حملة تنبه من خطر المحارق

انطلقت حملة تنبه لخطر تبني خيار حرق النفايات لتوليد الطاقة. تضم الحملة مجموعة من الجمعيات في لبنان، ترى ان هذا الخيار الذي تبناه مجلس الوزراء العام 2010، أي منذ اربع سنوات، ولزم شركة لدراسة جدواه وتم التحضير لمشروع قانون لتنظيمه وعقدت عشرات الجلسات لمناقشته… غير صالح لبلد مثل لبنان القسم الأكبر من نفاياته المنزلية عضوية ولا يفترض حرقها. كما تتطرق الحملة الى الكلفة المرتفعة لهذا الخيار الذي يعتبر الأغلى عالميا للتخلص من النفايات. يفرض أعباء ماليّة ضخمة على المجتمعات المحليّة للإنشاء والتشغيل، مع مصاريف صيانة باهظة. وتؤكد الحملة ان عملية الحرق هي عملية تقنية معقدة تتطلب خبرات عالية ومتخصصة بالرقابة وبالتشغيل لا يمتلكها لبنان. كما لا يمكنه المحافظة على المعدلات العالمية للانبعاثات… ما اضطر العديد من المحارق في البلدان المتقدمة للإقفال بسبب إخفاقها في عدم تجاوزها، معتبرة ان هذه الانبعاثات بحاجة لإجراء فحوصات دورية مستمرة باهظة الثمن والقليل من البلدان تملِك الموارد التقنية والبشريّة لفحصها وغالباً لا تُحتسب كلفة هذه الفحوصات ضمن كلفة التشغيل.

وتؤكد الحملة على الملوثات التي ستنتج من المحارق بنسبة٢٠% من رماد من أصلها 5% Fly Ash، وهي بحسب الشركة الاستشارية المعتمدة “مواد سامة ينبغي معالجتها وفق طرق خاصة قبل طمرها. على سبيل المثال يتم ترحيل هذه المواد السامة الناتجة من مراكز التفكك الحراري في الدول الأوروبية الى مطامر خاصة لهذا الغرض في ألمانيا والنروج” فأين ستطمر في لبنان؟

ماذا نحرق؟
كما ترى الحملة ان المواد التي ستوضع في المحارق كالبلاستيك والحديد والورق ونفايات الحدائق، لها قيمة أكبر إذا ما إستعملت كمواد خام بدلا من إستعمالها كفيول للمحارق. وانه بالفرز يمكن استرداد 400 دولار لكل طن من البلاستيك، و1300 دولار لكل طن من التنك… بالاضافة الى الورق والكرتون.
وبرأي المعترضين ان المحارق تعتمد على رأس المال و التقنيات والخبرات الأجنبية اكثر منها على اليد العاملة المحلية. وتستلزم مستشارين وخبراء مختصين في عملية التشغيل والصيانة والمراقبة، يفتقر لبنان لخبراتهم وسيكلف الكثير من الأموال سنوياً… في حين أن اعتماد خيار إعادة التدوير تعتمد على رأسمال قليل والكثير من اليد العاملة المحلية. كما تنبه الحملة الى ان وجود المحرقة في مجتمعات تعتمد على التدوير غير المُنظَّم، قد يجبر عمّال جمع المواد القابلة للتدوير على نقل أعمالهم من آخر سلسلة النفايات الى أوَّلها لسحب المواد الأكثر قيمة وذات الطاقة الحرارية العالية التي تعتمد عليها المحارق. وهذا ما يؤثر في تركيبة وكمية المواد المعدّة للحرق التي تؤثر بدورها في نوعية الحرق. وان اية محاولة لمنع هؤلاء العمال من غزو الحاويات سيؤدي الى مشاكل اجتماعية.
كما ترى الحملة ان هذا الخيار يتعارض مع اتفاقية استكهولم، التي صدقها البرلمان اللبناني عام 2002، والتي تقر أن جميع محارق النفايات تشكل مصادر أساسية للديوكسين… وهي مواد مسرطنة. تعهدت الحكومات إلغاء هذه المواد الخطرة واللجوء الى وسائل بديلة لإدارة النفايات التي تحول دون إنتاجها بحلول سنة ٢٠٢٥. كما رأت “ان القوانين والمعاييرعندنا منسوخة عن تلك الموجودة في البلدان الصناعية المتقدمة من دون اي دراسات جدية عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والتقني ومستوى المهارات والبنية الادارية المحلية لبلدنا”.

الخطة البديلة المقترحة
في المقابل تقترح الحملة، على المدى القصير، إنشاء معامل فرز وتسبيخ في مختلف المناطق اللبنانية مع طمر ما تبقى من العوادم في أماكن ملائمة الى أن تصبح الخطة المقترحة متكاملة. واعطاء حوافز جمركية للشركات التي تسترد نفاياتها وبعضها موجود في لبنان. ووضع حوافز تُشجِّع المواطنين على الفرز من المصدر تماشيا مع مبدأ “الملوث يدفع. وتطوير صناعة التدوير لتأمين تصريف المواد التي تفرز.
مصادر بيئية اخرى متابعة اكدت لـ”السفير” ضرورة اعادة النظر بالخطة الحكومية واعادة النظر بخيار حرق النفايات، كما اكدت من جهة اخرى على الاخذ بمطالب الحملة المبدأية فقط، لناحية تشجيع الفرز واعادة التصنيع. الا انها استغربت غياب الخطط الاستراتيجية عند الحكومة والوزارات المعنية اولا وعند الحملة المعارضة ثانيا، معتبرة ايضا، ان استراتيجية التخفيف من انتاج النفايات وتغيير نظم الانتاج والاستهلاك هي المدخل الضروري لأي استراتيجية يفترض ان تتبناها الحكومة والمجتمع.

السابق
عائلة الضحية منال العاصي: السير في الملفّ حتى النهاية
التالي
الميادين: الجيش السوري يسيطر على رنكوس في ريف دمشق