الشرطة وثقافة الاستقواء في لبنان

في حديث مع أحد الأصدقاء منذ يومين تقريبا، أخبرني عن طريقة تعامل شرطة البلدية معه منذ فترة. كان الشاب عائداً إلى منزله في ساعة متأخّرة من اللّيل حين اقترب منه رجال البلدية ليسألونه عن أوراقه الثبوتية. لم يوافق الشاب وأعطاهم عوضاً عن ذلك اسمه الثلاثي فما كان منهم إلّا أن بادروا بالاعتذار منه وتركه يمضي في حال سبيله.

في حديث مع أحد الأصدقاء منذ يومين تقريبا، أخبرني عن طريقة تعامل شرطة البلدية معه منذ فترة. كان الشاب عائداً إلى منزله في ساعة متأخّرة من اللّيل حين اقترب منه رجال البلدية ليسألوه عن أوراقه الثبوتية. لم يوافق الشاب وأعطاهم عوضاً عن ذلك اسمه الثلاثي فما كان منهم إلّا أن بادروا بالاعتذار منه وتركه يمضي في حال سبيله.

ربما ليس هذه الحادثة على درجة عالية من الأهمية إذ أنّها تحدث في لبنان في مناطق مختلفة. ولكن صديقي سألني: “ماذا يفعل هؤلاء بالأشخاص الذين ليس لهم من يحميهم؟ ماذا يفعلون مثلاً بالسوريين؟”. هذا التساؤل أعاد إلى ذهني حظر التجول الّذي فرضته بعض البلديات على السوريين في مناطق مختلفة “خوفاً على أمن  المواطن”. الصديق الذي تعرّض للمضايقة البسيطة شعر بالغضب فماذا عن الضعفاء؟

“قلت لهم أنّ تصرفاتهم هي الّتي تنتج اللّصوص والخارجين عن القانون”، أخبرني صديقي وهو يشير إلى تعنّت بعض رجال الأمن في لبنان. بالنسبة إلى حالة هذا الشاب، “قطعت الخبرية” ولكن بالنسبة إلى أشخاص آخرين ليس لهم اسم ثلاثي يحدث صدى، هناك حوادث عدة تلعب فيها الشرطة وخصوصاً البلديات دور “القبضاي” عن غير حق.

ليس الأمر كذلك مع شرطة البلديات فحسب بل أيضاً هي ممارسات تلجأ إليها بعض عناصر القوى الأمنية الأخرى الّتي تتغاضى مثلاً عن تحرير ضبط مخالفة لبعض الأشخاص حين يظهرون أوراقهم الثبوتية ويتضّح أنّهم أقرباء “فلان وعلّان”.

المؤسف أيضاً أنّ لدى المواطنين أيضاً هذه الثقافة. إثر مروري على حاجز جيش منذ مدّة، رفض أحد المواطنين أن يتوقّف كما طلب منه الجندي أن يفعل فاضطر العسكري أن يصرخ. توقّف عندها المواطن وراح “يتمرجل” على الجندي ويقول له “أين الضابط؟ أين المسؤول عنك؟”. انتهت الحادثة بزحمة سير خانقة وبإيجاد حل “حبّي” للإشكال بعدما اتّضح أنّ هذا المواطن له صلاته داخل السلك العسكري.

عن مسافة، كنت أراقب المشهد بأسى وأنتظر أن “يمشي السير”. تذكّرت أيضاً كيف كان بعض رجال الأمن يأكلون الكعك يومياً من أمام السرايا في طرابلس و”ينسون” أن يدفعوا ما يفترض أن يشتروه. وانا متأكّدة أنّ قارئ هذه السطور لا بدّ أن يتذكّر مشاهد مماثلة عن الفساد. والسؤال برسم كل الأجهزة الأمنية: لماذا التمييز في المواطنة؟ لماذا لا تكون الشرطة في إطارها السليم؟ ومن يراقب هذه الأجهزة الّتي يفترض بها أن تراقب أمننا لا أن تستعمل صلاحياتها في غير مكانها؟

السابق
جنبلاط جعل بهيج أبو حمزة عبرة لمن اعتبر؟
التالي
قتله في ابيدجان وتمّ القبض عليه في لبنان