حيادية الانترنت أسطورة ؟

يذكر جيرارد بيليكس، رئيس الأمن في “منتدى اثينا” الذي يضم شركات ومتخصصين في المعلوماتية، ان حيادية الإنترنت مسألة متجددة وتخضع لإدارة سيئة. يعطي المدرس في مدرسة “باريس تك” للإتصالات التعريف الآتي: “تبنى الحيادية على إيصال مجموعة معلومات من نقطة أ إلى نقطة ب، مهما كانت النقطتان ومن دون أي تغيير أو تفضيل أو قمع. وتتنافس على الإنترنت ثلاث طبقات:

أولاً الشبكات المادية حيث يتم نقل المعلومات،

ثانياً البروتوكولات والتطبيقات التي تنقل المعلومات، ثالثاً الدلالات المؤدية إلى المعلومة”. يضيف ستيفان بورتزماير: “على المستخدم أن يكون قادراً على فعل كل ما يشاء”. 

 أحد المشاركين في نقاش عنوانه “هل هي أسطورة حيادية الإنترنت؟”. قال: “استقل القطار دون أن تستفسر الشركة الوطنية لسكك الحديد الفرنسية (SNCF) عن طبيعة سفري أشخصياً كان أم مهنياً، ولا عن نوع الحقيبة التي استخدمها، وبالتالي يجب أن يكون الأمر مماثلاً في عالم الانترنت”.   

مبدأ الحيادية يرمي اذاً إلى إستعمال الانترنت في شكل شفاف ومتكافئ وعادل تجاه البيانات الصادرة والمستخدمين، ولكن يصعب فهم هذهالضمانة بالشكل الصحيح. في منتصف شهر كانون الثاني الماضي، اعادت محكمة الإستئناف الأميركية النظر في مواضيع حماية وحيادية الانترنت في الولايات المتحدة وجددت بالتالي النقاش فيها.

أما في أوروبا فينبئ التصويت على رزمة الإتصالات المستقبلية، بوصول “عروض متباينة على الانترنت” يدفع المستخدم خلالها رسم إشتراك وفقاً لعدد الخدمات المتاحة مثل يوتيب وسكايب وغوغل. يؤكد ستيفان بورتزماير أيضاً أن “حيادية الانترنت مهددة بالفعل”. وغالبية طرق الدخول إلى الانترنت والمعروفة بـ”غير المحدودة”، تقيد عند البيع كالمحادثات الصوتية أو الفيديوية VoIP [عبر صوت NDLR، IP] وذلك في خدمة الجيل الثالث 3G أو منافذ الشبكة.

ويبقى السؤال: “هل يمكن أن تتمتع شبكة الانترنت بصفة الحيادية؟” ويجيب جيرار بليكس: “قطعاً لا، فحيادية الانترنت مجرد أسطورة”. يشرح بليكس أيضاً أن “الانترنت شبكة استثنائية، فهي أداة صممت بالأساس على مبدأ الحيادية، غير أنها بدأت تفقد هذه الميزة شيئاً فشيئاً. وإن رغبت في الشيء اليوم، فاشتره”.

“وداعاً للحيادية؟”

هذا ما يقوله خبير “منتدى أثينا” شارحاً أنه لا يمكن الإنترنت أن تعود إلى حياديتها بحيث أصبحت هذه الشبكة ساحةً للصراع بين ثلاثة أنواع من الفاعلين. ويصطدم الدفاع عن مصالحهم المختلفة بالحيادية التي تشكل عائقاً في طريقهم إلى تحقيق الأرباح. يشرح بليكس أن: ” كل ذلك يسبب تعارضاً بين كل من مقدمي شبكة الانترنت FAI ومزودي الخدمات (مثل برنامج “غوغل”) وموفري المعلومات (كموقع “ويكيبيديا”).

فيستثمر بالتالي الـFAI ملايين الأورو بهدف تأمين شبكات ذات فاعلية عالية يستفيد منها مزودو الخدمات فيجنون منها أرباحاً هائلة من خلال ?قط اتاحة الفرصة للوصول إلى المحتوى أي إلى المعلومات. فالكل يدفع للكل وفي النهاية لا يدفع سوى العملاء، سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق مشاهدة الإعلانات”. يشير بليكس كذلك إلى “عدم تساوي الجميع أمام الانترنت” وهي حقيقة شوهت اليوم حيادية الانترنت بسبب مصالح البعض المادية. وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قال عندما كان مرشحاً للرئاسة ان من الضروري حماية مبدأ حيادية الانترنت كشكل من أشكال ضمان حرية التعبير وعدم التمييز وحماية طابع المصالح المشتركة الأساسية للبنى التحتية الرقمية. إلا أن وزير الإقتصاد الرقمي أوضح أنه “ما من حاجةٍ ملحةٍ الى التشريع”، لكن الحكومة وعدت بإبرام قانون من اجل “حماية الحقوق الرقمية” بعد استشارة المجلس الوطني للإقتصاد الرقمي الذي يدعم بدوره التشريع.

السابق
جريح في حادث سير على طريق صور العباسية
التالي
من كل الاعمار يستخدمون التواصل الاجتماعي للعلاقات