الجمهورية : الرئاسة وسالسلسلة» على المحكّ

الرئيس بري

كتبت “الجمهورية” : فيما يتربّع الاستحقاق الرئاسيّ على عرش الاهتمامات ويتصدّر حركة المرشّحين والعاملين على خطّه، لم يظهر بصيصُ أملٍ بَعد في إمكان الوصول إلى توافق على رئيس جمهورية جديد قبل جلسة الانتخاب المقرّرة الخميس المقبل، ما يعني أنّها ستلقى مصيرَ الجلسات السابقة، فيطير نصابها، في انتظار موعد انتخابيّ جديد، بينما جدّدت بكركي تحذيراتها من مَغبّة الفراغ في سدّة الرئاسة، وحمّلت المسؤولية للسّاعين إليه والمتسبّبين به. في الموازاة، يبقى مصير استحقاق مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب على المحكّ، في انتظار نتائج المشاورات بين الأطراف السياسية، في محاولةٍ للاتّفاق على مخرج، وسط تصميم هيئة التنسيق النقابية على المضيّ في إضرابها، وصولاً إلى “يوم الغضب الكبير” بعد غدٍ الأربعاء.

ثلاثة أيام حاسمة في شأن استحقاق الرئاسة في لبنان، تتوقف على نتائج الاتّصالات الدولية التي ستبدأ اعتباراً من اليوم. وعلمت “الجمهورية” أنّ هذه الاتّصالات لن تكون على مستوى سفراء، ولا على مستوى وزراء خارجية، إنّما على مستوى رؤساء دول مَعنيّة مباشرة بالشأن اللبناني، وإذا تكلّلت بنتائج إيجابية متبادلة بين الإتحاد الأوروبي والفاتيكان والولايات المتحدة الأميركية وروسيا، فقد تُترجَم بموقف لسفراء هذه الدول، إمّا مجتمعاً وإمّا منفرداً في لبنان.

ولكنّ هذه الإتصالات ما كانت لتحصل على هذا المستوى لو لم يكن هناك تهديد جدّي للإستحقاق الرئاسي، وشعور المرجعيات الدولية باحتمال شغور منصب رئاسة الجمهورية.

وفي هذا السياق كُشِف النقاب عن مسعى فاتيكاني مُهمّ حصلَ في الساعات الـ48 الماضية لحَضّ المجتمع الدولي على القيام بأيّ مبادرة ممكنة لضمان إجراء الإنتخابات الرئاسية، إذ إنّ الفاتيكان يعتبر أنّ شغور منصب رئاسة الجمهورية اللبنانية إذا أُضيف إلى ما يحصل للمسيحيين في سوريا وما حصل لهم في العراق ومصر، إنّما يشكّل شبكة متكاملة لإضعاف الوجود المسيحي في الشرق الأوسط.

مرجع بارز
وقال مرجع بارز لـ”الجهورية” أمس إنّه لم يطرأ بعد أيّ جديد على صعيد الاستحقاق الرئاسي، وإنّ المعطيات المتوافرة حتى الآن تشير إلى أنّ جلسة الخميس المقبل قد تلقى مصير سابقاتها، علماً أنّ نوّاباً وشخصيات في “التيار الوطني الحر” وتيار “المستقبل” يتحدّثون عن “أجواء إيجابية” حول إمكانية توصّل الطرفين إلى اتّفاق على أن يكون رئيس تكتّل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون مرشّحاً توافقياً لرئاسة الجمهورية.

وأشار هذا المرجع إلى أنّ المعطيات المتوافرة عن المواقف الأميركية والسعودية والإيرانية تؤكّد أنّ هذه المواقف تشجّع على إنجاز الاستحقاق الرئاسي ضمن المهلة الدستورية، وأنّ كلّاً من واشنطن والرياض وطهران ليس لديها أيّ مرشّح، وأنّها تدعم أيّ مرشّح يتّفق عليه اللبنانيون. وقال المرجع نفسُه إنّ هذا الموقف تبلّغه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي من السفيرين السعودي والإيراني علي عواض عسيري وغضنفر ركن آبادي اللذين استقبلهما الأسبوع الماضي.

وقال برّي أمام زوّاره أمس، ردّاً على سؤال، إنّه “لا تزال هناك فرصة للبنَنة الاستحقاق الرئاسي على اللبنانيين أن يقتنصوها”.
وردّاً على سؤال عن الانطباع الذي بدأ يتكوّن ومفادُه أنّ إنجاز الاستحقاق الرئاسي قد يتأخّر حتى أيلول المقبل، قال برّي إنّه “في حال لم يُنجِز هذا الاستحقاق ضمن المهلة الدستورية، فإنّ ما بعد 25 أيّار الجاري لن يكون كما قبله، إذ سيكون هناك شعور أكبر بالمسؤوليّة لدى الأفرقاء المعنيّين من أجل انتخاب رئيس جمهورية جديد في أسرع وقت”.

بكركي تُحذّر
وإلى ذلك، كرّر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي دعوته إلى إنجاز الإستحقاق الرئاسي في موعده. وأكّد أنّ “الفراغ في سدّة الرئاسة الذي يُخشى منه، أو الذي يعمل له البعض، على ما يبدو، نرفضه والشعبَ المخلصَ للبنان رفضاً مطلقاً، لأنّه يطعن بالميثاق الوطني من جهة، كون هذا الفراغ يلغي مكوِّناً أساسيّاً من مكوِّنات الوطن، وهو المكوِّن المسيحي، ويطعن بالدستور من جهة أخرى، ولأنّ الفراغ يناقض المسؤولية الدستورية التي توجِب على النوّاب انتخابَ رئيسٍ للجمهورية بحُكم المادّتَين 73 و75 من الدستور”. واعتبرَ “أنّ أيّ تفسير آخر هو مناورةٌ للوصول إلى الفراغ ورَمي البلاد في المجهول”. وحذّرَ من مَغبّة هذا الأمر، مُحمِّلاً مسؤوليته التاريخيّة للساعين إليه أو المتسبّبين به.

“حزب الله”
في الموازاة، اعتبر “حزب الله” أنّ “أيّ كلام عن مسألة الفراغ أو التهويل بهذا الأمر يتحمّل مسؤوليته الجميع، ولا تُلقى المسؤولية على فريق دون الآخر”. وقال الوزير محمّد فنيش: “إنّ الموضوع لم يعُد يتعلّق بتأمين النصاب أو بعقدِ جلسة، بل بالتوافق على شخص الرئيس، لأنّ في ظلّ الإنقسام الحاصل يستحيل أن يأتي أيّ مرشّح لأيّ فريق، بمعزل عن مواصفات تؤدّي إلى الوفاق حول شخص هذا المرشّح”.
وبدَوره، اعتبر نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الشيخ نبيل قاووق أنّ “الإصرار على ترشيح شخص استفزازيّ من فريق 14 آذار هو قرار بالفراغ الرئاسي. وفي المقابل فإنّهم عندما يسحبون مرشّحهم الإستفزازي يفتحون بذلك الأبواب أمام التوافق على رئيس يؤتمَن على الثوابت الوطنية”.

السفير السوري
ووسط هذا المشهد، نأت سوريا بنفسها عن الملف الرئاسي اللبناني، وأكّد سفيرها علي عبد الكريم علي أنّ بلاده “لا تتدخّل في الانتخابات الرئاسية في لبنان، وتحرص على أن يصل إلى اختيار من يمثّل مصلحته”، وأبدى تفاؤله في الوصول الى رئيس “يحفظ للبنان موقعَه واستقلاله وسيادته”. وإذ اعتبر أنّ عون “رجلٌ له تاريخه ووطنيته وقراءته، وفيه مواصفات نراها جديرة في التقدير”، تمنّى “وصول الأكفأ والأكثر حفاظاً على المقاومة، إلى الرئاسة”.

الجميّل يواصل اتّصالاته
وفي هذه الأجواء، يواصل رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل جولاته هذا الأسبوع في إطار مبادرة “إنقاذ الجمهورية”، وستشمل كلّاً من رئيسي الجمهورية العماد ميشال سليمان ومجلس النوّاب نبيه برّي والبطريرك الماروني والرئيس نجيب ميقاتي ورئيس كتلة “المستقبل” فؤاد السنيورة، علماً أنّ الإتصالات الجارية مع قيادة “المستقبل” وقوى 14 آذار مستمرّة.

بريح ودير القمر
على صعيد آخر، واصلَ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان استعداداته لرعاية احتفال إنجاز المصالحة في بلدة بريح الشوفية السبت المقبل في 17 الجاري، بين المقيمين الدروز والعائدين، بعدما أنجزَت وزارة المهجّرين ترتيباتها وأصدرت قرارات إخلاء المنازل المشغولة من الغير وإعادة الممتلكات إلى أصحابها المسيحيّين العائدين إلى البلدة.
وذكرت مصادر مُطّلعة لـ”الجمهورية” أنّ كلمة سليمان في المناسبة ستأتي في سياق سلسلة المواقف التي اتّخذها في الفترة الأخيرة منذ خطاب “يوم الأرض” في الكسليك، واستكمله في خطاب افتتاح “مدينة ميشال سليمان الرياضية في جبيل”.
وسيُذكّر مجدّداً بالثوابت الوطنية التي تحدّث عنها في الفترة الأخيرة وصولاً إلى خطاب الوداع. وعلمت “الجمهورية” أنّ سليمان سيُلقي خطاباً آخر خلال رعايته احتفالاً في بلدة دير القمر بعد مصالحة بريح بيومَين.

تمهيداً لـ”يوم الغضب”
وفي انتظار جلسة الخميس، ستطغى سلسلة الرتب والرواتب على الاستحقاق الرئاسي، استعداداً لجلسة الأربعاء المخصّصة لها، بحيث سينعقد اليوم اجتماع في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة تمّام سلام، وحضور عدد من الوزراء المختصّين وأعضاء من اللجنة النيابية التي درست السلسلة، وذلك بغية التوصّل إلى الخلاصات التي من شأنها أن تساعد على إقرار السلسلة بالصيغة التي تُرضي الجميع وتراعي مصلحة الدولة ووضعها المالي.
وعلمت “الجمهورية” أنّ نتيجة هذا الاجتماع ستؤخَذ في الاعتبار خلال اجتماع اللجان الينابية غداً، علماً أنّه إذا لم يتمّ التوصّل إلى هذه الصيغة فإنّ جلسة الأربعاء ستناقش مشروع السلسلة بنداً بنداً كخَيار من أجل الوصول إلى إقرارها حتى لو تطلّب الأمر عقد جلسات عدّة لهذه الغاية.
مطلبيّاً، تبدأ “هيئة التنسيق النقابية” اليوم تنفيذَ برنامج الإعتصامات التمهيدية استعداداً لـ”يوم الغضب” الكبير المتوقّع بعد غدٍ الأربعاء، تزامُناً مع انعقاد الجلسة النيابية المخصّصة للبحث في مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب. وتشمل التحرّكات المقرّرة اليوم: إعتصام عند العاشرة والنصف صباحاً أمام وزارة الشؤون الاجتماعية في بدارو، وتنفيذ تجمّعات واعتصامات أمام السرايات الحكومية في كلّ من طرابلس وصيدا والنبطية وزحلة وبعلبك والهرمل وراشيا وجب جنين وجونية وعاليه وبعقلين.
وفي سياق متّصل، أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي رفضَها تقرير اللجنة النيابية حول سلسلة الرتب والرواتب. ورأت أنّه “تجاوزَ كلّ الخطوط الحُمر، فلم يترك شيئاً إلّا ووضعه في دائرة الاستهداف، وطرحَ تمويل السلسلة على حساب الفقراء وأصحاب الدخل المحدود بما نسبته (50%)”.
ودعت الهيئة إلى “إسقاط هذا المشروع المِسخ يوم 14 أيّار ليكون يوماً للغضب”. وتحضيراً لذلك، أكّدت الهيئة استمرار الإضراب االيوم وغداً في الثانويات الرسمية ودُور المعلّمين.
من جهة أخرى، أكّد موظّفو وزارة المال المُضيّ قدُماً في الإضراب التامّ والشامل، وإقفال كلّ مراكز وزارة المال حتى تحقيق المطالب. ودعوا زملاءَهم الموظفين في كلّ المناطق إلى التجمّع امام وزارة المال مبنى TVA عند العاشرة صباح غدٍ والانطلاق في تظاهرة مركزية في الحادية عشرة في اتّجاه مستديرة العدلية والإعتصام على الطرُق المؤدية إلى السوديكو وكورنيش النهر وجادّة سامي الصلح وأوتوستراد إميل لحود.

خرقٌ إسرائيليّ جديد
من جهة ثانية، كشفَ الرئيس برّي عن خرقٍ إسرائيلي جديد للسيادة اللبنانية تجاوزَ الخط الأزرق وغيرَه في منطقة اللبونة، حيث أقدَم الإسرائيليون على قلع شجرتين وسحبِ “بلوك” الباطون المسلّح التابع للجيش اللبناني إلى موقعِهم في المنطقة. وقد استنكرَ برّي هذا الخرق الجديد مستغرباً عدمَ حصول أيّ ردّ فعل عليه، وقال إنّه سيثيرُه اليوم مع ممثّل الأمين العام للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي الذي سيزوره في عين التينة.

ودعا برّي وزارة الخارجية إلى التحرّك وتقديم شكوى إلى الامم المتحدة حول هذا الخرق، ملوّحاً بأنّه قد يدعو إلى وقف اجتماعات اللجنة الثلاثية في الناقورة والتي تضمّ ممثلين عن لبنان وقوّات “اليونيفيل” وإسرائيل، معتبراً أنّ هذه الاجتماعات لا تعالج الخروقات الإسرائيلية المتزايدة والمستمرّة.

السابق
الحياة: بلامبلي يطلق دعوة غربية دولية لانتخاب الرئيس اللبناني في موعده
التالي
البلد : الراعي: الفراغ في سدة الر ئاسة يلغي المكون المسيحي