النهار: إهتزاز الحكومة بين سليمان و«حزب الله»

الرئيس ميشال سليمان

كتبت النهار : لم يكن اليوم المشحون بالمفاجآت المتعاقبة بين وقائع جولة الحوار في قصر بعبدا قبل الظهر والصدمة الاولى بل القطوع الاول الذي واجهته حكومة الرئيس تمام سلام مساء سوى انعكاس لانفجار المواجهة بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان و”حزب الله” بأفصح وجوهها العلنية والضمنية على مشارف نهاية العهد. 

ذلك ان وقائع اليوم الطويل تلاحقت وسط تداخل كثيف للاولويات الامنية والسياسية مع التحضيرات الجارية لبدء تنفيذ الخطة الامنية الجديدة في طرابلس فجر اليوم وضبط الجيش مساء سيارة مفخخة بأكثر من مئة كيلوغرام من المتفجرات في وادي حميد في عرسال، ومن ثم اعتقال الجيش مجموعة مسلحين سوريين كانوا آتين من سوريا في المنطقة نفسها وقت تصاعدت ايضا ملامح مواجهة اجتماعية على خلفية اعلان هيئة التنسيق النقابية الاضراب والتظاهر غدا احتجاجا على عدم انجاز سلسلة الرتب والرواتب.

لكن التصعيد السياسي المفاجئ الذي ادى الى تعليق جلسة مجلس الوزراء مساء أكثر من ساعة ونصف ساعة سرعان ما احتل صدارة التطورات بعدما بدا واضحا ان المواجهة بين الرئيس سليمان و”حزب الله” تمددت بسرعة لتهدد على نحو مبكر مسار الحكومة في الجلسة الثانية لمجلس الوزراء بعد نيل الحكومة الثقة النيابية.

ومع ان المشكلة التي اعترضت مجلس الوزراء ارتبطت بسبب مباشر هو الخلاف على التعيينات العائدة الى تثبيت اللواء ابرهيم بصبوص مديراً عاماً لقوى الامن الداخلي بالاصالة والقاضي سمير حمود مدعياً عاماً تمييزيا بالاصالة وتجديد ولاية نواب حاكم مصرف لبنان، فان السبب الابعد للخلاف رسم معالم مبارزة تصاعدية حادة بالنقاط بين رئيس الجمهورية و”حزب الله” عقب مقاطعة الحزب امس لجولة الحوار ومضي الرئيس سليمان في اثبات مواقفه من “اعلان بعبدا” ورفعه التسجيل الصوتي لموافقة جميع الاطراف عليه ورقة اسناد في وجه الحزب المتورط في الحرب السورية. واتخذ هذا التطور دلالة حارة عندما عمد الرئيس سليمان في مستهل جلسة الحوار امس الى عرض التسجيل الصوتي لفترة دقيقتين بما يثبت الاجماع الذي حصل على “اعلان بعبدا” في جولة الحوار التي عقدت في 11 حزيران 2012 الامر الذي دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى القول “لا داعي لهذا العرض وهو من باب لزوم ما لا يلزم”.

لكن الرئيس سليمان شدد على اهمية التسجيل “لان ثمة من يقول لنا ان اعلان بعبدا لم يناقش ويدعونا الى ان نغليه ونشرب زومه”. كما ان الجلسة لم تخل من مداخلات ساخنة منها للرئيس فؤاد السنيورة الذي اثار مشكلة سلاح “حزب الله وطريقة تصرفه وخصوصا بعد الخروج على الاجماع الوطني عبر المشاركة في القتال في سوريا”، وشدد على ان “المطلوب لحماية لبنان ولدعم الجيش عدم تحميله اثقالا ومسؤوليات نتيجة تجاوزات وقرارات انفرادية يقوم بها غيره”، معتبرا ان مشاركة الحزب في القتال “الجائر الى جانب النظام السوري هو السبب الاساسي الاكبر للويلات الوطنية التي تعصف بلبنان”.

انتكاسة حكومية

اما جلسة مجلس الوزراء فتعرضت لهزة ادت الى تعليقها أكثر من 90 دقيقة بعدما اعترض وزراء “حزب الله” وأيدهم وزراء فريق 8 آذار و”التيار الوطني الحر” على بند تثبيت اللواء بصبوص والقاضي حمود بداعي المطالبة باجراء التعيينات وفق سلة متكاملة وعدم تمرير دفعة منها من دون بت ما يشكل حاجة ملحة في بعض المراكز ولا سيما منها رئاستي مجلس الخدمة المدنية وديوان المحاسبة، معتبرين ان التعيينات في هذين المنصبين الاداريين أهم من مناصب اخرى وذلك على سبيل المثال لا الحصر. ولفتت مصادر وزارية الى ان الرئيس سليمان وفريقه الوزاري دافعا عن تثبيت بصبوص وحمود نظرا الى الحاجة إلى ملء المركزين في ظل قرار مجلس الوزراء المتعلق بتنفيذ الخطة الامنية. وعلى رغم الانقسام اوضح الوزير حسين الحاج حسن ان “هذه الحكومة هي حكومة توافق ولا يمكن ان تسير الامور بغير توافق”.

وشهدت قاعات القصر اتصالات جانبية كثيفة أدت الى معاودة الجلسة التي انتهت الى تأجيل بند تثبيت التعيينات في المركزين الامني والقضائي الى جلسة اخرى تعقد الاربعاء، على ان تضاف اليهما تعيينات امنية وادارية اخرى. ولكن جرى تمرير التجديد لنواب حاكم مصرف لبنان، كما اقر مجلس الوزراء الهبة السعودية لتسليح الجيش.
وعلمت “النهار” ان الخلاف على التعيينات جاء من وزراء حركة “أمل” و”حزب الله” انطلاقا من ان تعيين اللواء ابرهيم بصبوص والقاضي سمير حمود في منصبيّ المدير العام لقوى الامن الداخلي والنيابة العامة التمييزية يمثل لونا مذهبيا في حين ان هناك شواغر ولمذاهب اخرى لم يطرح موضوع التعيين فيها ولذا تقرر بعد البحث العودة الى مجلس الوزراء غدا الاربعاء برزمة تعيينات لاقرارها دفعة واحدة.

اما في ما يتعلق بتجديد ولاية نواب حاكم مصرف لبنان فإن الجدل أثير حول نائب الحاكم الارمني بسبب رغبة حزب الطاشناق في استبداله بسيدة هي سوزي سمرجيان لكن مطلب الحزب لم يستجب. وفي ما يتعلّق بهبة الثلاثة مليارات دولار من السعودية للجيش، وافق مجلس الوزراء عليها، لكن البروتوكول الخاص بالهبة والذي يجب ابرامه بين ثلاث دول هي السعودية وفرنسا ولبنان طلب وزير الدفاع سمير مقبل سحبه لمعالجة ثغرات فيه. وقد شارف البحث في الجلسة بند النفط لكنه لم يطرح. أما في ما يتعلق بالخطة الامنية فقد علم ان تنفيذها سيتم اليوم. وخلال الجلسة نشبت توترات عدة وقال وزير العمل سجعان قزي لـ”النهار” ان “جو الجلسة قرف”.

السابق
سماع دوي ثلاثة إنفجارات في ايلات جنوب إسرائيل دون معرفة الأسباب
التالي
«اليوم» السعودية: حزب الله فصيل إيراني لا يمت للبنان بصلة