إخفاقة بنغازي أخرى

عقد الجمهوريون الأربعاء جلسة استماع بنغازي رقم 1.372.569 من الأخذ والعطاء، وكانوا مصممين هذه المرة على الوصول إلى إثبات ما استعصى عليهم في المرات الـ1.372.568 الماضية، وهو أن مسؤولي إدارة أوباما وضعوا السياسة قبل الأمن القومي. ولحسرة المتهمين كانت الجلسة مثل سابقاتها. وصب المشرعون القانونيون جام غضبهم مرة أخرى على مايكل موريل، النائب السابق ومدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) بالإنابة، والرجل الذي راجع محاور النقاش السيئة السمعة التي تقول إن هجمات سبتمبر (أيلول) 2012 على المرافق الأميركية في بنغازي كانت نتيجة احتجاج. محاور النقاش أساسية بالنسبة للجمهوريين، الادعاء بأن الرئيس باراك أوباما حاول إخفاء الطبيعة الحقيقية للهجمات الإرهابية، بسبب الانتخابات الرئاسية التي كانت بعد أسابيع قليلة من ذلك الوقت.
موريل، وهو ضابط استخبارات متقاعد الآن عمل تحت ستة رؤساء وكان مع الرئيس جورج بوش الابن في فلوريدا يوم الهجمات الإرهابية عام 2001، يتمتع بالمصداقية اللازمة لتأييد نظريات المؤامرة التي ظل الجمهوريون يطلقونها حول بنغازي. ولكنه بدلا من ذلك استغل الفرصة النادرة للجلسة العلنية لتفنيد الاتهامات. وشهد قائلا: «لم أسمح قط للسياسة بالتأثير على ما أقوله أو أفعله.. ولم تكن أي من تصرفاتنا نتيجة تأثير سياسي في العملية الاستخبارية، كما لم يقم البيت الأبيض بأي تغييرات كبيرة على محاور النقاش ولم يطلبوا مني ذلك». وأطلق على محاور النقاش التي اتضح أنها خطأ، «أفضل معلومات كانت متوفرة لدينا حينها». فهل تناقش مع أي أحد في البيت الأبيض حول طبيعة محاور النقاش؟ «لا يا سيدي». ما هي مرئياته حول المعلومات الزائفة التي صرحت بها سوزان رايس يوم الأحد بعد الهجمات؟ «ما قالته حول نشوء الهجمات بصورة تلقائية من الاحتجاجات كان ما ورد في محاور النقاش بالضبط». ماذا عن الادعاءات بأن شخصا ما في الإدارة أوعز إلى الجيش بعدم المساعدة ليلة الهجمات؟ «إني على علم بعدة طلبات للدعم من وكالة الاستخبارات المركزية إلى الجيش تلك الليلة، وقد اعتمدت تلك الطلبات وجرت الاستجابة لها».
وأدى إنكار المسؤولين السابقين لأي نوع من المخادعة بالجمهوريين إلى الغضب في الجلسة مما تسبب في فقدان النائب الجمهوري عن ولاية جورجيا لين ويستمورلاند التحكم في ألفاظه. فعند محاولته التوصل إلى معنى سيئ في تغيير الـ«سي آي إيه» لكلمة «الهجمات» إلى عبارة «المظاهرات العنيفة»، شرح قائلا: «لو كانت هناك مظاهرات لرأيت الناس يتمارضون ويفعلون أشياء.. ولم يشاهدوا أي شخص يتمارض».
يتمارضون؟ لعل النائب توقع أن يشكو الإرهابيون من السعال المستمر. أما النائب الجمهوري بيتر كينغ فأطلق عددا من الإهانات تجاه الشاهد غير المتعاون، وقال إن موريل إما أنه «يضلل بالامتناع» أو «يكذب بالامتناع» ويخالف «التزامك تجاه هذه اللجنة». ومضى كينغ ليقترح أن هناك أمرا يدعو إلى الشك حول عمل موريل مع مسؤول وزارة الخارجية السابق فيليب رينس (ولا يهم إن كان الشريك الآخر هو الجمهوري رئيس لجنة الاستخبارات السابق في الكونغرس)، وحول أن موريل أصبح معلقا لشبكة أخبار «سي بي إس»، حيث إن رئيسها ديفيد رودس شقيق بن رودس مستشار الرئيس أوباما (ولا يهم إن كانت شبكة أخبار «سي بي إس» هي الشبكة التي تطلق رواية مليئة بالإدانة ولكنها زائفة حول الرد على هجمات بنغازي).
ويقول كينغ «عندما تنظر إلى المسألة برمتها تعرف سبب وجود الأسئلة عند الناس». مثال للأسئلة ما وجهه النائب عن ولاية كاليفورنيا دين نيونز إلى موريل حول ما إن كان «تآمر» مع البيت الأبيض. واختارت النائبة عن ولاية مينيسوتا ميشيل باكمان تجاوز الأسئلة لصالح الاتهامات فقالت متهمة موريل بتغيير محاور النقاش للبيت الأبيض «أعتقد أن المعلومات في مجملها جرى التعتيم عليها وكان هناك تضليل مقصود للشعب».
واجتذب نائب ولاية ميشيغان مايك روجرز الذي تقاعد عن تقديمه لبرنامج للنقاش، تذمر بعض المحافظين حول عدم كفاية تحمسه حول قضية بنغازي. ويجب أن يساعده عرض يوم الأربعاء الرائع على أولئك المنتقدين، لأنه أعطى الفرصة للمشرعين القانونيين الجمهوريين لتنفيث غضبهم.
أما أكثر النواب غضبا أو على الأقل أعلاهم صوتا فكان النائب عن ولاية نيوجيرسي فرانك لو بيوندو الذي ظل يصيح طوال قراءته بيانه: «إننا نتناول محاور النقاش ونسأل من قال هذا وهل قال رئيس المحطة ذلك، لكن خلاصة الأمر هي أنه يوجد أناس طلقاء قتلوا أميركيين، وهم يحتسون شراب كوكتيل (ماي تاي) أو غيره، ونحن عاجزون عن فعل أي شيء حيالهم».
نقطة جيدة. ربما يتخلص الجمهوريون عن هاجسهم بشأن محاور النقاش التي ظلت لمدة 19 شهرا، ويبدأون في السؤال عما يمكن فعله أكثر من ذلك للنيل من أولئك الأشرار.

السابق
الموت يأخذ إجازة
التالي
شبلي العيسمي وعار البعث السوري