جنبلاط ينحاز للأدب في زمن الكوليرا… في رحيل ماركيز

أدلى رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة “الأنباء” الالكترونيّة جاء فيه:

برحيل الكاتب والروائي والصحافي الكولومبي غابريال غارسيا ماركيز يفقد الأدب والفكر مؤلفاً متميّزاً طبع العالم الحديث بالعشرات من الكتب والروايات والقصص التي دمجت بشكل فائق الدقة بين الواقع والخيال، لامست حدود الأسطورة دون أن تنقطع عن الواقع الاجتماعي وتعكسه بشكل أدبي رفيع. صاحب (مئة عام من العزلة، الحب في زمن الكوليرا، خريف البطريرك) وغيرها من الروايات الشهيرة
لقد إعتبر الأديب الراحل أن الخيال هو أداة لحسن توظيف الواقع، ورأى أن العمل الروائي ما هو إلا تمثيل مشفر للواقع، وهو الذي كشف ذات مرّة أن رواياته وإنتاجه الأدبي مرتكز برمته إلى هذا الواقع الذي حاول، بأسلوبه وعلى طريقته، أن يسعى إلى التغيير فيه. صحيحٌ أنه لم ينضم إلى أي حزب سياسي، كما كرر أكثر من مرّة، إلا أنه تأثر بالاشتراكيّة وتمسك بها معرباً عن فهمه الخاص لها بأنها تعني التقدّم والحريّة والمساواة.
رسم من خلال مؤلفاته مشهداً لأميركا اللاتينيّة التي تعلق بها، وقد إنتقد بشكل لاذع في روايته الشهيرة “خريف البطريرك” السلطة الديكتاتوريّة حيث إعتبر أن الزعيم الديكتاتوري يظهر كشخصٍ فاسدٍ مثيرٍ للاشمئزاز، دائم التعطش للدماء، بيده سلطة غير عادية ويخشاه جمع الناس. وكم من ديكتاتور في عالمنا المعاصر تنطبق عليهم هذه المواصفات، وهي ما يفسّر شلالات الدماء التي تتساقط في أكثر من بلد وموقع!
تأثر ماركيز بأربعة من أعلام الأدب المعاصر إنعكس في رواياته المتنوعة، وفي طليعتهم، الكاتب الأميركي إرنست همنغواي والكاتب الايرلندي جيمس جويس والكاتبة الانكليزية فيرجينا وولف والكاتب الأميركي ويليام فوكنر الذي كان الأكثر تأثيراً على مجمل عمله الأدبي والروائي.
لقد سعى غابريال غارسيا ماركيز إلى الاستفادة من موقعه المعنوي والأدبي والاجتماعي لتوظيفه في صالح إحلال السلام فشارك في الكثير من مباحثات الصلح بين أطراف متصارعة من أبرزها الدور الذي أداه في مفاوضات الحكومة الكولومبية مع جيش التحرير الوطني والتي أجريت في كوبا، وسواها من المفاوضات السياسيّة.
كان جازماً في وقوفه إلى جانب حركات التحرر حول العالم، وناصر القضيّة الفلسطينيّة والشعب الفلسطيني في نضاله لنيل حقوقه الوطنيّة المشروعة.
حاول ماركيز مقاربة السياسة من موقعه دون أن يغرق في وحولها ويومياتها، وسعى لاحداث التغيير من خلال قلمه وفكره وأدبه فوصل إلى أوسع الشرائح الاجتماعيّة في أميركا اللاتينيّة وحول العالم أجمع. لقد كان علماً مميّزاً من أعلام الأدب المعاصر.

السابق
ميقاتي وكرامي: سنأخذ بعين الاعتبار مشاعر الطرابلسيين بجلسة الانتخاب غدا
التالي
جنبلاط: انتقد السلطة الديكتاتورية وكم من ديكتاتور في عالمنا في أكثر من بلد!