، أكد مدير المركز الكاثوليكي للاعلام في لبنان الأب عبدو أبو كسم في حديث لموقع “الجمهورية” الا أهدافا سياسية للزيارة ولا صحة على الاطلاق لاي لقاء سيجمع الراعي بمسؤولين اسرائيليين، لافتاً الى ان البطريرك  لن يرافق قداسة البابا أو يحضر معه أي لقاء سياسي، ورأى ان الراعي اليوم يقوم بواجباته الكاملة كبطريرك ماروني وككردينال في الفاتيكان.

هذا وكان رئيس أساقفة حيفا والأراضي المقدسة للموارنة المطران موسى الحاج قد علق على زيارة الراعي  شارحاً  وضع الموارنة في فلسطين المحتلة، مشيرا الى ان لا هجرة لافتة للموارنة، بل على العكس هم موجودون ويريدون العودة الى قراهم المهجّرة منذ عام 1948، ورأى الحاج أنّ زيارة البطريرك الراعي هي بحد ذاتها نافذة أمل وستحمل الرجاء لمن يؤمنون بدور بكركي، وبشخص البطريرك المعروف بمواقفه وحيويّته وإصراره على نصرة المظلوم والمقهور والمعذب، معتبراً انها المرة الأولى التي يزور فيها بطريرك ماروني الاراضي المقدسة منذ سنة 1948 ، وان الزيارة تأتي تشجيعا للمؤمنين على القيام بواحباتهم الروحية.

وتجدر الاشارة الى ان غبطة البطريرك تلقى دعوة رسمية من الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقائه، وبحسب المعلومات فان الراعي سيلبي الدعوة…اذا فان الراعي لن يحتك بأي مسؤول سياسي اسرائيلي بل على العكس سيغتنم فرصة وجوده في الاراضي المقدسة المحتلة من قبل العدو الاسرائيلي لزيارة الرئيس الفلسطيني…اليس هذا تصرف يدعو الانتباه الى ان الراعي يعترف بفلسطين كأرض محتلة ويؤكد على موقفه العدائي تجاه اسرائيل؟

ختاماً، رغم كل ما قيل وسيقال عن هذه الزيارة يبقى: هل سيذهب الراعي بمفرده الى القدس أم أن بطاركة ومطارنة مسيحيي الشرق سيرافقونه؟

السابق
الجميل: الاتصالات التي قمت بها ايجابية جدا
التالي
خرق بحري اسرائيلي للمياه اللبنانية