«الإيبولا» القاتل لم يصل بعد

لم يصل «الإيبولا» الى لبنان بعد. لا إصابات سابقة ولا حالية، إلا أن عودة المرض القديم الى القارة الأفريقية أثار المخاوف من احتمال دخول الأراضي اللبنانية أحد المصابين به، الأمر الذي استدعى القيام بإجراءات احترازية اتخذتها رئاسة مطار رفيق الحريري الدولي من خلال تعميم موجه الى شركات الطيران العاملة فيه، وتقضي بتزويد مركز الحجر الصحي في المطار بأسماء المسافرين الوافدين من دول غينيا، سيراليون وليبيريا. والى اليوم الإجراء مجدٍ حيث لم تلحظ أي حالات بين اللبنانيين الهاربين بأطفالهم ونسائهم من المرض، إلا أنّ الحذر واجب بالنظر الى شراسة المرض الذي لا يرحم ولا يمهل المصاب في الحياة أكثر من ثلاثة أيام يكون فقد خلالها دمه النازف من كل عضو في الجسد قبل أن ينفجر كبده.
وعلى الرغم من بشاعة المرض، يطمئن رئيس قسم الحجر الصحي في المطار حسن ملاح الى أنّ لا حالات لغاية اليوم، مشيراً الى أن «الركاب يخضعون على الأرجح قبل السفر من المناطق المصابة الى فحص طبي للتأكد من خلوهم من الإصابة، ويمكن خلال الرحلة التعرف الى أي عوارض تظهر على المسافرين، وهو الأمر الذي يجعلنا نتأهب مسبقاً لمتابعة أي حالة مشكوك بأمرها. إلا أنه لغاية اليوم لا حالات سجلت ونتوقع أن ينجو لبنان ويتجاوز هذه الفيروسات بفعل التأهب والجهوزية».

وفي حال ظهرت في الأيام المقبلة حالات مشكوك بها، فإن الآلية تكون: «نقلها فوراً الى المراكز الصحية التي تُعنى بالحالات الجرثومية». أما اللقاح، فيأسف ملاح الى أنه ما زال غير متوافر وليس بالإمكان سوى الوقاية والحذر.

وعن أعداد اللبنانيين القادمين من أفريقيا، يقول: «أول من أمس وصل على متن الطائرة المغربية نحو 60 لبنانياً من هناك، واللافت أن الطائرة كانت ممتلئة إلا أن لا إصابات وهذا المهم».

وبحسب الطبيب عادل صعب (مركز الشويفات الطبي)، فإن المرض قديم في أفريقيا قبل أن يتجدد أخيراً. ويوضح: «هذا المرض يصيب الجلد ويؤدي الى تفسّخه وتآكله محدثاً نزيفاً وتشوهات».

ويلفت صعب الى أن «لا لقاح للوقاية من هذا الفيروس لغاية اليوم. ويكون انتقاله عن طريق اللمس. أما مسألة العلاج فتتم للعوارض المرافقة للمرض وليس للمرض». ويخمّن: «قد يكون هذا المرض ناتجاً عن مختبرات الأسلحة الجرثومية».

ما هو «الإيبولا»؟

بحسب المعلومات المتوافرة عن فيروس «الإيبولا النزفية»، فإنّه يصيب الإنسان وبعض أنواع القرود، وهو معدٍ ويتصف بالشراسة.

اكتشف المرض للمرة الأولى سنة 1976، ومن حينها ظهرت أنواع مختلفة منه مسببة أوبئة تكون نسبة الوفيات فيها من 50 الى 90 في المئة في كل من زائير والغابون وأوغندا والسودان.

واكتشف المرض في بلدة تقع على طرف غابة تسمى كيكويت في زائير، حيث كان هناك بائع يعد فحمه النباتي في عمق الغابة ويحزمه ويحمله على رأسه. وفي العام 1995 شعر الرجل بأنه مريض، ووقع على الأرض مرتين وهو في طريقه من الغابة إلى البيت، وعندما وصل قال إنه مصاب بصداع. وفي خلال الأيام القليلة التالية تدهورت حالته فنقلته عائلته إلى مستشفى كيكويت العام. وهناك أخذ الدم يتدفق بشكل يتعذر ضبطه من أنفه وأذنيه، ثم توفي في 15 من الشهر نفسه. وسرعان ما صار آخرون من عائلته، ممن لمسوا جسده، مرضى. وبحلول شهر آذار مات اثنا عشر فرداً من أقربائه اللصقاء. وفي أواسط نيسان ابتدأت هيئة العاملين في المستشفى وآخرون يمرضون ويموتون مثل الرجل وعائلته، وبسرعة انتشر المرض إلى بلدتين مجاورتين في المنطقة، وصار محتماً طلب المساعدة.

وبقيام أحد العلماء بجمع عينات من دم المرضى وإرسالها إلى مراكز مكافحة الأمراض في اطلانتا، أميركا، وجد أن المرض هو «الإيبولا».

وكانت بُذلت جهود دولية للقضاء على المرض وتجاوب المجتمع الدولي وبدأ التبرع بالمال والمعدات الطبية، واستقلت فرق الباحثين الطائرات من أوروبا، جنوب أفريقيا والولايات المتحدة. حيث كان لمجيئهم هدفان: الأول هو المساعدة على ضبط تفشي المرض؛ الثاني هو اكتشاف مقر إقامة الفيروس.

وللمساعدة على إيقاف الوباء، قام العمال في حقل الصحة بالبحث في كل شارع للعثور على أي شخص تبدو عليه أعراض المرض، وكان المريض يُحمل إلى المستشفى، حيث يمكن أن يوضع في محجر صحي ويُعتنى به بشكل آمن، والذين يموتون كانوا يلفون بشراشف بلاستيكية ويدفنون فوراً. وقد شنت حملة واسعة لتزويد عمال العناية الصحية والناس عموماً بمعلومات دقيقة عن المرض.

فتّاك

ويصنّف الفيروس بأنّه فتّاك جداً بحيث جعل العلماء في أطلانتا يدرسونه في مختبر شديد الأمان مبنيّ بجهاز تهوية يمنع تسرب أي ميكروب ينتقل بالهواء. وقبل دخول المختبر يرتدي العلماء بذّات فضاء واقية ويستحمون بالمطهرات عندما يغادرون. وكان الأطباء الذين وفدوا الى كيكويت قد حملوا معهم ملابس وقائية وقفازات وقبعات تُرمى بعد استعمالها، ونظارات واقية وبذلات خصوصية تغطي الجسم كله فلا يخترقها الفيروس. وبالمقارنة، افتقر معظم سكان كيكويت إلى المعدات والمعرفة لحماية أنفسهم، وخاطر آخرون بحياتهم أو خسروها عمداً بسبب الاعتناء بأحبائهم المرضى، وكانت النتيجة خسائر فادحة في الأرواح حيث أباد الفيروس عائلات بكاملها.

الانتشار

ينتشر الفيروس في السودان وزائير وغابون وساحل العاج، وهو يشابه فيروس ماربورغ، وإلى يومنا هذا لم يتم التعرف بالضبط على الناقل الفيروسي الرئيسي.

وتنتقل العدوى من إنسان إلى إنسان عن طريق اتصال خارجي أو داخلي من شخص مريض، أو عند استخدام شفرات تعود للمريض، أو عند انتقال سوائل الجسم بما فيها المني، أو عند اتصال قطرة دم من المريض على العينين حيث أن الفيروس له القدرة على دخول إلى الشعيرات الدموية والانتشار في كامل الجسم.

وفي بداية الأمر لا يظهر على المريض أعراض حمى الإيبولا بل أعراض حمى فيروس ماربوغ. يتم التعرف على الفيروس عن طريق فحص دم أو بول أو لعاب من قبل المختبر مع مجهر إلكتروني حديث جداً له القدرة على تصوير الجزيئات.

وبعد حوالى 10 ساعات من انتقال فيروس إيبولا تبدأ الأعراض بظهور رشح (زكام) وصداع وبعد ذلك تبدأ الحمى مع دوران وغثيان وإسهال ونزيف الجلد الخارجي ونزيف الجدران الداخلية للجسم وخروج دم من العينين والأنف والأذنين. وتنتشر العدوى في أنحاء الجسم وتدمر الشعيرات الدموية وأول تفجير عضو داخلي يكون الكبد.

العلاج

تم التوصل في كندا في أحد المختبرات الكبيرة الى علاج نهائي للفيروس المسبب لمرض حمى الإيبولا، حيث تم فحص بنية الفيروس وتشريحة وتم التوصل الى أنه يغطي جسم الفيروس الذي يشبه (دودة طويلة ذيلها ملتوٍ حول نفسه) -»بعد التكبير»- غشاء بروتيني، وتم التوصل الى المادة التي تخترق هذا الغشاء لتقتل الفيروس، لكن حتى الآن ليست هناك معلومات كافية عن طبيعة هذا الاكتشاف أو مدى صلاحيته للاستخدام البشري .

السابق
الجزائر: حملة انتخابية باردة في ربيع ضبابي
التالي
غواصة بريطانية انضمت الى عمليات البحث عن الطائرة الماليزية